الحياة في ليبيا لحكام ليبيا وليست للشعب الليبي

الحياة في ليبيا لحكام ليبيا وليست للشعب الليبي

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

توالت على الشعب الليبي أياما محصورة في شهور ومحصورة في سنين هي أشبه بقطع زمنية من العذاب المعيشي القاهر الذي صدم عادات وتقاليد الليبيين ليصل العذاب القاهر إلى أيام من شهر رمضان لا تستطيع فيها العائلة الليبية تحصيل مائدة أفطارها بما تعودت الا جهادا وبما حرمت العوائل الليبية من قبض معاشاتها وبما حرموا  من حماية لغداءهم من اسعار مسعورة نهشت قلوب أرباب الأسر، ومع وصول الأيام القاهرة من شهر رمضان إلى قرب عيد الفطر تصطدم العوائل الليبية بموسم لايصعد الفرح في قلوبهم بل يصعد عذابا معيشيا وهم في حالة من الحيرة والعجز واليأس عن الإيفاء بحاجات عيد الفطر وأهم هذه الحاجات هى ملابس العيد لأطفالهم التي وصلت أسعارها إلى  أسعار بشعة جشعة غير مسبوقة على إطلاقها في ليبيا.

– سعر فستان أطفال 350 دينار و400 دينار *

– سعر قميص أطفال 200 دينار.

– سعر بنطلون أطفال 200 دينار.

– سعر حذاء الاطفال 150 و270 دينار.

– سعر كسوة تتكون من بنطلون قصير وقميص 400 و350 دينار.

– سعر بنطلون قصير (شورت) 250 دينار.

مع هذه الأسعار لا يستطيع رب الأسرة قبض مرتبه من المصرف إلا بعد شهور وبمبلغ لا يتجاوز 500 دينار أو 300 دينار ولا يفي هذا المبلغ حاجة القوت فما بالكم بأسعار ملابس العيد والعملية وإن كانت هذه هي مظاهرها فإن أساسها عملية تحول معيشي ظالمة في حق الشعب الليبي باحتكار فئة محشودة حشدا متراكمة واتكالية لا دور ولا أهمية وطنية لها من الساسة تعتاش مع خمولها النفسي على ثروات الشعب الليبي وحرمان غالبية الشعب الليبي من ثروته، ماذا عمل مجلس النواب ومجلس الدولة والمؤتمر الوطني ولجنة الستين وحكومات ليبيا؟ لا شيء إلا السبات على الأموال التي خصصوها لأنفسهم وجعل الشعب الليبي شعبا محروما من كامل حياته.

ليس من العقل وليس من الأخلاق وليس من الدين وليس من القانون وليس من الأصول أن يتم كما تم جهلا وسفاهة بتخصيص الثروة الوطنية الطبيعية العامة التي مصدرها النفط على سبيل الرغبة لساسة ليبيا على هيئة مرتبات شهرية ومزايا مادية وحرمان الشعب الليبي حتى من بقايا ثروته التي لا يجدها شهورا أمام المصارف الليبية وإذا وجدها وجدها فضلة بائسة لا تتعدى خمسمائة دينار ولا تكفي حتى خبز يومه.

كل المبالغ المخصصة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمؤتمر الوطني والحكومات ولجنة الستين هي سفه مالي وهي انحطاط خلقي وهى أموال محرمة بالدين وجريمة قانونية رخصت قانونا لأن مصدرها ثروة وطنية طبيعية عامة وهي ليست أموال ضرائب او رسوم أو جباية يقع عليها جهد الدولة وبالتالي لها الحق في التصرف فيها بل ثروة طبيعية لا يحق التصرف فيها وتخصيصها على سبيل الرغبة وعلى سبيل الجشع وهي تخص حتى الأجيال اللاحقة.

فأي جشع أعمى وأي جهل متوغل في العقول الذي يتم فيه تخصيص الثروة الوطنية الليبية لساسة ليبيا وكأنها مورثة لجشعهم أبا عن جد.

والصورة القبيحة الظالمة واضحة في قبحها وظلمها فالثروة الشهرية المخصصة للنواب ومجلس الدولة والمؤتمر الوطني ولجنة الستين وأفراد الحكومات تحول إلى عندهم في قصورهم في تونس ومصر وتركيا وطبرق وطرابلس أو فنادق ومنتجعات الخمسة نجوم وموائدهم الرمضانية زاخرة بأطايب الأطعمة وملابس عيد أطفالهم يقنونها بيسر ورضا من الثروة الشهرية المخصصة لهم.

وأبناء الشعب الليبي يتسولون تسولا أمام المصارف بالساعات والأيام مع الشتم والركل والصفع أو حتى القتل ولا يصرف لهم إلا الفضلات من الدينارات وما يصرف لهم لا يكفي خبزهم فكيف سيكفي حتى قميص أو بنطلون لطفل من أطفالهم.

ما هذه الصورة المشوهة المعلنة لحشد من الساسة العجزة الذين يحتكرون ثروة الشعب الليبي مقابل العجز وليس مقابل العمل والانجاز.. مقابل الخمول في قصور ليبيا وقصور وفنادق تونس ومصر وتركيا.

من الطبيعي أن يصرف المال لمن قدم عملا أو إنجازاً ومن الشذوذ أن يصرف المال لمن هو خامل لا يقدم وليس له همة أو ذمة في تغيير أوضاع ليبيا السيئة أم هذا نظام سياسي جديد أن تصرف ثروة الشعب الليبي على ساسة خاملين كسالى مقابل خمولهم وإقاماتهم في الخارج وثرثراتهم النسوية السفيهة والشعب الليبي محروم بالمطلق من كافة حقوقه، فلاحق لليبي في قبض معاشه بل هو متسول أمام المصارف.. لا حق لليبي في جواز سفر بل عليه بدفع رشوة.. لا حق لليبي في الحماية من الجريمة التي تقع عليه وعليه بالصمت.. لا حق لليبي بالاطمئنان في بيته الذي يدمر وينزح منه ويموت في ركامه من الاشتباكات ولا أحد به يبالي.. لا حق لليبي في حماية خبزه الذي يسعر بأسعار مسعورة وعليه بالتفرج على خبزه فرجة فقط.. لا حق لليبي في جرعة الدواء وثمنها ينهشه مع نهش المرض.. لا حق لليبي في التنقل بسيارته التي سعرت زيوتها وقطع غيارها أسعارا مسعورة.. لا حق لليبي بكرامة العيش في رمضان.. لاحق لليبي في كسوة أطفاله وأولاده وبناته كسوة العيد، عليه أن يبلع ويبلع حتى يموت بلعا، هل هذه الصورة معقولة لكم لشعب محروم احتكرت ثروته وحقوقه من فئة بليدة عاجزة لها أسماء وفي هيئتها بلاء.. مجلس نواب.. مجلس دولة.. مؤتمر وطني.. حكومة مؤقتة.. حكومة إنقاذ.. حكومة وفاق.. لجنة ستين.. مدراء إدارات ومؤسسات وشركات عامة؟

لا تلوموا على بعض أبناء الشعب الليبي الذين يرفعون الأعلام الخضراء وصور القذافي ومن يلوم عليهم عليه أن يلوم نفسه أولا لأنه غير نظاما مهما كان ظالما ولكنه يحترم حاجات شعبه بنظام لا يحترم ولا يهتم ولا يعير حاجات شعبه بأي معيار أو اهتمام.

_______________________________

* أسعار الملابس هي من محلات بمدينة طرابلس ومن أحياء متفرقة وهي لهذه الفترة مع قرب عيد الفطر.

[su_note note_color=”#ededad” text_color=”#000000″]هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر عين ليبيا[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً