وماشهدنا إلا بما علمنا وماكنا للغيب حافظين - عين ليبيا

من إعداد: حافظ الجلالي

لست من مؤيدي السراج ولا حكومته ولا تخبّطاته ذات اليمين والشمال للحفاظ على كرسيه، إلا انني عندما سمعت بالتعديل الوزاري والذي وُضع فيه علي العيساوي وزيراً للاقتصاد قرأت ردود أفعالٍ منها للسيد الطيب الشريف ترفض فيها هذا التعيين معللةً ذلك بأن علي العيساوي متهم بمقتل اللواء (عبدالفتاح يونس) رحمه الله وعوضنا فيه خيراً !

في الحقيقة وبصفتي ممن كان في طليعة ممن عرف بخبر اعتقال اللواء عبد الفتاح يونس حيث اتصل الِمرحوم بعبدالباسط البدري وهو بجانبي وأخبره بما حصل وهو في الطريق من مقره إلى بنغازي.

الكل يعلم أن الدكتور علي العيساوي كان نائباً لرئيس المكتب التنفيذي الدكتور محمود جبريل والذي كان يمارس عمله من خارج ليبيا وكان العيساوي يحمل أعباء المكتب التنفيذي في ظل غياب الرئيس وكان هو الرئيس الفعلي للمكتب التنفيذي.

وردت الكثير من التقارير من جبهة القتال تتهم اللواء عبدالفتاح يونس بكثير من الادعاءات كإخفاء السلاح وتشغيل الرادار لصالح القذافي والتآمر لصالحه عند لقاءه بعبدالرحمن الصيد وأمور أخرى لا يتسع المجال لذكرها..
جاء اثنان من مشايخ بنغازي بهذه الملفات لمصطفى عبدالجليل والذي أحال الملف برمّته للمكتب التنفيذي ل (التحقّق) مما فيه وعندما جلس أغلب من في المكتب التنفيذي ووجدوا أن الادعاءات خطيرة فقرروا استدعاء اللواء للتحقيق وقد سألتهم عن ذلك فكانت إجابتهم لي:

أن التحقيق هو إنصاف لعبدالفتاح يونس قبل أي أحد بدل من تداول هذا الكلام في جبهة مفتوحة بين الجميع غير مفصولة ، فعندما يبين التحقيق براءة عبدالفتاح سيصمت الجميع ولو لا قدّر الله ثبتت الخيانة وهذا أمر يستبعده الجميع فسيكون اكتشافها مبكراً أسلم للجميع.

ذهب علي العيساوي ليبلغ مصطفى عبدالجليل بما وصل إليه المكتب التنفيذي من رأي فوافقهم مباشرةً واقترح عليهم قاضياً بعينه قائلاً أنه أحسن من تُوكل إليه المهمة..

وقد جاء في معرض لقاء مصطفى عبدالجليل مع هدى السراري في قناة ليبيا 218 أن لعلي العيساوي سوء نية تجاه اللواء المرحوم عبدالفتاح يونس من خلال قرار التحقيق وأنا أرد عليه :
بالله عليك لو كان لعلي العيساوي سوء طوية وخبث نية فكيف يوافقك على تعيين القاضي الذي لا يعرفه جيداً ولمجرد أنك زكيته فقط! مع العلم أن تعيين القاضي المناط به التحقيق من اختصاص المكتب التنفيذي وليس مصطفى عبدالجليل!

ولكن الدكتور علي العيساوي كان يهمه التحقيق فقط وإلا لكان عين قاضياً من طرفه يستطيع من خلاله تنفيذ سوء نيته كما زعم مصطفى عبدالجليل.

بعد تعيين القاضي المُقترح من طرف مصطفى عبدالجليل أصدر القاضي قرار إحضار اللواء للتحقيق وأوكل المهمة لضباط ثلاث رفضوا القيام بذلك فأوسد الأمر لشخص آخر ذهب بهذه الورقة لمنطقة الزويتينة وقد كانت بعض قوات ممن التحقوا بالثوار يعسكرون هناك فأخبرهم بضرورة إحضار عبدالفتاح يونس فذهبوا معه في سيارات مسلحة وحوصر اللواء ودخل عليه الرجل ومعه قرار وجوب امتثاله للتحقيق وقد قال عبدالفتاح يونس رحمه الله بالحرف الواحد لعبدالباسط البدري وهو يهاتفه وكنت قد التحقت بعبدالباسط ببيت عبدالفتاح بعد أن وصلني الخبر، المهم ماقاله عبدالفتاح لعبدالباسط أنه اتصل بمصطفى عبدالجليل فلم يرد ثم اتصلت بعلي العيساوي فنصحه بالامتثال للتحقيق وأنه في صالحه وأن الأمر لن يطول هكذا قال عبدالفتاح بالحرف الواحد.

واشتكى عبدالفتاح يونس من مضايقة بعض السيارات لسيارته وهو في الطريق لبنغازي وكأنهم يحاولن إخراجها عن مسارها.

في تلك الليلة التحق بنا (خالد الترجمان) وقد كان مدير مكتب مصطفى عبدالجليل وبدأنا في الاتصال بمصطفى عبدالجليل لإبلاغه بأن عبد الفتاح يونس تم القبض عليه فلم يرد ثم اتصلنا بمن يرافقه فقال لنا بأن السيد الرئيس نائم ! قلنا له أن الخطب جلل فقم بإيقاظه فغاب قليلاً ثم قال لا أستطيع !
باختصار أكثر فإن تباين ردود أفعال مصطفى عبدالجليل في تلك الأيام هي التي تضعه محل أسئلة أما الدكتور علي العيساوي فقد كان واضحاً جداً:
إجتماع المكتب التنفيذي
دراسة الأمر
قرار التحقيق
إبلاغ رئيس المجلس الانتقالي
الأخذ برأيه في القاضي
فأين جنايته يامصطفى عبدالجليل؟ وأين جنايته ياحضرة الشيخ الطيب الشريف!
وقد تابعنا سير التحقيقات والتي سارت في اتجاهين:
تحقيق إداري: لمعرفة هل كان هناك خطأ في الإجراءات أما لا، وهذا العقوبة فيه بالأشهر
وتحقيق جنائي: وهو المتعلق بمعرفة المؤامرة ومن القاتل والقصاص منه..
والمطلوب عند الجميع هو معرفة نتيجة التحقيق الجنائي إلا أن مصطفى عبدالجليل سرب نتيجة التحقيق الإداري قبل الجنائي !

وعامة الناس عندما تقول لهم أن نتيجة التحقيق الإداري تُفيد بأن فلان وفلان مدانون في قضية مقتل اللواء فإنهم سيظنون أنهم أمروا بقتل اللواء وشاركوا فيه ، وبالفعل فقد ظلم التحقيق الإداري الدكتور علي العيساوي بأنه أخطأ في الإجراءات، فقام مصطفى عبدالجليل بتوجيه الضربة القاضية له ولشخص لم يُذكر في التحقيق الإداري وقال للجنة التي تتابع التحقيقات وهي خليط من مشايخ القبائل ورموز المجتمع المدني والتي أذكر أنه كان فيه كل من (
الشيخ صالح لطيوش والشيخ يوسف التايب العبار والشيخ أكرم اعبيد والشيخ فرج حفتر والاستاذ المرحوم عبدالسلام المسماري والحاج ادريس لاغا وعبدالباسط البدري )

لقد أخبرهم عبدالجليل أن العيساوي هو المذنب وذكر معه زوراً وبهتاناً الشيخ سالم الشيخي وزير الأوقاف وهو احد قيادات الإخوان المسلمين في ليبيا ولكن من باب الإنصاف أمام الله تعالى أني قرأت نتيجة التحقيق الإداري ولم يذكره..
هاج الناس على العيساوي والشيخي وتم إخراجهما من المكتب التنفيذي ب (ضحكة) من مصطفى عبدالجليل وأتحدى مصطفى عبدالجليل إخراج نتيجة التحقيق الإداري والذي في الحقيقة أدين فيه

العيساوي في الإجراءات فقط والتحقيق الذي هو محل النظر حيث المؤامرة والجريمة والجناية كانت في التحقيق الجنائي.

الشيخ الطيب الشريف مثله مثل بقية مشايخ العبيدات المعروفين بقدرة قادر وبعد علو أصواتهم في أول أيام مأتم اللواءعبدالفتاح يونس صار كل منهم يختفي من المأتم الواحد تلو الاخر وأول من خفت صوته واختفى من المشهد هو الشيخ الطيب الشريف نفسه ولم نسمعه يتكلم عن دم اللواء إلا بعد خروج التيار الفيدرالي وإقامته اجتماعاً يطالب فيه بالاقتصاص من القاتل.

قصة مقتل اللواء طويلة جداً والكل يعرفها ولكنني أردت أن أبين لكم أن السيد علي العيساوي بريء من دم اللواء والقضاء بعد تحقيقات طويلة عريضة أظهرت الجاني والقصة كلها ولن تجد لعلي العيساوي جناية فيها.

أقول هذا وأنا كسائر الناس جعلوني أشك في تلك الأيام في علي العيساوي ولكن بعد التريث وقراءة الحدث خطوة بخطوة لن تجد الدكتور علي العيساوي إلا رجلاً بريئاً وإن كان ثمة شبهات فإنه تحوم على من يتهمه أكثر منه.
أخبرني من أثق في دينه وأخلاقه أن مصطفى عبدالجليل على الهاتف عندما اخبروه بخبر اعتقال عبدالفتاح يونس ابتهج وقال على الهاتف : نبوكم اتديروا الإجراء هذا حتى مع خليفة حفتر ازعمه تقدر تعاودها له توا باحاج مصطفى؟

وأخيراً من يعرف آل العيساوي الذين ينحدر منهم الدكتور علي العيساوي في بنغازي فلن يجد سوى الصيت النظيف والشجاعة والإقدام وأخلاق الكرام والديانة القيمة والبيتية العريقة في كل العهود والأزمان.

كتبت ما كتبت لله وحده وذبّاً عن عرض أخٍ مسلمٍ وردّاً على الكذب والافتراء والبهتان وشهادةً لله وحده.
أعلم أن الكثير لن يعجبه كلامي والتهم جاهزة ولكن حسبي الله ونعم الوكيل.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا