هل سيتحول إضراب المعلمين إلى انتفاضة شعبية عارمة؟! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

منذ عام 2017م يحاول المعلمون في ليبيا إظهار صوتهم والتعبير عن مطالبهم في تحسين ظروفهم المعيشية من خلال زيادة مرتباتهم التي لا تف بمتطلبات الحياة أمام غلاء المعيشة وتمتع فئات محدودة من العاملين في القطاع العام بمرتبات مضاعفة، لقد نظم المعلمون في عام 2017 إضرابا عن التدريس ما نتج عنه تأخر بداية العام الدراسي لأكثر من شهر بعد أن وعدهم المسئولون بتحقيق مطالبهم ومضى العام 2018 و2019 ولم تتحقق المطالب، الأمر الذي جعل المعلمون مع نهاية عام 2019 يشكلون تنسيقية من نقابات المعلمين على مستوى ليبيا لتتولى موضوع المطالبة بزيادة المرتبات بشكل أكثر فاعلية.

وفعلا بمجرد انتهاء العام الدراسي 2018/2019 أعلنت نقابة المعلمين عن خارطة طريق مجدولة زمنيا من خلال وقفات اعتصام مكانية عبر المدن الليبية في فترة العطلة المدرسية حتى لا تتأثر الدراسة بالإضراب في مسعى منهم لتحقيق مطالبهم قبل حلول العام الدراسي الجديد، لكن الجهات المختصة وقفت عاجزة عن تلبية طلباتهم بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الهش الذي تعيشه البلد وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية التي ترتبها زيادة مرتبات المعلمين والتي تقدر بالمليارات نتيجة العدد الضخم من المحسوبين على قطاع التعليم، الأمر الذي دفع النقابات إلى تصعيد موقفها والدعوة إلى إضراب شامل للمعلمين مما سبب في تأخر بداية الدراسة لهذا العام حتى الآن.

وأمام هذا الوضع الصعب وقف المسئولون عاجزين مقابل تعنت كبير من ممثلي النقابات في اغلب مناطق ليبيا، الأمر الذي دفع إلى مطالبة المضربين بتنحية وزير التعليم من خلال وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الرئاسي بطرابلس يوم الإثنين الموافق 28 أكتوبر 2019م ، وجاء ذلك بعد إجراءات اتخذها وزير التعليم منها إصداره لقرارات بالإيقاف عن العمل لمجموعة من مراقبي خدمات التعليم في المناطق وكذلك مجموعة من مدراء المدارس ألأمر الذي أثار حفيظة نقابة المعلمين خاصة بعد صدور قرار آخر من وزير التعليم يقضي بإيقاف مرتبات حوالي 150 ألف من المعلمين الغير مسجلين في ملاك وزارة التعليم حسب قول وزير التعليم نفسه.

ملف التعليم في ليبيا شائك ومعقد وهو يعاني فعلا من عراقيل كبيرة أبرزها العدد الضخم من المحسوبين على القطاع وهو في غنى عنهم نتيجة تعيينات عبثية سواء كانت بالتزوير أو لمجرد إيجاد فرص عمل على حساب العملية التعليمية تراكمت طيلة عقود ثلاثة فشكلت تركة كبيرة يصعب التعامل معها في وقت قصير، إن محاولة وزير التعليم السيد عثمان عبد الجليل الإصلاح لا يمكن انتقادها من حيث المبدأ ولكنها عرضة للانتقاد الكبير من حيث توقيتها وآلية تنفيذها وهنا يكمن الخلل، فقد تجاهل الوزير أن ما يعانيه قطاع التعليم اصبح مشكلة عامة على مستوى الدولة الليبية، ولهذا فإن الإصلاح لا يمكن أن يكون من طرف التعليم وحده، بل باشتراك أكثر من وزارة بما في ذلك طبعا رئاسة الحكومة، ناهيك على أن نجاح الإصلاح يتطلب تنسيقا بين الحكومتين المنقسمتين حاليا وأن تجاهل ذلك يعتبر ضربا من المستحيل.

في خضم هذه التحديات وحالة الحرب التي تعيشها العاصمة وتذمر الليبيين من سوء الأوضاع المعيشية لا أستبعد أن إضراب المعلمين في حالة استمراره سيكون بمثابة شرارة البداية لانتفاضة شعبية عارمة تهز أركان البيت الليبي كله للمطالبة برحيل من يتواجدون الآن في المشهد من حكومات وأجسام هزلية لم تقدم شيئا للشعب الذي يعاني منذ اكثر من 7 سنوات متراكمة، إن معطيات الواقع الليبي المأزوم تخلق مناخا مناسبا ومحفزا لخروج الليبيين عن صمتهم والانتفاض بعد أن بلغ البؤس مداه ونفد ما تبقى من صير وتحمل، فهل سيتحول إضراب المعلمين إلى انتفاضة شعبية عارمة أم أن الأمور ستسير في اتجاه التهدئة وإيجاد حلول ترضي الجميع؟!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا