خارطة حقوق المرأة الليبية

خارطة حقوق المرأة الليبية

أميمة خطاب

أستاذة جامعية وباحثة حقوقية ليبية مقيمة في بريطانيا

يُعتبر ملف حقوق الإنسان للمرأه في ليبيا من أكثر الملفات التي تُثير الجدل مؤخراً، خصوصاً عندما يكون الحديث عن المساواة ومنع التمييز على اساس الجنس. هذا المقال يحاول تقديم موجز عن خارطة حقوق  المرأة الليبيه في محاوله للفت النظر الى الظلم الاجتماعي الواقع علي الليبيات.

العارف بالمجتمع الليبي يستطيع بسهوله إدراك حقيقة انه مهما بلغ تفوق وعلم المرأة  أو مستوى شهادتها و خبرتها تظل مقيده بالمسموح والممنوع بالبيئه الاجتماعيه والثقافيه. كنتيجه لذلك لم يتمكن الكثير من الليبيات من التمرد و كسر حاجز العادات والتقاليد  التي ترسخ فكرة ضعف المرأه وعدم قدرتها على حماية نفسها. فتجد على سبيل المثال  القليل فقط من الليبيات من يمكنهن التنقل والسفر بحريه من مكان لاخر و القليل يذهبن دون مرافق عند الحاجة إلى إصدار وثائق رسمية من دوائر حكوميه .

في سياقٍ متصل وبسبب البيئه الاجتماعيه والثقافيه بالمجتمع الليبي قد تُهان المرأه الليبيه ولاتفكر في طلب العداله فعلى سبيل المثال من النادر جداً ان تسمع  ان فتاه ليبيه لجئت للقضاء لان قريب او غريب تحرش بها جنسياً او أن زوجه اقامة دعوى تفريق للضرر بالمحاكم لشعورها بالإساءة اوالنفور من زوجها لأي سبب حتا ولو كان انه شكك فيها اوجعلها ضحية اتهامات اخلاقيه اوعرضها لضغوط نفسية واجتماعية  دفعتها الى الموافقة على اجراء فحص طبي معين وكل هذا بسبب الخوف من كلام الناس.

ايضاُ في ليبيا لا يزل الجدل يسود بالمجتمع حول حق المرأه في ممارسة الرياضه في الاماكن العامه او دخول النساء  إلى ملاعب كرة القدم بحجة أنه عيب وغير اعتيادي واحياناً يوصف بأنه غير اخلاقي لما فيه من  اختلاط بين الجنسين وتشبه بالرجال . المهتمين بملف المرأة، يرجعون هذا المنع من الحقوق الى قطاع التعليم الذي لايزال متأثراً بالمعتقدات الدينيه المغلوطه وأيديولوجيتها المرتبطة بعادات قديمة يُصِر البعض على ترسيخها كصورة نمطية بالية . هذه الأيديولوجية فالواقع مرتبطة بالنظرة الدونية للنساء ولا تقبل الاعتراف  بأن للمرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل، فيتم التعامل مع المرأة مهما بلغ عمرها على أنها قاصر لابد وان تخضع لتحكم اقاربها الذكور ويجب عليها ان لاتخالف ماتعارف عليه الناس حتا لاتجلب الفضيحه لهولاء الاقارب.

في ما يتعلق بالسياق السياسي، رغم ان الحكومات الليبيه المتعاقبه لم تمنع النساء من التصويت والترشح للمناصب السياسيه، إلا ان نسبة التصويت والمشاركه السياسيه  للمرأه لاترقى الي الصقف المتطلع اليه وأُفق تمكينها  سياسياً لايزال متقهقراً. ايضاً  اغلب النساء الليبيات يتم تسييرهن والتأثير فيهن من قبل الرجال فتجد البعض منهن يقول  “مشيت معاه قالي صوتي لِ فلان” مما يعكس غياب الاستقلاليه  في صنع القرار و غياب القدره علي تكوين رأي سياسي مختلف. في ليبيا اليوم  تجد ان زوجة ألاخواني إخوانيه حتا النخاع وبنت مناصر الكرامه مع العسكر قلبأ و وقالباً  وأُم الثائر تقول “”سرقوها الثوره من الثوار ربي ينصرهم ” واُخت الداعشي تُصرح” لن نقبل إلا بمن يطبق شرع الله” اما حريم مؤيدي النظام السابق فهُن مع عودة عصر الجماهير والكتاب الاخضر.

فيما يخص الجانب الاقتصادي،  لا يوجد في ليبيا قانون مكتوب يحظر على المرأة  مزاولة أي مهنة، لكن هناك قانون  العرف السائد، وقانون أصحاب النفوذ الذكور الذين تتباين آراؤهم في شأن حق المرأه بالعمل  بحسب الطبقه الاجتماعيه التي ينتمون اليها.  الملاحظ في ليبيا ان مجالات العمل أمام النساء ضيقة جداً و محصوره في أعمال معينة , فمثلاً, بينما  أغلب الليبيات يعملن في قطاع التعليم والصحه, القليل جداً يعملن في  القضاء والقطاع البحري او الطيران . ايضاً لا تجد الكثيرات ورغم حاجتهن الماسه يعملن  كبائعات ملابس، أوسائقات للتاكسي ,أو كمحاسبات على الصندوق في مطعم أو محل تجاري. في المجتمع الليبي تواجه المراه عدة معوّقات تساهم في ابتعادها عن سوق العمل، منها الوصمه المرتبطه ببعض المهن ,وصعوبة التنقل ، وقلة خدمات رعاية الأطفال التي تجبر الكثيرات على التفرّغ لتربية أطفالهن. لذلك وللأسف تجد ان الكثير من صاحبات الشهادات العليا يلجأن الى  إقامة مشاريع صغيره  لكسب الرزق في اغلبها تقوم علي اعمال التطريز و الخياطه وصنع المأكولات والحلويات ولاتمت لمجال تخصصهن بصله.

فالعموم يمكن القول ان المرأة الليبيه اسيره لمجتمع تحكمه العادات والتقاليد والأعراف وانه لاسبيل لتغيير خارطة حقوقها إلا بالتخلص من  المفاهيم المغلوطه عن العيب والحرام  التي وللأسف تسيطر على كل نواحي الحياة الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه بالدوله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أميمة خطاب

أستاذة جامعية وباحثة حقوقية ليبية مقيمة في بريطانيا

التعليقات: 1

  • احمد بن الحبيب

    اوافقك الراي استاذه النساء تدفع ثمن غياب الوعي والعادات ولتقاليد المتخلفه في كل دوله عربيه ليس فقط في ليبيا

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً