تحطيم العقل.. تعطيل الإرادة.. غياب الإدراك.. والأزمة الليبية

تحطيم العقل.. تعطيل الإرادة.. غياب الإدراك.. والأزمة الليبية

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

نجحت 17 فبراير في الاطاحة بأعتى دكتاتوريات العصر الحديث والمتمثلة في منظومة معمر القذافي الأمنية القمعية، وقد تعاون في ذلك العدو وحتى القريب “الصديق”! للقضاء على جرثومة الفساد والإفساد للمنظومة الاخلاقية للشعب الليبي. فبعمل ممنهج عملت منظومة القذافي المخابراتية ولجانه الثورية على تحطيم العقل  الليبي وتعطيل إرادته، ولا نبالغ لو قلنا بأنها سببت للكثير من الليبيات والليبيين الإعاقة الذهنية. فبعد تعطيل الدستور وكافة القوانين ضمن فوضته الثقافية ونقاطه التدميرية الخمسة في خطاب زوارة! كان التفجير والتدمير الشامل للمنظومة القيمية المجتمعية والتعليمية والاقتصادية ناهيك عن السياسية! فبتسلل شعوذته الخضراء الفكرية لمؤسسات التعليم العام والعالي كان تحطيم العقل، وبتحريمه العمل الخاص وتجريم التجارة ونعتها بظاهرة استغلالية كان تحطيم وسحق الإرادة في العمل! وتستمر الأزمة الليبية بتتابع مسلسل تحطيم العقل وتعطيل إرادة العمل بسبب غياب الإدراك.

عاهات الإعاقة الذهنية:

يروج بأن نظام القذافي العسكري قد أنتهى وعلينا نسيان ذلك .. وقد يتراءى للبعض أن الكاتب يتحامل على عهر الدكتاتورية العسكرية، والتي لا تختلف عن الدينية، فهو يُعزي ما نعيشه من أزمة إلى استمرار خزعبلات ومخلفات عهد الدكتاتور القذافي ولو بعجلة تناقصية تضاؤلية. فمع قبول أن الأزمة التي نعيشها اليوم في ليبيا لعبت فيها أطراف خارجية الدور الأكبر لأنها تملك تمويل الحروب الأهلية التي تمكنها من عقد صفقات السلاح وتحريك اقتصادها بل تعتبر الحرب الأهلية فرصة لا تعوض لاختبار الأسلحة الجديدة وتدريب عناصرها من مقتلين ومخططين استراتيجيين عليها .. لكن في نفس الوقت اعتمدت تلك الأطراف الخارجية على طرفين داخليين أساسين في الأزمة الليبية هما:

  • حساد معمر القذافي .. عشاق وعباد السلطة بلا حدود ولا شرف.. ويمكن أن نطلق عليهم بيادق التدخل الخارجي عبر وساطة عربية.
  • وقود الحرب .. شباب معوق ذهنيا وفكريا ومشلول الإرادة .. ونسميهم ضحايا النظام العسكري الفاسد.

الظروف الصعبة والتجارب المريرة التي عاشها الشباب الليبي بمؤسسات التعليم التجهيلية التخريبية مع الحروب المجنونة التي اقحمهم  فيها الدكتاتور العسكري معمر في مختلف بلدان العالم، زد على ذلك تحريم الطموح والعمل الخاص، خلقت عاهات وأنتجت سلوكيات يمكن التمعن فيها ومراجعتها مع السلوك التكيفي للمعوقين ذهنيا ضمن الاختبارات لهؤلاء المرضى والمحصورة في ثلاثة مهارات منقولة (1):

  • مفاهيم مهارات اللغة والقراءة والكتابة؛ المال، والوقت، والمفاهيم عدد، والتوجيه الذاتي.
  • المهارات الاجتماعية، مهارات التعامل والمسؤولية الاجتماعية واحترام الذات، سذاجة، سذاجة (أي الحذر)، حل مشكلة اجتماعية، والقدرة على اتباع قواعد / قوانين وطاعة لتجنب الوقوع فى المشاكل .
  • المهارات العملية، أنشطة الحياة اليومية (العناية الشخصية)، والمهارات المهنية، والرعاية الصحية، والسفر / التنقل، والجداول الزمنية / الروتينية، والسلامة، واستخدام المال، واستخدام الهاتف.

التعطيل الذهني بالاستبداد التعليمي، مع الأبوي، والتشجيع على الغش في الامتحانات لم يخلق عند الطلاب أي مهارات في القراءة والكتابة. وغياب التعامل الراقي الحضاري أفقد شبابنا مهارات التعامل الاجتماعية وتحطم الأمل في المستقبل وقتل الطموح في الشباب بحيث لم يشجعهم على كسب أي مهارات عملية ومهنية. فنستطيع اختبار عجز الأغلبية للمهارات العملية من طريقة وأسلوب قيادة السيارة !! لا نستطيع التعميم فحسب نظريات علم الاجتماع 25% من البشر لا تقبل الأمور على علاتها وتخضعها، على مشرحة البحث، إلى القراءة النقدية والمراجعة الذهنية وهذا يتوافق أيضا مع قاعدة عالم الاقتصاد الايطالي فلفريدو باريتو حيث مع وجود 80% الأكثرية التُبع، ويسميها “التافهة”، يوجد أيضا 20% أقلية فاعلة .. وهؤلاء هم من أشعلوا انتفاضة 17 فبراير ورجعوا إلى تعليمهم وأعمالهم مدركين لما يحصل من أفساد وإطالة للأزمة الليبية، ومازالوا يقاومون الفساد التعليمي والإداري المستشرى في البلاد بحضور الإدراك عندهم وبنضج عقولهم وحسن توجيه أرادتهم دونما أي تعطيل.

تحطيم العقل وإفساد التعليم:

بعد غزوات معمر القذافي الثقافية أصيبت معظم العقول الليبية بالشلل بعد أن أخضعها لمطارق إرهاب فقهه “الثوري” فتحطمت العقول تحت نير التجهيل، وتسلل الفكر الوهابي عن طريق باب نجله الساعدي  ليجهز على ما تبقى من عقول شابة مبشره بالخير. وبالسذاجة الدينية تسرب التطرف وتخلخلت عقيدة الشعب الليبي الفطرية المعتدلة المتسامحة وطفحت الكراهية.  وعوضا أن يلعب الإسلام على التحرير من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد انحرفت الوهابية بالكثير من شبابنا ليعبدوا أولياء الأمر بعد أن زُرع الخوف والجهل ممن يأتمرون بأمرهم من “شيوخ العقيدة” حسب إدعائهم.  فبعد أن “حررت العقيدة العقول والنفوس من الخرافات والأوهام والمخاوف ومسببات الذل والهوان  ” (2) رجعوا بنا “شيوخ العقيدة” أئمة أولياء الأمر إلى تعطيل عقولنا بقبول ظلم الحاكم ودكتاتوريته العسكرية ورفض التطور والحداثة بحجة سلفيتهم المظللة!!! فتسرب العديد من الشباب من الجامعات بحجة الاختلاط، ثم انتقلوا إلى تكفير العمل مع الدولة بحيث تحول معظمهم إلى موزعين لمياه الشرب والمواد الغذائية وقيمين وأئمة للمساجد.

يرى البعض أنه “خلال قرابة قرنين قادت الحركة الوهابية عملية الانحطاط الفكري والاجتماعي وصدرت العنف المذهبي والتزمت الطائفي الى البلدان المجاورة” (3) وارتدادات الفكر الوهابي ساهمت في تحطيم العقل الليبي وربما هناك من حاول التنبيه إلى خطورة الأفكار الوهابية بمحاولته في ” كشف الكثير من الحقائق عن انحطاط الفكر السلفي وان جمود العقل الوهابي وانحسار الرؤية المتطوره في الذهنية السلفية قد أدى الى ظهور حالة من الانفصام في الشخصية الوهابية التائهة بين الجمود اللامنطقي للعقل الوهابي وبين التطور العلمي والفكري والحضاري لحركة التاريخ الانساني. الفكر السلفي والتراجع الحضاري: من المهم أن ندرك إن العلاقة بين الانسان والتقدم علاقة تراكمية ومعرفية في آن، فبينما يدعو الاسلام كفكر حضاري الى التنامي المعرفي والخروج من قوقعة (الانا) الى المعرفة الكوني” (4). وبذلك سقط العديد من شبابنا في ليبيا ضحايا فخاخ الوهابية فتركوا الجامعات، وحتى الثانويات، والعمل في الدولة المختلطة بالإناث. ليتحول معظمهم إلى متسكعين بالمساجد وموزعين لمياه الشرب والمواد الغذائية!!!

تحطيم العقل لا يفرق عن إعاقة العقل وتعطيله .. فالإعاقة العقلية ينتجها الضعف اللغوي، فيضعف التعلم والتركيز والانتباه وكثيرا ما تلعب المشكلات الاجتماعية الدور الأكبر حيث يمثل الاستهزاء والتصدع الأسري والقسوة المفرطة من مسببات إعاقة العقل حسب ما يذكره الأخصائيون في هذا المجال. وبمعسكرات “السابع من أبريل” وبراعم “الفاتح” تحول شباب ليبيا إلى معوقين عقلياً بسبب الخوف من “فلقه” اللجان الثورية والمشانق التي نصبت في ساحات المدارس والجامعات وعلى أجهزة التلفاز!!! بل دمرت صيحات وأهازيج أزلام معمر الغوغائين “سير ولا تهتم.. يا قايد .. أنصفوهم بالدم” جميع بذور الفكر والتدبر، وبقيح نعيقهم تحول الكثير من الشباب إلى قطيع يحشرون رؤوسهم ما بين الرؤوس رافضين التطلع إلى سماء الحرية وبراح التعلم المحرر للعقول. بل من “التفنيص والفلقه” والقهر الممارس على الطلاب فتح متنفس الغش ليتحول التعليم إلى تحطيم للعقل وتكليس للفكر وتجهيل إجباري ممنهج منحط ومقيت.

تعطيل الإرادة:

يقول المثل الانجليزي “where there is a will there is a way” أينما وجدت الإرادة وجد الطريق .. أرادة الإنسان في العيش تدفعه للتعلم والعمل والإنتاج والإبداع.. وبالرغم من أن الإنسان بدأ تأمين حياته بالحركة والتحرك نحو مصادر المياه والثمار كأسلوب للعيش إلا أنه تطور بعد ذلك ليتحول إلى الصيد ثم الزراعة. واستمرت دافعية البقاء والحرص على تأمين المستقبل بالعمل والجد والاجتهاد وتخزين حاجاته للطعام. وبتطوير ما تعلمه من حرف لتصنيع أدوات صيده دخل مجال الصناعة وتمت شبه ميكنة الزراعة، التي اكتشفتها المرأة، مع توظيف طاقة الحيوانات والماء. إلى أن حصل على طاقة البخار وما تلاها من طاقات صناعية ناضبة ومتجددة. جذور غريزة الملكية مدفونة في نفس الإنسان الطبيعي ذكر أو أنثى، فما يحصده من شقاه وتعبه ولو كان أجيرا عند أحدهم في مصنع أو مزرعة أو دكان يضمه إلى مدخراته وممتلكاتهم ويتطلع للأفضل.  إلا أن عدو الفطره الإنسانية معمر القذافي أقنع الأجراء بأنهم عبيد وحول التجارة إلى ظاهرة استغلالية، بل أحل سرقة البيوت بتعويذته “البيت لساكنه”، وبحجة “الأرض ليست ملكا” لأحد سلبت الأراضي المشجرة والمستصلح زراعيا وسلمت لغير أصحابها فتحولت إلى أراضي بور بعد أن ملكها للغير وبدون وجه حق، كما وملك الدكتاتور معمر بمقولته: “السيارة لمن يقودها” الكثير من سائقي الشاحنات والأجرة سيارات من يعملون عندهم .. وكل ما حصل عليه بسهولة تم تدميره بشكل أسهل!!! فاستشرت الكراهية والحقد والحسد بين الناس بل تفجرت براكين الكراهية لتنفث بحممها الحارقة وتفتت الكثير من الروابط الاجتماعية، وأظلمت بدخانها نقاط أخلاقية مضيئة راقية في حياة الشعب الليبي .. فعم الظلام والدمار والخوف حياة الناس.

فطرة الإنسان مبنية على العقاب والجزاء ولكن بإدعاءاته الباطلة .. الشعب بيده الثروة والسلطة والسلاح.. حول الدكتاتور معمر الشعب الليبي إلى متسول ينتظر الراتب وما تجود به جمعيات معمر الاستهلاكية وأسواقه الشعبية من مأكل وملبس زهيد .. فقتل فيهم روح الإرادة والتطلع للأفضل فشل تفكيرهم في تطوير مداخيلهم وترهلت تطلعاتهم في الارتقاء بمستويات معيشتهم. فهذا الطاعون الجماهيري الذي أبتلي به الشعب الليبي يشار إليه إلى ما يشبهه في الطب النفسي بأنه “مرض الشلل، الذي غالبا ما يصيب أحد أطراف المريض فيجعله عاجزا على الحركة، فلا ينفع مع هذا المرض دواء ولا أي شيء لأنه ليس شللا نصفيا أو شللا عضويا، إنما هو في واقع الأمر شلل نفسي، ذلك أنه نتيجة لتراكم مجموعة من العوامل النفسية أهمها أن المريض يجد نفسه يعود إلى ما قبل الحركة. ” (5) نعم بفيروسات القذافي الشعبية قُتل الطموح وعُطلت دوافع الإرادة للتعلم والتطور والعمل والبناء والحركة فأرجعنا، كليبيات وليبيين، إلى ما قبل الحركة فكان الخمول الجماهيري الذي أستمر معنا إلى ما بعد انتفاضة 17 فبراير مما ساهم بصورة مباشرة في استمرارية الأزمة وإطالة عمرها وخاصة بعد فوضى الحصول على المال للمجموعات المسلحة ورواج تجارة السلاح والمخدرات والبشر والتهريب عبر المنافذ الحكومية!!!

بصيغة مشابهة نستطيع القول بأن نسبة كبيرة من الشعب بعد تعطيل إرادته بات مشلولا عن العمل وأستمر يتقاضى في مرتباته بدون تقديم أي عمل يُذكر .. نعم الشلل النفسي عطل الإرادة فتحول إلى إعاقة للحركة وخمول وكسل وجلوس على أعتاب المقاهي وغياب عن العمل وبعبارة أخرى “يؤكد الدكتور أحمد المطيلي أن العديد من الأمراض النفسية تسبب أمراضا عضوية، والشلل النفسي قد يتطور إلى أن يتسبب في توقف أحد أعضاء الجسم عن أداء وظيفته الحركية، إذ ينتج عنها إما شلل نصفي أو توقف إحدى الحواس عن أداء وظيفتها.” (6). الكاتب لا يجد أفضل من هذه المقاربة ليشرح سبب تعطل وشلل إرادة الكثير من الليبيين والليبيات في الخروج من الأزمة التي تعيشها ليبيا.

الإدراك:

يقول المثل: “إذا عُرف السبب بطُل العجب!” إذن فالخطوة الأولى في حل الأزمة الليبية هي إدراك أن رسالة التعليم ترقى إلى مناص الأنبياء فلا يجوز الغش فيها والتهرب من أدائها بمسؤولية وإتقان لأن ذلك يعني السقوط في الحضيض وإسهام مباشر في الأزمة الليبية. كذلك يجب إدراك أن تعطيل الإرادة عن العمل والإنتاج المادي والمعرفي هو موت سريري لكل من يتقاضى في راتبه من المال العام وهو يتسكع ما بين المقاهي يرتشف “المكياته” ممسكا بكوبه لساعات عوضا أن يمسك بيده قلم أو أزميل أو  كتاب أو فأس أو مقود أو أن يحرك أصابعه ما بين لواحات مختلفة من المفاتيح أو يصون وينظف آلة أو بالوعة تصريف مياه مغلقة بأحدى شوارع المدينة. على شبابنا أن يتحولوا من البطالة المقنعة ورواد للمقاهي إلى مساهمين في عمل الخير وخدمة الناس ونهضة ليبيا.

للأسف صحيح أسقطت انتفاضة 17 فبراير الدكتاتور العسكري معمر إلا أنه بالأداء غير الموفق لجميع الحكومات لم تتاح لأحرار الانتفاضة فرصة العمل على تحرير الشعب الليبي من العبودية للغش في التعليم والتقاعص عن أداء العمل بمختلف مؤسسات الدولة. ففي ليبيا نحتاج لمن يحررنا من قيود التخلف والغش والهروب من المسؤولية. ومما زاد الأمر تعقيدا ما تم من تجهيل عبر قيود التخلف الوهابية التي ساهمت في تحطيم العقل بالجامعات وتعطيل إرادة الاختيار ما بين أقوال العلماء ورفض السياحة والتأمل في ملكوت الله من خلال حلقات الذكر والصفاء الذهني ولو كانت من خلال قراءة مقالة تحرك الوجدان وتغوص في متاهات المزاج النفسي المتقلب أو السماح بالتيه في فضاء صفحات ملكوت الله المتبعثرة لترتد منتظمة تسبح الخالق أو النظر في كتاب مفيد.. فكانت الوهابية تلك الحُجب عن متعة الفكر والاختلاف والتدبر لذلك فإن”الحرية التي يتيحها التأمل الفلسفي كبيرة جدا، بل هي أكبر من الحريات الاجتماعية أو السياسية التي تنشد التحرر من القيود الخارجية كسلطة المجتمع والشرطة وغيرها! لأنها على الأقل إن لم تحررنا من خارطة الإدراك التي ندرك بها الأشياء، فهي تجعلنا مدركين لإدراكنا، منتبهين له، وهذا في ذاته إمكان كبير للحرية. ” (7).

خاتمة:

ربما أحلامنا في حلحلة الأزمة الليبية تحتاج إلى تجاوز الصراع السياسي المسلح على السلطة عبر مدينة الصراع بأسلوب ديمقراطي سلمي. فربما ما زاد ويزيد الأزمة عدم إدراكنا لتحطم رغبة التعلم وتعطل إرادة العمل. وهذا دليل واضح على الشلل الفكري الذي عشش في رؤوس الكثير من شبابنا. هذا السياق يُوظف في فيلم “النوم في العسل” الضعفالجنسي “كترميز لمدى الشلل الفكري والحسّي اللّذَيْنِ يُصيبان الفرد، عند احتكاكه الغير مكبوح بالجُمُوع، خاصّة إذا كانت الجُمُوع تعيش في ظلّ سلطة غير ديمقراطية، فيستحيلُ كائناً بليداً، لا يتجاوب مع أكثر المواقف والأحداث استفزازاً وتهييجاً، إلّا تجاوباً ساذجاً لا حركةَ فيه ولا انفعال.” (8) وينتهي الكاتب  وليد الأسطل إلى خلاصة القول بأن” تحقيق الأهداف والأحلام الكبيرة، لا يتأتّى، إلّا بتجاوز مَضَارِب السّائد والنّمطي. ” (9) فما يعرض على أرضية شاشة ليبيا من أنماط سائدة لتحطيم العقل بتجهيل طلاب الجامعات والمدارس وتعطيل إرادة التفاعل مع التراب، وإدراك الوقت، وبناء حضارة ..على حد قول مالك بن نبي.. سيطيل من عمر الأزمة .. إلا إذا هزتها ثورة فكرية تتجاوز الشلل الذي أصاب شبابها فيرجع شرف التعليم وتتحقق الذات من خلال التعلم امتثالا لقوله تعالي: “ اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ” (10) وقوله ” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ” (11)  .. وكذلك تقديس العمل والرفع من شأنه أسوة  وإقتداءً بالأنبياء الذين كان منهم الخياط والحداد والنجار والفلاح والتاجر والراعي والنساج(12)ويظل الأمل معقودا في وعي وإدراك شباب ليبيا الذين ندعو لهم أن يفتح عليهم الله فتوح العارفين، ونختم بالاقتباس ألأتي: “إنّ الجماهير تتعلّم ببطء، لكنّها حين تتعلّم، تتعصّب للفكرة أكثر من تعصّبِ صاحب الفكرة نفسه.”(13). تدر ليبيا تادرفت.

[su_divider top=”no” size=”1″]

الهوامش:

(1)            الأعاقة الذهنية ، برنامج هيلب وبوب Help-pop .Curriculum

(2)            فندية العنزي، “الشلل الفكري”، العرب نيوز.

(3)            حملة التحصين ضد الشلل الفكري الوهابي، ” دراسة في الشذوذ الفكري والاجتماعي والاخلاقي في المجتمع السعودي ” 21 أبريل 2013.

(4)            المرجع السابق.

(5)            التجديد، “الشلل النفسي.. ..مرض عضوي أسبابه “، نشر  13 – 11 – 2009 ، المغرس.

(6)            المرجع السابق.

(7)            أجمد جعفر ، “حول الوعي بالأدراك”، مدونات الجزيرة، 19 مارس 2017.

(8)            وليد الأسطل، “عن الجماهير ..الوعي.. الثورة”، مدونات الجزيرة ، 14 مارس 2017.

(9)            المرجع السابق.

(10)       سورة العلق آية 1 – 4.

(11)       سورة الزمر آية 9 .

(12)       فاطمة مشعلة، “مهن الأنبياء”، موضوع، 28 ديسمبر 2016.

(13)       مرجع سابق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

اترك تعليقاً