هل سينجح الأمير البلجيكي في تحصيل أمواله من المؤسسة الليبية للاستثمار؟ - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

يُصر الأمير البلجيكي لوران على مطالبته السلطات الليبية بمبلغ مالي منذ العام 2011م، حيث أن الأمير كان رئيسا لمنظمة غير حكومية، بالتعاون مع الصندوق الاستنمائي العالمي للتنمية المستدامة،  تنفذ برنامج تشجير في ليبيا ضمن مشروع بيئي، قبل أن تُقدم الدولة الليبية في العام 2010م على فسخ العقد، ويستمر في ضغطه على الحكومة البلجيكية بغية تحصيل أموال منظمته من الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، والتي تتبع المؤسسة الليبية للاستثمار التي تؤكد مرارا على أنها مؤسسة مستقلة، ذات ذمّة مالية وقانونية مستقلة عن الحكومة الليبية وبالتالي عدم قانونية أو شرعية تلك المطالبات.

وفي العام  2014م أيّدت محكمة بلجيكية مطالب الأمير بمبلغ 47 مليون يورو، لكن السلطات الليبية المتعاقبة بالتنسيق مع المؤسسة الليبية للاستثمار رفضت ذلك الحكم، غير أنه مع مطلع هذا العام 2021م أعلنت وزارة المالية البلجيكية أنها رفعت التجميد عن جزء من الأرصدة الليبية البنكية المجمدة في بلجيكا، لاقتطاع مستحقات على عاتق الدولة الليبية تُقدر بـ47 مليون يورو لصالح الأمير، فقد صرح وزير المالية البلجيكي فنسنت فان بيتيغيم: إنه لم يعد هناك اعتراض على إخطار لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة باتخاذ هذا الإجراء وفق جريدة “لوسوار” البلجيكية ، وإذا لم تعارض اللجنة ذلك يمكن للمصفّي حينئذ أن يشرع في الإجراءات في بلجيكا لحجز المبالغ المستحقة على الدولة الليبية.

ومعلوم أن بنك «يوروكلير» البلجيكي يحتفظ بمليارات اليوروهات في حساباته من الأموال المجمدة، التي تعود إلى المؤسسة الليبية للإستثمار، وبرغم أن هذا البنك وفقا للقانون البلجيكي رقم 1999 يجعله آمنا ويوفّر لزبائنه الحصول على حسابات محميّة من الحجز القضائي حتى من قبل الدولة البلجيكية نفسها ، وإن كان ذلك يبعث عن الإطمئنان فالأمر لا يخلو من بعض الهواجس، حول امكانية تجاوز واختراق ذلك والوصول الى الأموال المجمّدة فيه، وخاصة عندما تكون عن طريق حكم محكمة كما هو الحال مع الأمير البلجيكي لوران.

وفي هذا السياق أصدرت المؤسسة الليبية للاستثمار بيانا حول القضية جاء فيه إنه «لا أسباب قانونية أو أي مبرر آخر لكي تحاول الحكومة البلجيكية تسويّة ديونها من الجهات الليبية الأخرى عن طريق الاستيلاء على أموال تخص المؤسسة والشركات التابعة لها»، وذكرت المؤسسة أنه سبق للأمير لوران أن قام «بمحاولات مماثلة وغير ناجحة لرفع التجميد عن هذه الأصول، وقد رفضت وزارة الخزانة البلجيكية هذه المحاولة بشدة في العام 2016، وهو القرار الذي أكده المجلس البلجيكي في العام 2018م»، وأكدت المؤسسة الليبية أن أصولها في بلجيكا «تخضع لنظام الجزاءات بالأمم المتحدة الذي فرض في العام 2011، لحمايتها لصالح الشعب الليبي على المدى الطويل للأجيال القادمة، وليس كعقاب»، معتبرة أن الطلب البلجيكي برفع التجميد عن جزء من أصولها «يتناقض مع ما نصت عليه قرارات لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بشأن ليبيا».

واستنادا إلى سماح وزارة الخزانة البلجيكية  بالإفراج عن الفوائد التي تخص أموال المؤسسة الليبية للاستثمار بين العامين 2012 و 2017 م، فمن المتوقع أن يستغل الأمير هذه الثغرة لتحصيل الأموال وهو ما نخشى حدوثه فعلا، اذ سيكون سابقة خطيرة تفتح الباب على مصراعيه امام الكثير من المطالبات الأخرى التي قد تقوم بها عديد الشركات الأجنبية التي كانت لها عقود مع الحكومة الليبية في عهد القذافي، في الكثير من مشاريع التنمية التي وقعت خلال الأعوام السابقة لإنتفاضة فبراير، والتي توقفت بفعل الأحداث منذ 2011م وحتى الآن .

وإذا ما تمكن الأمير البلجيكي من الحصول على مستحقاته من اموال المؤسسة الليبية للاستثمار (بند الفوائد)، فإن النتائج ستكون سلبية ووخيمة على أموال المؤسسة فقد يترتب عن ذلك فتح الباب على مصراعيه أمام عديد الشركات للمطالبة بمستحقاتها وتحميلها على المؤسسة الليبية للاستثمار، الأمر جد خطير ويتطلب أن تتظافر جهود السلطات الليبية المعنية في المجلس الرئاسي والحكومة الليبية بالتنسيق مع مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، لمخاطبة مجلس الأمن ولجنة العقوبات الدولية المكلفة لرفض المساعي البلجيكية للتصرف في الأموال الليبية المجمدة في مصارفها والتي تخص المؤسسة الليبية للإستثمار ومتابعة ذلك عن كثب، الأمر في غاية الأهمية وقد أعذر من أنذر.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا