الضربة الصاروخية الأمريكية لشل قدرات ما تبقى من الجيش السوري، وليست لأجل أطفال شيخون

الضربة الصاروخية الأمريكية لشل قدرات ما تبقى من الجيش السوري، وليست لأجل أطفال شيخون

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

قد يهلل البعض للضربة الصاروخية الامريكية التي استهدفت قاعدة “الشعيرات” الجوية السورية ليل الجمعة الموافق 7 ابريل 2017م ويعتقدون أنها فعلا جاءت كرد على مسألة الغاز الذي أصاب بعض المدنيين في قرية خان شيخون السورية، لكن بعيدا عن العواطف، هل هذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها المدنيين في سوريا من أطفال وشيوخ ونساء؟! وهل تبقى للنظام السوري من الأسلحة الكيميائية شيئا بعد ان فرضت عليه أمريكا تسليم ترسانته الكيميائية ولبى صاغرا ذلك في فترة سابقة واشرفت هي نفسها على عملية التسليم والنقل خارج الحدود السورية!؟

لا يمكنني ابدا قبول براءة الإدارة الامريكية التي في السابق صدر الأمر عن طريق رئيسها “ترومان” بضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان بالقنابل النووية في أبشع صورة من صور الإرهاب والدمار الشامل، سجلها التاريخ حتى الآن! حيث ذهب ضحيتهما مئات الالاف من اليابانيين المدنيين الأبرياء، ولازالت اثار تلك الجريمة النكراء مستمرة حتى الان في الكثير من الأجيال المتعاقبة نتيجة الأثر النووي المستمر على صحة البشر والحيوان والنبات ، لست اصدق ان مثل هذه القيادات والإدارات المتعاقبة تكون حريصة على أرواح المدنيين في سوريا او في أي بقعة أخرى من غير الأمريكيين، ولذلك فاني مقتنع تماما بان الغارة الصاروخية على سوريا مؤخرا لا علاقة لها بما حدث من إصابات الغاز لكنها تأتي ضمن المخطط المرسوم مسبقا لضرب قدرات الجيش السوري وشله تماما خاصة فيما يتعلق بالسلاح الجوي ومنظومة الدفاع الجوي.

ان الاستراتيجية الامريكية تقتضي المحافظة على ضمان التفوق والسيطرة العسكرية الإسرائيلية على منطقة الشرق الأوسط بكاملها، من ايران الى مصر الى سوريا والعراق الى دول الخليج،  لذلك فان ما يحرك السياسة الغربية والأمريكية في الشرق الأوسط هو دافع الحفاظ على امن وسلامة إسرائيل، من خلال مخطط يستهدف اضعاف وشل قدرة الجيوش العربية ذات الأثر، وبدأوا بالجيش العراقي وها هو الدور على الجيوش العربية الأخرى في سوريا واليمن وليبيا، حيث تم استغلال ما يسمى بثورات الربيع العربي مطية للإجهاز على جيوش هذه البلدان، ولقد تحقق لهم ذلك في ليبيا واليمن والآن يحاولون في سوريا وسينجحون بلا ادنى شك، فالنظام السوري قد انهكته حرب الست سنوات ولم يعد قادرا على الصمود اكثر، لكنهم لن يسقطونه خوفا من تغوّل بعض الفصائل المعارضة التي تنهج التطرف الإسلامي والتي قد تقلب عليهم الطاولة، فقبلوا مرغمين ببقاء بشار الأسد ولكن بجيش ضعيف في مستوى جهاز للشرطة!

لا تصدقوا ان الروس غير متفقين مع الامريكان في اضعاف قدرات الجيش السوري، بالحد الذي لا يشكل خطرا على إسرائيل!، لهذا ضرب القواعد الجوية والطائرات العسكرية والمنصات الصاروخية والرادارية سيبقى قائما، وسيتم استهدافها وتدميرها وفق مخطط جاهز ومحدد، وهم في نفس الوقت قد يدعمون بشار عسكريا لأجل فرض تفوقه على المعارضة، ومن ثم التفرغ لضرب الاجنحة المتطرفة دينيا بحجة الإرهاب!، بعد ان يكونوا قد ضمنوا تسليم النظام السوري دولة منهارة بلا جيش ولا قوة ،منهكة اقتصاديا واجتماعيا!، وتوقعوا حينئذ ان يعلنوا عن رفع أيديهم عن سوريا ولكن بعد خراب مالطا!! إذا الضربة الامريكية الصاروخية ليست من اجل أطفال ونساء وابرياء سوريين قتلوا ظلما، لكنها جزء من مخطط مرسوم تنفذ خطواته بدقة وإصرار.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً