فلتسقط الجهوية وينهض الوطن

فلتسقط الجهوية وينهض الوطن

د. فرج دردور

أستاذ جامعي وكاتب ليبي

السيد الدكتور/ ابوبكر بعيرة، يقول أن الهجوم على الحقول النفطية هو حرب الغرب على الشرق الليبي ويرجعه لأسباب تاريخية.

نرد عطفاً على التاريخ الذي استشهد به..

1 ـ الذين يهاجمون، هم من سكان الشرق الليبي تم تهجيرهم والاستلاء على أملاكهم، وعلى الرغم من أننا لا نشجع على استيفاء الحق بالذات، فإن قرارهم بأيدهم ولم نسمع باجتماع قبائل من غرب ليبيا مثلما يحصل في شمال برقة، يدعمهم ويساندهم، فهم من الشرق وبعضهم ضباط من الجيش الليبي.

2 ـ نرجع هذا التوتر والهجوم إلى أصله وهو اللهجة التصعيدية من بعض نواب شمال برقة، واستعدائهم وشيطنتهم لكل من يساند التوافق بين الليبيين. ويجب ألا ننسى دعوة الداعشي ابراهيم الدرسي بضرورة الاغتيالات والتفجيرات في طرابلس، وقناعة يونس فنوش بأن لا حل إلا بالحديد والنار وقتل كل من يعارضهم، وقسم كويدر بأن كتلة (السيادة) سيقتلون أعضاء مجلس النواب الذين يعارضون وجهة نظرهم. هذا العدوان اللفظي المستمر قد يجد من يستثار به من المنطقة الغربية ويتفاعل معه، ولا ندعمهم.

3 ـ لا نعترف بأن هناك شرق وغرب ليبيا، حيث نتحدث عن سكان ليبيين لهم الحق في حرية التنقل والامتلاك في أي مدينة يشاؤون.. وإذا ذهبنا مذهب شرق وغرب، فإن نسبة 15% من سكان ليبيا وهم من يقطنون شمال برقة لا يمكن اعتبارهم إلا من خلال هذا الحجم، وليس نصف سكان ليبيا كما يسوق الجهويون، واخوتنا في جنوب برقة ودرنة وحتى كثير من شمال برقة هم مع التوافق ولا يقبلون بالمنطق الجهوي، ولا يمكن أن يساوي الحجم الأعلامي المتاح للجهويين حجم الحقيقة.

4 ـ السراج المحسوب على غرب ليبيا وللأسف أقولها تناغماً مع أسلوب السيد ابعيرة، مد يديه في كل مرة من أجل الحوار والاتفاق، وينعق الجهويون منكم بأنهم أهانوه ورفضوا الاجتماع به، ولو أن هذا الأمر حصل مع عنصر من شمال برقة لقمتم الدنيا وما اقعدتموها وناديتم باجتماع كل قبائل برقة للأخذ بالثأر مثلما يدعو عضو نواب شمال برقة ادريس المغربي، صاحب نظرية (بناء ليبيا لا يمكن أن يكون إلا من برقة)، ونسى أنه يفتقد للعلم والثقافة التي تمكنه حتى من قضاء حاجاته الشخصية، ما بالك بناء دولة.

5 ـ كنا دائماً نحذر بأن تصرفات بعض أعضاء مجلس النواب سوف تجرنا إلى هذا العنف، وعليه فإن من يتحمل المسؤولية هو من أعتبر مشاكل ليبيا تكمن في الحوار نفسه على عكس نواميس الطبيعة والقوانين والاديان، وأن الحرب هي البديل، وكانوا يهددون دائماً بالتقسيم إذا لم تقض حوائجهم الخاصة، وقد لوح السيد عقيلة صالح منذ أيام، باستعمال ورقة النفط للضغط السياسي، عندما اعتبر أموال النفط تذهب للمليشيات في طرابلس، تدرعاً، ونسى حجم المسروقات المالية التي تتم بتوقيع يده لأعضاء مجلس النواب، ومليشيته.

6 ـ اوقفوا تمردكم على سلطة العاصمة، فالدول عواصم وهي رأسها، هذا ما عليه العالم منذ 7000 قبل الميلاد في اليونان. العاصمة وحدها من تحدث التوازن وعندما يتم التمرد عليها تضيع هيبة الدولة، وخصوصاً أن ليبيا في كل تاريخها لم تتعود إلا على نظام مركزي يدار من عاصمتها طرابلس، والمركزية يمكن أن تنتهي بطرق أكثر واقعية وعلمية، ولم نسمع علمياً أن المركزية تلغى بالجهوية.

7 ـ وختاماً ما دمت تسرد التاريخ فإن برقة تمردت على قيادة الدولة العباسية عدة مرات وتم ارغامها لسلطة الدولة في ذلك الوقت، وقد احتاجت مصر أيام حكم الدولة الفاطمية، للهجوم على شمال برقة في كثير من الاحيان، ويفر أمامها المتمردون كلما دخل الجيش المصري لإخضاع شمال برقة لحكم مصر…..التاريخ حافل بالقصص ولكن يجب أن يكون محطة للاتعاظ وليس محطة للاستشهاد؟

نأمل من الله تعالى أن يوحد البلاد في ظل نظام ديمقراطي يحترم المواطن في ذاته بعيداً عن انتمائه القبلي أو الجهوي، هكذا تقدم العالم.

فلتسقط الجهوية في وحل العنف، وينهض الوطن برواد القرن 21.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. فرج دردور

أستاذ جامعي وكاتب ليبي

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً