التعليم في ليبيا سليم أم كالصريم؟

التعليم في ليبيا سليم أم كالصريم؟

عندما يكون أغلب حديث وزير التعليم حول إدارة واحدة هي إدارة البعثات وما يخص المبتعثين ويشوب برنامجهم من فساد واعتلال فاعلم أن الأمر يتعلق بالتربية وليس بالتعليم وبالتالي كان الأجدى استضافة تربويين ونفسيين ووعاظ لتوصيف الوضع وما ينبغي له.. عندما يكون اغلب حديث وزير التعليم يتمحور حول ميزانية التعليم وتوزيعها وكيف ان جلها يذهب الى الموفدين الوهميين ومن لا فائدة ترجى منه ومن علمه فأعلم ان الامر لا علاقة له بالتعليم بل بالفساد واللصوصية والاجرام ومن ثم كان الاجدى استضافة البحث الجنائي والامن الداخلي والامن الخارجي للخروج بخطة عملية بكيفية محاربة اولئك اللصوص المختبئين بين ثنايا طلابنا ومدارسنا وجامعاتنا.

عندما يكون حديث وزير التعليم منصب حول الصعوبة في إيجاد طريقة يكون بالإمكان عبرها إلزام المبتعث والوثوق فيه أنه بعد تخرجه سيرجع لأرض الوطن ليقدم خدماته لذلك المواطن الذي منحه جزء من حقوقه لكي يدرس ويعود بالنفع لوطنه واهله.

أعلم أن الأمر يتعلق بالخيانة العظمى وكان الاجدر استضافة جهاز الأمن القومي ومكافحة التجسس وإطلاق سراح اللواء امحمد عجاج ليعطينا الإضافة في كيفية محاربة هذه الظواهر العميلة والخائنة.. التعليم في ليبيا لن ينجح ما لم تتحول الدكاكين المسماة مدارس الى مثابات لنشر المعرفة وليس العلم.. التعليم التقليدي سبيله التلقين اما كيفية تحويل المعلومة الى معرفة تفتح الافاق وتنير الدروب وتلهم العقول هو ما يجب ان تتبناه وزارة التعليم وليس البحث في طرق الإيفاد.

إن التعليم في ليبيا لن يكون ذا جدوى مادامت هذه الجيوش الجرارة من المدرسين العاطلين هي من تحدد مستقبل ابنائنا وبيدها مفاتيح نجاحهم.. إن التحول من أسلوب الامتحانات الميتة والاسئلة التقليدية الى المسائل المعرفية يتطلب رؤيا ثاقبة واستراتيجية تدخل لكافة مفاصل الادارة التعليمية وتطيح بكل هذا الكم الهائل من البطالة المقنعة وهذا الهزال المعرفي

إن تحويل ابنائنا الى قادة للوطن عبر نشر العلم والمعرفة هو ماي جب ان يكون هدفا حقيقيا لوزارة التعليم وهذا لا يتأتى بالكوادر المتوطنة داخل اروقة الوزارة.. لابد من استخدام المشرط والعمل الجراحي المؤلم لكي ننقذ التعليم في ليبيا.. لابد من احالة نصف المعلمين المحسوبين زورا على الملاك التعليمي الى وظائف اخرى على ان تتكفل وزارة التعليم بمنحهم نصف المرتب والباقي تتكفل به الجهات المنوط بها البحث عن اعمال تلائم تخصصاتهم وقدراتهم انما بعيدا عن قطاع التعليم وليتحمل القطاع الخاص تمويل هذا المشروع.. مشروع الاحالة هذا وتبنيهم في بعض المشروعات الخدمية الاخرى.. الصدمة لابد منها في قطاع التعليم ويجب الا نخشى ردة الفعل لأننا اذا لم نفعل ستحدث الزلزلة والتي لن تستثني احد سواء الصالح او الطالح.. لابد لقطاع التعليم من فكر وقاد يتصور ويحدد احتياجاته من الاطقم الفائقة والمتفوقة من الناحية الابداعية التعليمية.

ان هذا الكم الهائل من ابنائنا الخريجين والموجودين داخل كل بيت دون عمل او بارقة امل هو الدليل على فشل وزارة التعليم وفسادها وعدم تمكنها.. ان العلم تقدم عندما تحول الى معرفة وبقيت الكثير من الدول متخلفة عندما بقيت على نمطها البالي التقليدي.. لو نظرنا كمثال لدولة تونس المتفوقة علينا تعليميا وعلمنا انها ومع شكوى مواطنيها الدائم من البطالة يوجد لديها مائة وعشرون وظيفة لا تجد تونسيا واحدا يستطيع ان يشغلها لعلمنا مدى احتياجنا نحن لإصلاح برنامجنا التعليمي.

إن وزارة التعليم لن تفلح او تتقدم فقط من خلال اعلان نواياها الطيبة في محاربة الفساد بل عليها تغيير نظرتها ومن ثم فهمها لمسألة العلم والمعرفة لابد من ثورة تبدأ بتغيير نمط المدارس الاستهلاكي لتتحول الى منطقة اشعاع علمية تربوية وهذا لن يتحقق الا من خلال الكوادر الابداعية التي تكلمنا عنها ومن ثم نقوم بتشغيل هذه الكوادر في ملحمة تحويل المدارس الى مدارس اقامة داخلية بحيث نعزل المتلقي عن بيئته الموبوءة  فغياب القدوة سواء في البيت او الشارع جعل التلميذ في حالة انفصام وتناقض بين ما يتلقاه وما يراه حقيقة.

لابد من عزل ابنائنا عنا خوفا عليهم منا بعد ان صرنا ناقلين للجهالة والانحطاط …يتلقى الطالب في هذه المدارس كافة المناشط والعلوم لتتحول الى معارف ويكون البرنامج الدراسي اليومي مقسوم ما بين النظري والعملي بحيث يتم الاستفادة من اليوم كاملا.. الصباح والمساء والليل.. يتلقى التلميذ فيه كافة انواع المعارف والخبرات من علوم وحرف ومناشط بطريقة احترافية صارمة.. ستكون هذه المدرسة عالم افتراضي يتلقى فيه ما ينبغي وما لا ينبغي.. ستوفر له هذه المدارس الحرية لإطلاق العنان للفكر والابداع.. عندها نكون قد بدأنا اول الطريق في استيعاب ان العلم هو اول درجات المعرفة وليس كلها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً