وزارة الخارجية لا أذرع لها.. يا مجلسنا الرئاسي

وزارة الخارجية لا أذرع لها.. يا مجلسنا الرئاسي

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

بالرغم من الجهود الواضحة للسيد محمد سيالة وزير الخارجية المفوض لحكومة الوفاق في رسم سياسة خارجية واضحة لبلادنا، إلا أنه وحسب اعتقادي يصطدم بعدة عوائق داخلية وخارجية.

في هذا المقال سوف أركز على الجانب الداخلي الذي يمكن من خلاله تحقيق بعض الأهداف الضرورية لوزارته، وذلك بتكليف بعض الشخصيات الوطنية، للعمل بالسفارات الليبية والمنظمات الدولية والتي يجب أن يكون همها الوحيد هو العمل على تمثيل ليبيا التمثيل اللائق أمام الدول الأخرى.

يكون ذلك بنقل حقيقة ما يجري في ليبيا بعد 17 فبراير 2011 من تغيرات من أجل بناء الدولة الديمقراطية الوطنية دولة القانون والمؤسسات، بالرغم من الصعوبات الجمة التي تقف أمام تحقيق هذا الطموح المشروع.

لا خلاف بين الدول في إقامتها لمنصب وزير الخارجية، فكل الدول برلمانية أو رئاسية أو مختلطة لها جهاز متخصص في الشؤون الخارجية، يقوم على شخص وزير الخارجية الذي يساعد رئيس الدولة في تصريف الأمور الخارجية للدولة وتوجيه سياستها وعلاقاتها بالدول الأخرى في أداء وظيفته بمجموعة من الإدارات التي يرأسها وهي ما يطلق عليها في الغالب اسم وزارة الخارجية.

إلا أن دور وزير الخارجية الذي يمارسه يختلف باختلاف الأنظمة السياسية المشار إليها التي تأخذ بها الدول.

ففي النظم الرئاسية يقوم رئيس الدولة برسم السياسية الخارجية لدولته (الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً) وهو المسؤول عنها، ويساعده في ذلك وزير الخارجية. أما في الأنظمة البرلمانية (المملكة المتحدة) فإن مجلس الوزراء ورئيس المجلس لهما الدور الأهم في رسم السياسة الخارجية للدولة، وإن كان وزير الخارجية هو المسؤول الأول عن السياسة الخارجية أمام مجلس الوزراء مجتمعاً.

أما في ليبيا اليوم فالمجلس الرئاسي مجتمعا هو الذي يجب أن يقوم برسم السياسة الخارجية لدولة ليبيا، تطبيقاً للاتفاق السياسي، والدور الوحيد لوزير الخارجية المفوض هو تنفيذ ما يقرره المجلس الرئاسي والمسؤول مسؤولية مباشرة أمام المجلس الرئاسي.

أعتقد من المفيد الإشارة إلى أن هذا الخلاف في مركز وزير الخارجية لا يعني شيئاً في القانون الدولي العام. لأن هذا القانون يعتبره الممثل والمتحدث الرسمي باسم دولته في علاقاتها بالدول الخارجية، والذي يملك سلطة الإلزام والالتزام باسم دولته في هذا المجال. كما يقضي العرف الدولي بأن وزير الخارجية هو رئيس هيئة المبعوثين السياسيين التابعين لدولته.

ولعل أصدق ما كتب في تصوير دقة المركز الذي يشغله وزير الخارجية ما كتبه البارون (دتشر ماورتتز) والذي أكد على أنه في دائرة العلاقات الخارجية يكثر الطلب والتفاوض والالتماس وأن أية كلمة تقال في غير محلها قد تجرح أمة بأكملها. إن الحساب الخاطئ قد يعرض مصلحة الدولة للخطر.. ولذلك فإن وظيفة من يتولى إدارتها والإشراف عليها وظيفة قاسية ودقيقة.

لهذا نجد دائماً الرأي العام الدولي والداخلي اعتاد أن يصدر حكمه على الأمور على أساس طبائع وزير الخارجية، وإقالته من منصبه بمتابعة أحداث سياسية لها دلالتها.

لهذا يا مجلسنا الرئاسي فإن وزير الخارجية والفريق العامل معه (من سفراء ومدراء إدارات) يجب أن يتم اختيار الصالحين منهم لتمثيل الدولة الليبية في الخارج حتى تصان مصالحها ولا يتعرض شرفها للهوان.

لهذا متى يا مجلسنا الرئاسي يكون لوزير خارجيتنا أذرع يستخدمها من أجل تحقيق أهداف سياستنا الخارجية في ظل ما نشهده من تدخلات من هنا وهناك؟؟؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

اترك تعليقاً