الانقلاب القطري السادس

الانقلاب القطري السادس

فادي عيد

كاتب صحفي ومحلل سياسي بشوؤن الشرق الأوسط

فجأة ودون أي مقدمات أنفجر الخلاف بين الامارات والسعودية من جانب، وقطر من جانب أخر، فبعد أن تمردت قطر على ما دار فى الرياض أثناء زيارة ترامب للسعودية، واعلنت للمرة الثانية رفضها ان تكون فى المقعد الخلفي فى الصف الخليجي وراء السعودية، كما هو الامر الذى حدث أثناء تدخلها فى الملف السوري، يدخل الصراع القطري الخليجي مسار جديد بجانب الصراع السياسي، فبعد نفي آل الشيخ وعلى رأسها مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، أي صلة نسب بين جد الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني والامام محمد بن عبد الوهاب، تحول الصراع القطري السعودي من سياسي الى قبلي، فكان لمحاولة الامير الوالد حمد بن خليفة فى تجميع قبيلة آل تميم بشقيها الشيعي والسني تحت زعامته، وبالاخص فرعها القوي في نجد بالسعودية وباقى الجزيرة العربي والعراق ومنطقة الشام، سبب رئيسي فى الصدام الحالي بين الرياض والدوحة.

فكثيرا ما عمل حمد بن خليفة على تأكيد الانتماء الى اسرة الامام محمد بن عبد الوهاب، فشيد أضخم مسجدا في الدوحة بأسمه 2012، وأصبح المسجد الرسمي للدولة بدلا من مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، وبات مسجد محمد بن عبد الوهاب المنبر الرسمي ليوسف، حتى بات تلفزيون قطر الرسمي يبث خطبة كل جمعة مباشرة منه، قبل أن يتم استضافة العديد من شيوخ السعودية الذين أنحازو فيما بعد لجماعة الاخوان المسلمون ضد المملكة مثل عبد العزيز آل الشيخ، سلمان العودة، محمد العريفي، عائض القرني، وغيرهم لذلك جاء إصرار بيان آل الشيخ على ازالة اسم امامهم محمد بن عبد الوهاب عن المسجد القطري.

فالحاكم الوالد حمد بن خليفة الذى يتباهى دائما بانتمائه لقبيلة بني تميم (ولذلك سمى أبنه تميم) قاد حملة تحركات بالاونة الاخيرة نحو ابناء عشائر آل تميم في نجد ومنطقة الاشيقر، وقام بتجنيس العديد من أبنائ تلك العشائر بالجنسية القطرية، قبل أن يتم منحهم مراكز هامة داخل المؤسسات القطرية، وبناء مساجد وجامعات لتلك العشائر وتقديم دعم مالي لشيوخها.

الامر لن يتوقف عند ذلك بعد أن أخد الصراع منحنى قبلي، فكانت القشة التى قصمت ظهر المملكة، جائت بعد أجتماع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري بقاسم سليماني رئيس فيلق القدس بالحرس الثوري ببغداد يوم 22 مايو الماضي  (يوم مغادرة ترامب للرياض)، وعندما كشف الاعلام السعودي الامر، جاء رد تميم بأجراء اتصالا بالرئيس الايراني يوم 27 مايو مؤكدا على تعزيز التعاون بين البلدين ووقوف قطر بجانب ايران فى تحدياتها، والى هنا لم تتوقف مفاجئات قطر، بعد أن كشفت اليمن خلية تجسس “ايرانية-قطرية” داخل مكتب الرئيس منصور هادئ، تم زرعها من قِبَل حزب الإصلاح (جماعة الإخوان باليمن) وتعمل على تسجيل ورصد اتصالات الرئيس هادى، ونسخ وتسريب الوثائق الخاصة بالرئاسة للدوحة ثم يتم ارسالها لطهران.

وعندما اعلنت قطر التعاون مع ايران فى حقل غاز الشمال، اعلنت المملكة انها ستتجه الى الاستثمار فى الغاز والغاز المسال باي بقعة فى العالم، وانا لم أتعجب ما يحدث بين طهران والدوحة فمن تأمل تغطية قناة الجزيرة للانتخابات الرئاسية الايرانية باي فترة، وعدم تغطية احداث 2009م، بينما تسلط الضوء الان على دعوة ضالة لعمل اضراب وثورة فى السعودية من حين لاخر سيعلم حقيقة ذلك الامر.

والان بات الامير تميم امام ثلاث خيارات أفضلهم سيكون مُذِلّ له، ولم تتخيله يوما سيدة الخيال الاولى موزا بنت ناصر المسند، وهنا أتبع تميم السير فى الثلاث مسارات معا، فالخيار الاول هو توطيد العلاقة مع ايران، والخيار الثاني تعزيز التعاون مع الحليف الاخواني (تركيا) بعد أنخرج علينا وزير الخارجية التركي ينتقد بشدة السعودية والامارات متهمها بأنها نفس الدول التى دعمت الانقلاب الفاشل فى تركيا تموز الماضي، والخيار الثالث التوجه نحو الوساطة والاعتذار للسعودية والامارات والرضوخ لشروطهم، ولن ينتهي الامر بمجرد طرد عناصر من حماس للدوحة.

خلاصة القول الامير تميم لم يستوعب العديد من الاشارات، ولم يفكر كثيرا فى اسباب عودة والده للمشهد رغم ظروفه الصحيه الصعبة، وتركه لمحل اقامته الهادئ بلندن وسحر مدينة سبليت الكرواتية، ولقاء الرئيس الجزائري ثم العاهل السعودي، والسعودية باتت على يقين من أن قطر أصبحت تشكل خطر وجودي على المملكة ووزنها فى الاقليم، وأن الخليج لم يعد يتحمل تميم بجانب محمد بن زايد ومحمد بن سلمان معا، كما أن ما يحدث فى بريطانيا التى تضرب فى القلب (لندن ومانشيستر) وعلى ذراعيها الطولى ايضا (الممالك والاسلام السياسي) الممالك من اقصى الشرق الى اقصى الغرب (قطر والمغرب) والاسلام السياسي الذى يتلقى ضربات متتالية منذ أربعة اعوام فى شمال أفريقيا، ويستعد لمواجهة عاصفة سعودية اماراتية طاحنة، سيلقي بظلاله على أمارة الارهاب قطر.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

فادي عيد

كاتب صحفي ومحلل سياسي بشوؤن الشرق الأوسط

اترك تعليقاً