عودوا إلى رشدكم - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق مختار

إن ليبيا وبسبب أبنائها ولا نريد أن نقول سكانها تمر بأسوأ مراحل تاريخها، فنسيجها الاجتماعي مهدد وكيانها كدولة مهدد، ثرواتها منهوبة وسيادتها منتهكة، معدلات التنمية في أسوأ درجاتها، معدلات الموت والدمار في أعلى حالاتها.

أين غابت الحكمة؟ أين غاب الانتماء؟ أين غابت الوطنية؟ هل هؤلاء الشباب الذين يقتلون كل يوم ليسوا أبناءنا؟ هل هؤلاء الشباب الذين فقدوا أعضاءهم وتحولوا إلى شريحة المعاقين أليسوا أبناءنا؟ المسؤولون الليبيون والمتنفذون في مفاصل الدولة ألم تحرك ضمائركم تلك المشاهد المرعبة الكارثية مشاهد جثث الشباب وأشلائهم.

مهما كان حجم الاختلافات وتباين التوجهات والمسارات ومهما كانت التعقيدات فإن هذا كله لايبيح إسالة قطر دم ليبي واحد، ولا فقد عين أو رجل ليبي واحد.

عودوا إلى رشدكم لا أحكي عن سيادة ولا هجرة غير شرعية ولا عن تدخلات خارجية عودوا إلى رشدكم رحمة بأبنائكم رحمة بأمهات ليبيا التي احترقت أكبادهن وجفت مدامعهن.

عودوا إلى رشدكم وليكف المسؤولون والنواب وأعضاء المجلس الرئاسي عن سفرياتهم الخارجية ومصاريفهم الباهظة وليشعروا قليلا بمآسي الليبيين ومكابداتهم وإحباطاتهم.

نعلم أن جلهم عائلاتهم وأسرهم خارج ليبيا ينعمون برغد العيش ولا نحسدهم فقط نطلب منهم أن يحللوا الرواتب الباهظة التي يتقاضونها والمزايا غير المسبوقة التي يتمتعون بها.

ليجمدوا سفرياتهم الخارجية وليتنقلوا بين المدن والقرى الليبية لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر وجسر التباين والتوجهات ليسعوا بالمصالحة الحقيقية بين أبناء الوطن الواحد.

وليسع النواب من جميع أنحاء ليبيا لعقد جلسة تاريخية بين مجلس النواب ومجلس الدولة دون شروط مسبقة.

وليكون الجميع مستعدا لتقديم تنازلات كبيرة ومريرة من أجل هدف سام عظيم وهو وقف نزيف الدم الليبي الذي لا يعوض.

كفانا تقاتلا كفانا صراعا كفانا دماء كفانا خرابا، كفانا نزوحا وتهجيرا، ليبيا في مهب الخطر في مهب الضياع والفشل.

انقذوا وطنكم قبل أن نصبح جميعا بلا وطن قبل أن نصبح جميعا فاقدين لأبناء وإخوة وأحباء.

قبل أن تصبح أمهاتنا كلهن ثكالى وأخواتنا كلهم أرامل وجل شبابنا إما قتيلا وإما معاقا وإما مريضا نفسيا.ماذا جنينا من الموت.

ماذا جنينا من الدماء؟ ماذا جنينا من الدمار؟ أن نأتي متأخرين أفضل من ألا نأتي أبدا.

لن تحل مشاكلنا المؤتمرات الدولية ولا الملتقيات الخارجية ولا البعثات الدولية.

لنستدعي حكمة أجدادنا ونضالاتهم وتضحياتهم ونجلس إخوة قد نكون مختلفين لكن متحابين، نتبادل الآراء والأفكار التي لن تكون مهما كانت ضراوتها بشراشة وفداحة وضراروة تبادل القذائف والرصاصات.

ليبيا تنادينا بل تستغيث بنا جميعا بجميع مكوناتنا كي ننقذها وننقذ أنفسنا من نفق مظلم سنظل نقتل فيه بعضنا بعضا حتى نفنى.

ألا هل بلغت اللهم فاشهد.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا