هل أخطأنا في القذافي؟؟؟ - عين ليبيا

من إعداد: نوري الرزيقي

من يصنع الثورة ويقوم بها هم بشر لاشك أن لهم أسباب للقيام بها والمخاطرة بالعديد من الأشياء بأوقاتهم وجهدهم وممتلكاتهم وقد تصل إلى التضحية بأرواحهم في كثير من الأحيان فهل يعقل أن يقوم إنسان أو مجموعة من الناس بثورة وهم يعيشون في أحسن الأحوال وهم يعيشون في بلد مزدهر تتوفر فيه الخدمات المختلفة، الصحية على سبيل المثال ويشمل ذلك المستشفيات والمستوصفات والمواد والمعدات الطبية والدواء وغيرها مما يحتاجه المواطن للعلاج في حالة المرض وما يتبعه من توفر وسائل العناية بالصحة قبل وأثناء وبعد المرض ؟ هل توفّر للمواطنين الخدمات الإدارية في مختلف المجالات فلم يكن يتطلب من المواطن أن يذهب مرات ومرات إلى أي إدارة من الإدارات أو مؤسسة من المؤسسات ليتنقل من مكتب لآخر ويقف ذليلا أمام الموظفين يتقاذفونه بين مكاتبهم ولم يكن للمواطن من حيلة إلا أن يتجرع كأس الذل عن مضض وهو صاغرٌ ..؟ أم هل كان المواطن يمر بذلك كلما أراد قضاء أي عمل في أي إدارة شاء ؟؟؟ فجسّدوا القول : وإذا نزلت بدار ذل فارحل ؟

الحقيقة تقول: أن المواطن كان يعاني من عدم القدرة المادية نتيجة انخفاظ الرواتب وضيق الحال وصلت بالبعض أنه لا يستطيع شراء اللحم فيكتفي في حالات أعرفها بأن يذهب لمحلات الجملة مع نهاية الشهر ليشتري أجنحة الدجاج (تعد الأجنحة أرخص شيء وأكثر مكان يتركز في الدواء الذي يعطى للدجاج) بكمية تكفيه لشهر كان هؤلآء موظفين فكان أحدهم مما أعرف موظفا مصرفيا وكان الآخر موظفا بأحد المشاريع. أما عن العلاج فهاكها: في ليلة من ليال الحزن وما أكثر أيام الحزن ولياليها ؟؟؟ إتصلت بي أم أحد الأصدقاء رحمه الله لتخبرني أنه مريض جدا ركبت سيارتي ولم أكن بعيدا عليه فالمسافة من زاوية الدهماني إلى الساحل بسوق الجمعه قريبة وصلت البيت وأخذت صاحبي إلى المركز الطبي دخلنا إلى الاسعاف فقام الطاقم في تلك الليلة بالواجب من كشف وتحليل وتصوير بارك الله فيهم ثم أخبروني أنه يحتاج إلى نوع من الإبر وطلبوا مني شرائها من الصيدليات الخاصة خارج المركز لأنهم لا يملكون شيئا ؟؟!!! لكم أن تتخيلوا صاحب مريض عوضا عن تلقي العلاج يطلب منه وفي أكبر مركز طبي في عاصمة البلاد أن يذهب ليبحث عن الدواء خارج المستشفى، أهذه دولة !!! ذهبت أتنقل من صيدلية لأخرى باحثا عن الدواء حتى وجدته فأتيتهم به ويالها من ليلة ؟؟؟!! وبقينا حتى فجر ذاك اليوم هكذا كانت حياتنا مليئة بالألم ؟؟؟ ولدينا مزيد.

الحقيقة تقول: أن المواطن كان يعاني مرارة الحياة في عهد قيل ويقال أنه الأفضل !!! مرة علينا شهورا وسنين عجاف يذهب الواحد منا للجمعية الإستهلاكية لينتظر فيعطى علبتي تونه واثنتان من الجبنة وغيرها حسب تعداد الأسرة ويعطى مع البضاعة ملح !!! لماذا فأنا لا أريد ملح، لدي ما يكفيني ؟ يقال لك: هذا مرفق مع البضاعة !!! أمّا الذي تحتاجه مثل صابون غسل الملابس فلا تراه في كثير من الأحيان لأنه محل تجارة وطمع الجشعين. كنا نتنقل بين الأسواق الشعبية لا نبحث عن كبير ولا نطلب مستحيل لكننا نبحث عن علب بسكويت لنطعم أطفالنا ولعلنا نكون محظوظين فنلتقي ونعانق البسكويت في إحد الأسواق عناق المحب فنرجع إلى بيوتنا وكأننا حررنا القدس كما يقال ؟؟؟!!! هكذا كنا ؟؟!!!

الحقيقة تقول: في سنة ما دعي جميع الطلاب للمشاركة في العيد الذهبي لثورة الفاتح من سبتمبر العيد الخامس والعشرين (ثم قالوا لهم ال 25 لا يقال له الذهبي ؟! جهل حتى في التواريخ) فكان الإحتفال كبيرا في العطلة الصيفية وكانت مكافأة الطلاب بنجاحهم في جميع المواد هكذا كان طريق التجهيل إستخدموا كل شيء لضرب التعليم والثقافة وتجهيل الناس فبتجهيل الشعب تقضي على الدولة كاملة فالتعليم هو ركيزة تقدم الأمم، وفي طريق التجهيل كانت كلية الطب تتطلب مجمو عاً عاليا ربما 90% في الشهادة الثانوية ليلتحق الطالب بكلية الطب وما زلت أذكر القائد الأممي !! حين قال في لقاء بجامعة طرابلس يستطيع أي طالب دخول كلية الطب حتى المتحصل على 50% ؟؟؟!! كنت ترى الغش والتخريب يتصاعد وينموا في مدارسنا بتشجيع من الدولة حتى صار الأمر إلى ما صار إليه !!؟؟؟

الحقيقة تقول: تقود سيارتك تتجول في طرابلس عاصمة البلاد التي من المفترض أنها أكثر المدن بناءً واهتماما ولكنك لن تجد شارعا واحدا خال من الحفر إلا ربما نادرا، كانت العاصمة كغيرها تغرق بمياه أمطار الشتاء فلم تشهد تجديد أو اصلاح شبكات صرف المياه منذ تأسيسها في عهد المملكة حتى أننا نستغرب من القذافي ومن معه هل يسيرون في الشوارع التي نسير فيها ويرون من الحفر ما نرى !!؟؟؟ لم ينجوا من التخريب أي قطاع من القطاعات؟؟!!! ماذا بعد ؟

الحقيقة تقول: أننا لم نخطئ في تغيير نظام ساهم في سقوطه بسياساته العشوائية الرعناء، لم نخطئ في إسقاط نظام لم يلتفت لبناء دولة عدل وحقوق ينال فيها المواطن حقوقه دون جميل القائد ولا أحد غيره !! إن حقوق المواطن لا يمنحها الرئيس بل هي حقوق انتماء لتراب هذا الوطن. نحن لا نمجد ما نحن فيه ولا نقول أن حالنا الآن أفضل ولكن لا تستغلوا ما نحن فيه من عبث سياسي وماليّ وانفلات أمني وانحذار أخلاقي لتبييض جرائم النظام السابق في التعليم والأخلاق والإقتصاد والزراعة والصناعة وإذكاء نار الفتنة القبلية لتصوروه لنا وكأنه الفردوس الأعلى فإن كنتم مقارنين فلا تقارنوا بالأسوء قارنوا بالأفضل، وهل هذا ما يريده عاقل من نتائج حكم ما يزيد على أربع عقود ؟؟؟ فمتى تعقلون ؟؟!!!!

الحقيقة تقول: لا تقولوا أن الحال أسوء الآن ويا ليتنا لم نقم بالثورة !! نقول ربما نعم إذا ما اتخذنا المقياس هو المثل القائل:”في الهم ما تختار” ؟؟؟ نحن نؤمن بالتغيير إلى الأفضل وليس الأسوء فمن يريد أن يدعو الله فليدعوه إلى تغيير الوضع إلى الأفضل وأن لا يعود إلى الأسوء ؟! أم استكثرتم على الله أن يغير حالنا إلى أحسن حال !!! من كان داعيا فليدعوه سبحانه أن يغير حالنا إلى ما نتطلع إليه هذه الثانية أما الأولى أن ما أصابنا فمنّا وهي أننا لم ولسنا مهيئين للتغيير لقد نجحنا في تغيير رأس النظام ولكننا لم ننجح في تغيير أنفسنا وهذا هو مربط الفرس، ولن تكون الحقيقة يوماً خطأً ؟



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا