سرايا الدفاع عن بنغازي وسرايا الدفاع عن طرابلس

سرايا الدفاع عن بنغازي وسرايا الدفاع عن طرابلس

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

ما دفعني للكتابة تحت هذا العنوان هو ما صرح به احد افراد القوات الخاصة في المنطقة الغربية، (الضابط عماد الطرابلسي) منذ أيام، حول نيته العودة الى طرابلس بقواته الخاصة المسلحة، بحجة تأمين عودة المهجّرين من طرابلس نتيجة حرب فجر ليبيا في عام 2014م ، حيث وجدت انه جدير اجراء بعض المقارنات مع ما تسمى “سرايا الدفاع عن بنغازي”، التي سبق وان تشكلت قبل عامين كنتيجة للحرب في بنغازي تحت قيادة (الضابط الشركسي)

لقد أعلنت ما يسمى سرايا الدفاع عن بنغازي عن نفسها وأعلنت عن أهدافها الظاهرية المتمثلة في عودة المهجّرين من بنغازي الى بيوتهم وديارهم بالقوة! وتشكّلت لذلك الكتائب والسرايا، في حين ان الهدف الخفي هو مناصرة (مجلس شورى ثوار بنغازي) ضد قوات (الكرامة)، وكان طموحها كبيرا الى درجة تجعلهم يفكرون في هزيمة خصومهم وينتصرون عليهم، ليسيطروا من ثم على بنغازي ويعيدون المهجرين منها! بالرغم من ان منطلقهم هذا لم يكن يستند الى منطق سليم بالنظر الى حجم الدعم الشعبي الكبير الذي كان يتمتع به خصومهم، حيث ظهر ذلك جليا في المساندة القوية لقوات “الكرامة” لوجستيا وعسكريا، من قبل جماعات مسلحة مساندة تشكلت من أبناء بنغازي وشاركت وبقوة في المعارك داخل بنغازي جنبا الى جنب مع قوات الكرامة.

لقد حاولت ما يسمى سرايا الدفاع عن بنغازي من خلال بعض القنوات الإعلامية التأثير في الرأي العام الليبي باستخدامها لمفهوم عودة المهجرين ، وهو ما أثر في البعض الذين تعاطفوا مع قضية العودة إنسانيا وعاطفيا، ولم تكتف السرايا بالمعركة الإعلامية فقط بل تعدتها حين قامت قوات السرايا بالعديد من المحاولات، ودخلت في معارك ومواجهات مسلحة مع قوات الكرامة في منطقة الهلال النفطي، واتخذت من قاعدة الجفرة نقطة انطلاق لها،  لكنها منيت بهزائم متكررة، واجبرت على التقهقر حتى وصلت الى ما وصلت اليه الآن من اندثار واعلنت عن حل نفسها!

في اواخر مايو هذا العام برزت مطالب عماد الطرابلسي، بالعودة العسكرية الى طرابلس تحت نفس حجة سرايا بنغازي وهو تأمين عودة المهجرين عن طرابلس خلال احداث فجر ليبيا 2014!، الا أن الهدف المخفي من وجهة نظري كان مجرد مناورة سياسية للضغط على المجلس الرئاسي والرأي العام الدولي والمحلي للمثول لمقارنة فعلية بين هؤلاء في طرابلس وأولئك في بنغازي!  ولقد كانت ردّات الفعل واضحة وجلية، حيث رفضت كل الجهات بما فيها المهجّرين انفسهم ان تستغل مطالبهم وتجيّر سياسيا، ولقد اربكت الواقعة جزء من المشهد السياسي الليبي، ووضعت سلطات المجلس الرئاسي في طرابلس تحديدا، امام الأمر الواقع وكذلك الرأي العام الدولي والمحلي في كيفية التعامل مع “سرايا طرابلس” !

واذا كان هناك في المجلس الرئاسي من يؤيد ما يسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي، فهو ملزم الآن بالقبول بالمثل بسرايا الدفاع عن طرابلس، وكما رفضت قوات الكرامة ومن يساندها في بنغازي عودة السرايا المسلحة، رفضت القوات المتواجدة في طرابلس عودة “سرايا الدفاع عن طرابلس”، ولذلك بادرت التشكيلات المسلحة في العاصمة بالإعلان رسميا عن رفض فكرة العودة تحت الغطاء العسكري ورحبت بعودة المهجّرين سلميا.

يبدو ان العملية كانت مجرد بالونة اختبار إعلامية ومناورة قصد بها احراج الرأي العام الرسمي والشعبي في ليبيا، من حيث انه اذا كان من حق سرايا الدفاع عن بنغازي في العودة الى بنغازي عسكريا، فانه يكون بالمثل الحق لسرايا الدفاع عن طرابلس العودة عسكريا! لكن الرسالة التي وصلت من خلال ذلك التصريح الإعلامي هي إشارة واضحة الى المجلس الرئاسي بضرورة الابتعاد عن ازدواجية المعايير في التعامل مع الأحداث داخل ليبيا وضبط البوصلة الليبية.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً