هل نهزم أنفسنا لننتصر للحقّ المُبين الذي يَعلو ولا يُعلى عليه

هل نهزم أنفسنا لننتصر للحقّ المُبين الذي يَعلو ولا يُعلى عليه

للحقيقة وجه قبيح في بعض الأحيان وما أسرده في سياق مقالي هذا قول صادق ووصف دقيق لحقيقة واقعنا المر المعاش والمحزن لنا كشعب ليبي وكأمة عربية مجيدة ذات مشعل حضارة ورسالة للعالمين. لا أريد مزايدة ولا تعقيب من أحد على ما أقول من حق ولا جدال. فصرختي أطلقها في سماء الوطن موجهة بقوة لكل ليبيا والليبيين.. (يكفينا خلافات ومهازل صراع سلبي مدمر لوطننا ولوجودنا أيها الليبيين) فلنهزم أنفسنا ولنخلص النوايا لله رب العالمين وننتصر لهذا الحق المبين ولقضايا وطننا العظيم. فالبرغم من تغاضي بعضنا واستكبارهم ورفضهم للحق فعلينا نحن الليبيين جميعا واجب النضال الشرعي والعادل لهزيمة ثقافة الضلال ومقاومة الظلم وهذا الاستهتار بمصير الوطن.. علينا هزيمة ثقافة الظلام والطغيان التي لا زالت مسيطرة على عقول البعض منا لأن عقلية الطغيان وعقلية الهيمنة والتبعية والتقليد الأعمى هي من أخطر الثقافات فتكا بحياة وبكيان مجتمعنا وأن الصراع الدائر والمستمر لاحتكار السلطة والوصول لخزائن الدولة لسرقة أموال وثروات وطن الليبيين هي الدافع لهذا الصراع السلبي المدمر لحياتنا ولمستقبل الأجيال.. فلماذا تمردنا وكنا ثائرين لماذا أجيبوني بحق لا إله الا الله وأي تغيير في حياة مجتمعنا أردنا أيها الليبيين؟

يؤسفني بأنني لا أستطيع وصف ما يحدث الا بالقول انها أحداث مؤلمة تصيبنا كل يوم في مفصل وأنها أحزان وخسائر فادحة قد لحقتنا ومحن ومهازل قد أصابت مجتمعنا البسيط من خلال اشعال نار هذه الفتنة بين أبناء الوطن الواحد والدم والمصير وهذا الدين العظيم ومن خلال مؤامرة قذرة دنيئة هدفها استمرار تأجيج النزاع والخلاف على مستوى الجبهات الداخلية والخارجية بيننا.. تزداد معاناة الجموع وتطول ويحق لليبيين في كل مدنهم وقراهم اثارة هذا السؤال اليوم.. من هم هؤلاء المتصدرين للمشاهد واللصوص المتصارعين والمرضى المتشبثين بالسلطة والمستحوذين على مصادر القوة من سلاح ومال بيننا اليوم لينوبوا عنا في السيادة على الوطن وتقرير المصير بعد هذه التضحيات الجسيمة.. أجيبوني أيها الليبيين الأبرياء الطيبين؟

ولكني أقول لكل هؤلاء أسرى ثقافة الضلال بالرغم مما أصاب بلادنا وما حل بمئات الالاف من خسائر فانه لا عداوة بين الليبيين وأن الموت ينتظركم وعن هذه الدنيا سترحلون لو بعد حين فتوبوا لله رب العالمين واتقوا يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون وأصلحوا حالكم وحال البلاد وكونوا مع الله صادقين وثائرين حقا فالثورة تبقى حق مشروع لكل انسان في هذا الوجود عندما يواجه الظلم والطغيان والعدوان وتبقى الثورة رسالة عظيمة وعملية تغيير نحو الافضل في حياة المجتمع والناس أيها الليبيون.. والثائر الحق هو الذي يملك قضية عادلة غايتها شريفة ووسيلتها شريفة وتبقى قضيته انتصار الحق وأي حق!! انه الحق المبين الذي يعلو ولا يعلى عليه في العالمين.

لهذا الحق أدعوكم مخلصا صادقا وأقول لكل الليبيين أخوتي في الله وشركائي في المصير والوطن ان لم نتحرك الان ونتحرر من عبوديتنا لأنفسنا وللهوى ولثقافة هذا الضلال المبين ونبادر بإيجاد المخارج السليمة من هذا النفق المظلم والصراع السلبي لتصحيح المسار فان الوطن سيضيع من بين أيدينا والذل سيخيم على حياتنا وسيلحقنا العار ويا له من ذل ويا له من عار سنتركه ورائنا للأجيال أيها الثوار والشرفاء والأخيار من أبناء ليبيا الحبيبة هذا الوطن الجريح بيننا اليوم..

نعم أدعوكم لتصحيح المسار بهزيمة أنفسكم أولا قبل هزيمة بعضكم البعض أو هزيمة أي أحد أو تحقيق أي انتصار مزيف على الأخرين بالعودة لله رب العالمين ولهذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله للعالمين ان كنتم حقا بيوم الحساب مؤمنين وبالأخرة موقنين ولها ساعيين. نعم رغم هذه المحن وهذا الواقع المخزي والمهين المرير أقول لن ينقذنا مما نحن فيه من فرقة وفتنة وظلم خسارة الا هذا الايمان القوي الراسخ بالله رب العالمين. فهل نهزم أنفسنا لننتصر لهذا الحق المبين الذي يعلو ولا يعلى عليه في العالمين!

قد يتطلب هذا الجهاد وهذا التحرك في الاتجاه السليم لتصحيح المسار وهذه الصحوة لإنقاذ الوطن جهدا وتضحية وتنازلات ولكنها لن تكون بكبيرة مقارنة مع حالنا المزري والمهين وقد يستغرق هذا العمل الوطني المشرف والعظيم وقتا ولكنه حتما لن يكون بوقت طويل وأن هذه التضحية  بالمكاسب المادية  الفانية لن تكون بأكثر قساوة وخسارة من ما قدمه الوطن وما قدمناه  نحن عموم الليبيين من تضحيات فجاهل من ينكر أن المكاسب  التي ستتحقق بتصحيح المسار عظيمة  وفيها من الخير لكل ليبيا والليبيين الخير العظيم وكيف لا و هي الطريق للمصالحة والوئام وهي السبيل لعودة الأمن والأمان ولانتزاع السيادة والاستقلال للوطن من عصبة الأمم المتحدة وعودة الاستقرار لحياة  الشعب و في تصحيح المسار رضى الله عنكم لو انكم تعقلون .فهل تبتم لله رب العالمين؟

هل رجعتم للضمير في وجدانكم وقوة الايمان في قلوبكم بالله الواحد الديان وبادرتم لتحقيق مصلحة الوطن في المصالحة بينكم والعفو عما سلف.. أفلا أحببتم أن يغفر الله لكم ذنوبكم؟ هل ناضلتم من أجل عودة الحق لأصحابه وأصلحتم حالكم وحال البلاد والعباد قبل فوات الأوان وحاسبتم أنفسكم قبل أن تحاسبوا يوم الحساب؟؟؟

ختاما لمقالي هذا فاني أقول أن المعاصي ملازمة لابن آدم، فَمُقِلٌّ ومُسْتَكْثِرٌ، ومُعَظِّمٌ ومُسْتَصْغَرٌ، ومؤيد ومنكر، ونادم ومستكبر، والمعصوم من عصمه الله، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: “كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ”. ولقد حث الله تعالى إلى التوبة بل أمر بها عباده في آيات كثيرة ووعد عليها بالثواب العظيم، والغفران الكبير، قال تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة 160]، وقال سبحانه: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء 17].

الله رحيم كريم غفور ودود، رحمته وسعت كل شيء، سبقت رحمته غضبه، يغفر ويصفح، ويعفو ويسمح، لا يؤاخذ بالذنب لأول وهلة، بل يملي للظالم والعاصي لعله يتوب، وإلى الله يرجع ويؤوب، قال عز وجل: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المائدة39 ] ، وقال عز وجل : { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [ التوبة104 ] ، وقال تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور 31]، ويقول الحق تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى 25].

أما أرجى آية في كتاب الله تعالى فهي آية سورة الزمر، فهي آية التائبين والعائدين إلى الله، يبشرهم ربهم بأنه يقبل توبتهم، ولا يقنطوا من رحمة ربهم فهو القريب السميع البصير الذي يسمع نجواهم ومناداتهم لربهم عند توبتهم، ويقيل عثراتهم، ويغفر ذنوبهم وزلاتهم، حيث يقول سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر 53].

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، صغيرها وكبيرها، ما علمنا منه وما لم نعلم، يا رب تجاوز عن سيئاتنا، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالمؤمنين، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. للهم تب علينا، وألهمنا رشدنا، وجنبنا السيئات، اللهم اعصمنا من مضلات الفتن، اللهم ارزقنا توبة نصوحاً قبل الموت، وراحة عند الموت، ورحمة ومغفرة بعد الموت، اللهم توفنا وأنت راض عنا غير غضبان، اللهم أعذنا من عذاب القبر وعذاب النار، اللهم أدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب، يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً