هل ما زال المؤتمر هو السلطة الشرعية في ليبيا؟ - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق العرادي

 

هل مازال المؤتمر الوطني العام هو السلطة الشرعية في البلاد؟، يحتاج الجواب على هذا السؤال إلى تحديد معنى كلمتين أساسيتين، هما سلطة وشرعية. لا شك أن الأمر يحتاج إلى بحث معقد، لا مكان له هنا، لكنني أجد أنه من الممكن العمل بطريقة الاختزال المفهومي للتركيز على أهم ما في تعريف المفهومين.

الشرعية في أبسط تعريفاتها هي قبول عموم الناس، أو عرفاؤهم بسلطة الجهة التي تدعي الشرعية، وهنا أعيد سؤالا: هل غالبية الليبيين يقبلون هذه الشرعية؟ وهل هناك غالبية من عرفاء الليبيين يقبلون بهذه الشرعية؟ أم أن المؤتمر يؤم القوم وهم له كارهون؟

ويمكن أن نذهب إلى السلطة لنقول إن أبسط تعريف لها هو السيطرة على المجال الذي تدعي شرعيتها في حكمه، أو على أغلب مجاله، أو أن تكون لديها رؤية لهذه السيطرة.

فأي من هذه الشروط تحقق في المؤتمر الوطني؟ وأي نوع من السعي يسعى المؤتمر الوطني إلى تحقيق أي من هذه الشروط؟

لا أرى بأساً في أن يجتمع أعضاء الحوار السياسي الليبي للنظر في النقاط التي أوردها فضيلة المفتي الشيخ الصادق الغرياني ويستعرضوا هذه النقاط ويدرسوا تفاصيلها بالرغم مما شابها من معلومات مغلوطة أمده بها مستشارون دون المستوى.

فلن أتكلم عن الفرقاطة والصور التي تثبت عكس ما أُعْلِم به الشيخ ولا عن المسودة القديمة التي تسمح لعضو غير مسلم بتفسير بنود الاتفاق وعدلت، ولا عن أدوار مجلس النواب والمؤتمر اللذين أتمنى أن يغيبا من حياة الليبيين، لن أخوض هنا في الردود، ولا في الرد على الردود، ولا في مجموعة الأفكار، والمعلومات التي وردت في الكلمة، ولكن ستأحدث عن المؤتمر الوطني العام وكيف فقد شرعيته؟

لا شك أن مجلس النواب لم يحل حسبما يروج له البعض ولكنه أضحى منعدماً بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا وشتان بين الحل والعدم. وهذا الحكم سيجعل من كل تصرفات مجلس النواب السابقة لهذا الإتفاق، هي والعدم سواء دستورياً وقانونياً. والحوار رد مجلس النواب إلى الواجهة من جديد، بسبب حالة الانقسام، وعدم قدرة أي طرف على حسم النزاع، بعد أن أصبح الاقتتال عبثيا، يحصد أرواح أبناء الشعب الليبي، ويمزق النسيج الاجتماعي، ويأتي على اقتصاده، وتهدم البنية التحية، دونما أي مبادرات لا من العلماء ولا من الساسة ولا من لوردات الحروب.

المؤتمر الوطني العام لم تتبق له شرعية فيما عدا إجراءات تسليم السلطة وذلك للأسباب التالية:

1)  ينص الإعلان الدستوري على أن عدد أعضاء المؤتمر الوطني العام مائتي عضواً، والمؤتمر بكامل أعضائه المائتين، هم أعلى سلطة في البلاد، وهم الممثل الوحيد للشعب الليبي، وهم القائد الأعلى للجيش الليبي، وبإسقاط عضوية ما يقارب من ثلثي أعضائه؛ فإن هذا المؤتمر قد فقد شرعيته. عندما استقال أكثر من نصف أعضاء مجلس الأمة الكويتي في سنة 2012م تم حله، وعنما قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان ثلث أعضاء مجلس النواب المصري في 2012م، قضت المحكمة الدستورية العليا بحله بالكامل، ورغم تسييس الحكم إلا أن المحكمة وجدت الحجج القانونية لاصدار قرار الحل.

2)  المؤتمر لم ينجز الاستحقاق الأهم وهو إصدار الدستور، لأنه لم يتخذ أي إجراء حيال انقضاء المدة الدستورية المحددة في الإعلان الدستوري للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ووقف عاجزا أمام هذا الفراغ الدستوري الذي نعاني منه الآن.

3)  بعد أن وقع مجلس النواب منعدماً بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا وانقسمت البلاد وتقلصت سلطة المؤتمر الوطني العام وانحسرت وتداعت المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانفرط الأمن وعاش الناس في رعب وفقر لم يستطع المؤتمر إيجاد حل بل تمترس في مكانه ووقف عاجزا عن فعل أي شيء، بل عندما لاحت فرصة الحوار اتخذ من الغياب استراتيجية ضيع بها مكاسب عديدة وكل ما ذكره الشيخ الصادق كان من الممكن الحصول عليه لولا تسلط السيد نوري بوسهمين على القرارات الخاصة بالحوار داخل المؤتمر.

4)  لا شرعية لأي سلطة تناقض الإعلان الدستوري وتمنع ممثلي الشعب من ممارسة إرادتهم الحرة ومنعهم من التصويت على جملة من القرارات المصيرية وفي أكثر من مناسبة.

المؤتمر الوطني العام لديه شرعية تسليم السلطة قبل أن تنتزع منه وليعلم الجميع إن لم تكن عصمة للدماء فعلى الأقل عصمت؛ البلاد التي ستضيع ونخسر السيادة ووحدة البلاد ولا تحدثني حينها عن الجهاد الليبي فلقد اطلعت على تاريخه ونتائجه.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا