إنتحار القلوب.. في بلد الطيوب

إنتحار القلوب.. في بلد الطيوب

يا ليت فبراير ربيع القهاير لم تأتي، لسببين… الأول: وهو إزاحتها لوجهنا المـُزيف، إذ بدا لنا الحقيقى البشع… بل أدخلنا بها أنفسنا، في نفق الآلام المـُبرحة المـُقرحة، الذي لا نرى ضوءاً فيه بعد، بل تزداد قتامة سواده… والثاني: إكتشافنا بأننا لا نستحق أن نكون مواطنى بلد الطيوب (ليبيـا) كما تغنى بها شاعر الشباب الراحل، علي صدقي عبد القادر، في قصيدته الشهيرة “وما بلدى سوى حقق الطيوب” ليبيـا التي كان يمكن، أن يليق بها أي شعبٌ غيرنا> نحن (مـُدمريها ومشوهيها اليوم) ولو كان شعباً غير مسلم.

بشراً يليق بليبيـا الجميلة براً وبحراً وسماءاً، الغنية بخيراتها، المتميزة بموقعها، التى ظلمناها بوجودنا على أرضها، بدل شعباً آخر، يكون كما آراد الله للبشر أن يكونوا، مماً سَماهـُم بالعقل والتدبير، ليس مثلنا بالنفاق والتدمير، خاصة بعد إنتحار قلوبنا بشكل جماعي، عـَـقـِبَ فقدانها لأي إحساس أو واعظ من ضمير… ولربما، إنتشار القتل الجماعى والإغتصاب، والتهجير الإختيارى والمـُمـَنهـَج، والتشظى شرقاً وغرباً وجنوباً، هو حكمة إلهية لتخليصها مِنـَّـا، توطئة لقاطنين جـُدد ولو كانوا أفارقة، حسب إتفاق الوِفاق… أي بشراً غيرنا، سيعرفون قيمة بلد الزهر والحنة… عندها، قد يمنعوا قاطنيها القـُدامى (نحن) أشباه البشر، المـُفسدين فيها الآن، من العودة إليها، ولو في شكل سُياح، حفاظاً على سلامتها، أم الخير والعطاء.

فها هي دول إسكندنافيا، التي ضرب أهلوها، مـَثـَلاً للكمال الأنساني الرائع، كما آراد الله له أن يكون (ليس بمُسلمين/ أو أقله مـُـدَّعين للأسلام مِثلنا) وإن آمنوا بوجود الله، بل أن اليابانيين، الذين هم مُساوينَ لهم في السلوك، وفاقوهم  والبشرية كلها في نسبة الذكاء، هم مـُلحدين، مُجرد بشر لا يؤمنون بالله، الذى لا يفرق بين خلقه إلا بالتقوى “إنما الدين المُـعاملة” ولكنهم مؤمنين بوطنهم… بعد ما دمرته أمريكا بالقنابل الذرية، إنهمكوا في بنائه، دون أن يشغلهم سبّ الاستعمار، ولم يتناحروا على السلطة والمال (مثل وساختنا، بعد الناتو) فمن لا يؤمن بوطنه، كـَذَبَ لو إدعى إنه يؤمن بالله.

قلنا خلقه، من ضمنهم إبليس، الذي بحلول، فبرايور الربيع الأسود، أصبح غالبيتـُنا من حزبه العتيد… على رأسنا وأقرب درجة منا له، ميليشياويونا وأغلب أعضاء مشهدنا آللا سياسي، السابقون قبل الحاليون… ولربما رحم الله الشاعر برحيله، حتى لا يرى عكس ما  جاء بنفس قصيدته “للأرض التي تلد الفـَخـَار” إذ عـِوضاً عن الفـَخـَار، ولدتنا نحن، فجلبنا  عليها بأفعالنا العار والدمار، وكأنى بها فى مرحلة إجهاض من حملها لنـا الشعب العاق… معها الحق، إننا حملاً مـُشوهاً.

حتى أن، مجرد ذِكر جنسيتك (ليبي) تعني مـُباشرة (وإن لم تفعل) إنك من العاقين بالوطن المُدمرين له، القتلة، المُغتصبين، المـُـنـزحين، والمـُهجرين لمدنٌ بكاملها، عديمي الأحساس فى النخوة والشرف، حيث ماتت قلوبنا والإنسانية الحقة فينا، ولم ينفع في إيقاظها كل ما جرى، مماً تهتز له الجبال، ولم يهز قلوبنا، ويدفعنا للتظاهر والإحتجاج، وآخر الجرائم عمليات مجزرة براك، وتفجير سلوق وأغتصاب أرملة أمام طفلها اليتيم من قـِبـَل شبابٌ مُجرمين، لكتيبة وافدة على طرابلس، لم تـَرِقَّ قلوبهم المتحجرة لتوسلاتها (وبعد تقولون، نمُت للإنسانية بصلة؟) يدوسون ويومياً على عفاف العشرات مثلها (من سن الطفولة، حتى الكهولة) من درنة شرقاً إلى غرب وجنوب ليبيـا… جهاد نكاح إجباري (لنشر الأمان؟؟؟!!!).

ذهبوا لبراك رُغم نصيحة بعيرة، الذى صار حكيماً، بعد ما غدر به عـرف (سيد) ليون ومـُلقنه السامي، (فضيل الأمين) في الصُخيرات، ورُغـم أنه (دكتور) لم يعجب الفضيل، وسمـَّى غيره رئيساً للحكومة، فنطق ناصحاً “كل واحد يلعب قدام حوشهم”… إنها أحلام اليقضة وجشع بعض المجموعات، للسيطرة على كل ليبيـا، والتحكم فى خيراتها وحريتها وحرائرها  لوحدهم!، رُغم أنف الجميع!، بمن فيهم بعضاً من أهل مدنهم.

نسأل نفسي ونسألكم جميعاً، إلى متى سنستمر فى السكوت والخضوع لأبنائنا البيوعين القتلة دون كلمةٌ مِـنَّا عليهم، الذين يقودوننا وسيوصلوننا قريباً جداً، إلى قاع الهاوية، بعد أن غرسوا رؤوسنا في طين الأرض الآسن، تاركين مؤخراتنا لأطياف إستعمارات الدنيا، وذيول مُستعمرينا من بلدان العـُربان أوسخ الخصيان، الذين بضع أغنياؤهم، كانوا عوناً للناتوا علينا، حيث تمثل ليبيـا وستبقى، تهديداً إقتصادياً لبيوت زجاجهم/عنكبوتهم.

فهل ما زال لنا نحن لليبيين، بضع رجاء فى العُربان، بعد (سوق نخاسة/قمة؟) الرياض الأمريكـيـــــــة (العربية؟!) حيث أحضر العرب (كل زعماء المسلمين) ودفعوهم الى تنَصـيب ترمب خليفة لهم… الأمر الذى أثبت  معه من رتبوا للقمة، كم هم عـُملاءٌ رِخاص، وبينت القمة لنا، كيف مـرَّغ الفـِرنـجــة (الفاعلون بنا) وجوه (كل العرقيات والديانات) القاطنة ببلاد العُرب، فى طين الربيع الآسن… اللهم ساعدنا على الإيمان بك (إيماناً حقاً قوياً) وليس (أضعفه) الذى نعيشه مع الشرق الجديد، وإبنه الربيع الأسودين، اللهم آآآمـيـن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً