قناة تونسية تتهكّم على الليبيين والقنصلية تتّخذ إجراءات

عين ليبيا

«قارة وبعلوش» في دائرة اتهام «اللهجة الليبية»

العلاقات التونسية الليبية عريقة عصية على الوقوع في براثن التوتر لما يزخر به التاريخ الجامع بين التونسيين والليبيين، بمختلف فصوله وتعرجاته وثناياه، بنقاط تلاق مضيئة وبمبادرات تنقية للأجواء وجهود فردية وجماعية تأبى في كلّ مرّة يحتدّ فيها الجدل بين البلدين حول ظرف طارئ ما، إلاّ أن تلعب دور الضمانة لعدم انزلاق الأمور إلى براثن التوتر، وأن تكون بمثابة المُعدّل الطبيعي الذي تنتفي معه الخلافات جميعها إعلاء للمشترك العريق والمصير الموحّد الواحد. يقول الشاعر الليبي المرحوم د.خليفة التليسي في قصيدته (قدر المواهب):

سَـنَـظـلُ نـعْـشـقـهُ عَــلَــى عِــلاتــهِ
               وَ نُـضـيءُ فِـيــهِ مـجـاهـلاً وَ غيـاهـبـاَ

وَ نَــظــلُ نُـبْـدِعَــهُ قَـصِــيــداً رائِــعَـــاً
                 يُـغْـنِــي جـوانـبــه وَ فِــكْـــراً ثـاقــبــا

فلطالما اتّسمت العلاقات التونسية الليبية بكونها عريقة قائمة على مبدأ التآخي والتآزر في المحن والمسرّات على حدّ سواء. علاقات ضاربة في القدم تشهد صفحات عديدة من التاريخ على متانتها وسُموّها على الحسابات الضّيقة التي عادة ما تحكُم العلاقات القائمة أو تلك المُبرمة بين الدول.

إن التاريخ الواحد الذي يجمع البلدين حال دون أن تُشكّل الحدود التي تفصل البلدين، عائقا أمام تنقل المقاومين عبر الطرق الصحراوية خصوصا من جهة الجنوب الشرقي لتونس وغرب ليبيا، حتى تشكلت نواة مشتركة أولى لمقاومة المستعمر بين البلدين يقودها خليفة بن عسكر في تونس وعمر المختار في ليبيا. وقد سجّل التاريخ عديد المعارك المشتركة بين الشعبين، والكلّ يتذكر ثورة المُقاوم التونسي علي بن غذاهم ضد الاستعمار الفرنسي، والتي انطلقت من ليبيا وتشكلت أولى لبناتها بالأساس على أراضيها.كما يقول الشاعر التليسي في نفس القصيدة:

فَـــإِذَا تَـعَـالـتْ صَـرْخــةٌ سِـرنَّــا لـهَــا
               ســيــلاً يَــهـــدُ مـعــاقــلاً وَ كـتـائـبــاَ

  وَ إِذَا تَـزَاحـمــتُ الـخُــطُــوبُ رأيْـتــنَّــا           
                 كَــفْــاً مُــوحــدةً وَ سَـيْــفــاً ضــاربـــاً

    أبـــداً نَـــذودُ الـضَـيْـمَ عَـــنْ جَنَـبَـاتِـه
                 وَ نَـــردُ صــــرْحَ الـحـاقـديـنَ خـرائـبــاَ

نُـعْـطـي وَ نُـعـطـي لاَ نُـبـالـي نَـالـنَّـا
               عَــنَــتٌ يَــــردُ الـمـكْـرمــاتِ مـثـالـبــاَ

لاَ يـمـلـكُ الـــدوحُ العـظـيـمُ ظِــلاَلَــهُ
              قَــدرُ المـواهـبِ أَنْ تفـيـضَ مـشـاربـاَ

والتاريخ سجّل أنّ التمرد على الباب العالي في تركيا كان بدوره نهجا مشتركا بين البلدين، حيث عمد باشوات ليبيا آنذاك وبايات تونس إلى محاولة الاستقلال، ولو صوريا، على “فرامانات” وأوامر الأساتنة في إسطنبول.

ما جرّنا لهذا السرد التاريخي للعلاقات الليبية التونسية هو التذكير أولا لمن نسى أو تناسى متانة العلاقات الثنائية بين الشعبين الشقيقين وخصوصا من بعض الاعلاميين التونسيين ومن ناحية أخرى هو  قراءة لما عبّرت عنه  العديد من الصفحات الليبية بمواقع التواصل الاجتماعي عن استنكارها من ما ورد في عدد من القنوات التونسية واستخدام الشعب الليبي مادة اعلامية ساخرة بتقليد طريقة حديثهم والاستخفاف بهم وفق تعبيره واستخدام اسماء مركبة اختارها ساخرة لزيادة الإمعان في السخرية المقيتة من الشعب الليبي، عندما خصص قارة وبعلوش فقرة من برنامجهم التلفزي على فضائية “التاسعة” التونسية حول أحداث مباراة المنتخب الليبي أمام نظيره التونسي والتي انتهت بفوز الاخير وترشحه ضمن المنتخبات العربية المتأهلة لمونديال روسيا 2018.

حيث أنهم وفي ذروة نشوتهم بالانتصار الكروي بل تعداه غلى تقمص شخصية ليبية ساخرة لمزيد التهكم والامتهان لأساسيات المهن الاعلامية التي يجب أن تراعي إضافة إلى شرفها الذوق العام ومشاعر المواطنين وثقافات الشعوب وعدم المس بها لأنها تمثل حاضر ومستقبل الاجيال القادمة ومن ثم كان لزاما على القائمين على هذا البرنامج وغيره ووفق المتعارف عليه في البرنامج المذاعة المحافظة على القيم والمبادئ السامية التي قد فاتت مسؤولي ومشرفي هذا البرنامج.. وهنا نطرح تساؤلاً لطالما أرّق الليبيين، وهو: ماذا لو كان الفريق الرياضي غير ليبي ولا عربي.. هل يستطيع البعلوش وقارة أن يصدر عنهما ما صدر من تهكم وسخرية لاذعة كالتي وُجّهت لمنتخبنا الليبي؟.. وأقصد هنا لو كان الفريق الرياضي فرنسيا بالتحديد.. ولعل من نافلة القول الخوض في التفاصيل لأنها معروفة سلفا..

إن الاتجاه في ظل الاسفاف والانحطاط الاخلاقي الذي تعيشه بعض القنوات الفضائية التونسية وهذا التطاول بشكل وصفه الليبيون بالتهكمي والمستفزّ والفظّ على تراث وتقاليد وأعراف  وشخصية وهوية الشعب الليبي وجعلها محط سخرية (بلاتواتهم المفتقرة للغة العربية) والتي تعج بالحاضرين مدفوعي الأجر العاطلين إلا عن التصفيق في جوقة نشاز عن المألوف وذلك بناءً على  الحاح عدد كبير من الليبيين من مختلف الاوساط بالضغط على القنصلية الليبية بتونس لتقديم مذكرة احتجاج لوزارة الخارجية التونسية ورفع دعوى بالقضاء التونسي ضد قناة التاسعة وبرنامج “ليمسيون” وتعريبها (حصة) ومنشطه أمين قارة يسانده الممثل التونسي طارق بعلوش الموُصوف بـ(المغمور) اللذين قاما بالاستهزاء بلهجة الليبيين وثقافتهم في احد البرامج التلفزية التي تقدمها قناة التاسعة التونسية .وليعلم (قارة ونديمه بعلوش) أن قضايا الشعوب لا تسقط (كسقطتكما الاعلامية) بالتقادم..

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً