حكام لأجل أنفسهم

حكام لأجل أنفسهم

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

new-article2_20-11-2016

من أصالة الحكم في العالم الحديث أن الحاكم الذي هو في صورة وزير أو نائب أو رئيس حكومة أو غيره هو حاكم لأجل شعبه وبلده وليس لأجل نفسه وعليه أن يبذل نفسه لأجل شعبه وبلده والحاكم لأجل شعبه وبلده موجود بوضوح في البلدان المدعية بالكفر والحاكم الذي لأجل نفسه هو يبذل نفسه لأجل نفسه ولا يبذل نفسه لأجل شعبه وبلده بالمطلق وهو موجود بوضوح في البلدان المدعية بالإسلام وليبيا أشمل مثالا لحكام لأجل أنفسهم وليسوا حكاما لأجل الشعب الليبي ولأجل ليبيا.

من وقائع حكام ليبيا الذين هم حكام لأجل أنفسهم هو ادخال ليبيا في مناخ عاصف تتقلب فيه فصول من الحروب المدمرة وأنواع الجرائم المروعة المنظمة وغير المنظمة وانهيار الأنظمة القانونية المنظمة للحياة، ادارية واقتصادية واجتماعية وسياسية والدفع بالليبيين الى أدنى حياة واحط معيشة كونية يتدرج فيه الليبي متقلبا من فقير الى أفقر ومن جائع الى اجوع ومن رث الثياب إلى مهترئها.. ومن قدم تقطع حذاءها الى حافيها.. ومن أمراض محروما من دواء يداويها.. ومن عزة الحياة الى ذلها وواطيها.. يحيا حيوات متعددة ومعقدة فيها مهموم ومكلوم ومحروم ومهضوم ومهزوم ومظلوم.

وغير ذلك فان هناك حالة انحدار عام في ليبيا تتوالي شدة انحدارها مع كل يوم وكل شهر وكل سنة يتوالى فيها حكم هؤلاء الذين هم حكام لأجل انفسهم وليسوا لأجل الشعب الليبي والبلاد الليبية، ومن خصائصهم أن يحيطون انفسهم واتباعهم وعائلاتهم بالأموال والمزايا من الحساب العام دون ان يهموا بضرورات الكفاح والمجاهدة وتحمل المخاطر ومواجهة الباطل بالحق لإنقاذ ليبيا وانقاذ الشعب الليبي ومن خصائصهم ايضا أن يتحاشوا الصدام لأجل الليبيين وليبيا ولا يتحاشون الصدام لأجل انفسهم ولكم أمثلة في تحاشي ردع الجرائم التي تفتك بالشعب الليبي والتي طالت حتى اطفاله وتحاشي ردع نهب وسرقة الاموال والأملاك العامة وتحاشي نزع السلاح الذي هو بلية البلايا وغير ذلك من الأمثلة ، ولكم مثالا في انهم لا يتحاشون الصدام لأجل انفسهم ببروز ثلاث حكومات وثلاثة اجسام تشريعية دون ان يهتموا ان ذلك سيقسم ويفتت ليبيا على ما هي مفتتة ومقسمة ودون أن يكترثوا أن ذلك تعقيدا للحياة الليبية التي هي أصلا معقدة.

ومن خصائصهم الأخرى انهم لا يستقيلون ولا يتنحون لعل غيرهم يغير اوضاع ليبيا الى الأفضل ولا يعملون البتة لتغيير اوضاع ليبيا، ولا يريدون حل وانهاء وجودهم الخامل العاجز الفاشل بل يمددون ويبقون غصبا وقهرا واستبدادا على الشدة المتوالية لانحدار ليبيا وشعبها وكأنهم أضمروا ذلك لليبيا وللشعب الليبي وهنا يصبح وجودهم خطرا وبلاء على ليبيا والشعب الليبي لأنهم عجزة لا يستطيعون إنقاذ ليبيا ولا يسمحون لغيرهم بإنقاذ ليبيا بتشبثهم بالحكم وعدم تنحيهم وعدم تزحزحهم من حكمهم لعل غيرهم ينقذ ليبيا اذ ما تنحوا وإذ ما تزحزحوا واذا كانت هذه هي الديمقراطية الحديثة فإنها والله ديمقراطية مفجعة، لأنها تنتخب وترشح الحمقى والسفهاء وتسلطهم  على العقلاء والحكماء ولأنها تنعش الحمقى والسفهاء وتدمر الاوطان والشعوب.

والحقيقة أن ينحدر الشعب الليبي وتنحدر ليبيا مع وجود حكام عليهم مسؤولية إنقاذ شعوبهم وأوطانهم ولا يعرف عنهم الا الجدال والثرثرة بشعارات وعناوين خاوية بالية ولا يعرف عنهم الا الكسل والخمول والسياحة في الارض والإقامة في الفنادق الفخمة على الحساب العام والاستهلاك الفاحش لأموال ليبيا على حياتهم الخاصة والجشع والطمع في الاموال العامة فأنهم في الحقيقة حكام حمقى وخرقى ولا يجب لمثل هؤلاء ان يكلفوا حتى بإدارة مدرسة ابتدائية فكيف يكلفون بإدارة ليبيا وشعبها؟ وكيف يصمت عنهم الشعب الليبي الى الآن؟ عجبا.. والله عجبا، وأنهم اشد المجرمين اجراما حتى وان لم يدروا وكانوا غافلين عن ذلك لحمق او لجهل لأنهم افسدوا حياة الشعب الليبي وافسدوا البلاد الليبية وفترة الإفساد لليبيا وشعبها كانت من المجلس الانتقالي ومكتبه التنفيذي ثم المؤتمر الوطني وحكوماته ثم مجلس النواب وحكومته ثم مجلس الدولة وهى فترة خزنت في تاريخ ليبيا كتاريخ فاضح واضح وهى فترة موثقة ثقافيا وحتى دماغيا في ذاكرة الشعب الليبي كإثباتات إجرامية راسخة لا جدال فيها ولن يستطيع اي حاكم مسؤول في هذه الفترة الهروب من العقاب والحساب عاجلا او آجلا  وإنني أراه عاجلا وما ذلك ببعيد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً