كلما فعلنا خيراًُ أكثر أصبحنا أحراراً أكثر

كلما فعلنا خيراًُ أكثر أصبحنا أحراراً أكثر

رحلتك مزرعتك، أنت حر في زراعتها ولكن!، انظر وتمعن جيداً ما تزرع، فأنت لست حراً في اختيار نوع الثمار التي تجنيها منها، هكذا هي رحلة الحياة، نحن نؤمن بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ونفس الإنسان رهينة ما كسبت، فازرع خيراً تكسب خيراً.

في رحلة الحياة. نحاول دائما أن ننظر ونتمعن جيدا ما نزرع قبل أن نحصد. أن نتفكر ونتأمل ونتدبر، ونسعى ونعمل ونثابر ونأمل دائما أن يكون ما نزرع خيرا، فقد نزرع شرا بعلم أو بجهل !، من يدري !، فالضامن لنفسه جاهل بها، ولكن هذا أبدا لا يفقدنا أملنا في الله وحرصنا وحماستنا دائما أن نزرع في رحلة حياتنا خيرا أكثر.

كلما فعلنا خيرا أكثر أصبحنا أحرارا أكثر. هذه هي قناعتي. أنت لست حرا عندما تكبل نفسك بفعل الشر، فالحر حر بفعل الخير، الأخيار هم الأحرار فاحذر أن يلتبس عليك معنى الحرية، فهي لا تعني أن تفعل ما يحلو لك كما يدعو إليها البعض، الحرية هي أن تفعل الخير لا أن تفعل الشر.

عندما ننمي الخير بذواتنا لنجعله غالبا بداخلنا على شر أنفسنا وأمرها لنا بالسوء، عندها فقط تبدأ معرفتنا لذواتنا حقا، وتبدأ معرفتنا لدورنا المهم وهو فعل الخير، فيصبح بذلك الإنسان منا حرا، الإنسان الحر يعبد الله ولا يخشى سواه، الإنسان الحر يتفكر ويتأمل ويتدبر ويسعى ويعمل ويثابر دائما لفعل الخير قدر استطاعته، الإنسان الحر مؤمن يحمل إرادة قوية وثقة بالله وعزيمة لا تنفذ، الإنسان الحر يسود نفسه بالخير ولا ينفك بتاتا عن تنمية الخير بذاته وبالآخرين، لا يرضى عن نفسه ولا يضمنها، ولا ينفك أيضا عن تقنين عيوبها وتوجيهها للخير ومراقبتها دائما، ليكون بذلك محافظا على ارتقاء مستوى الخير بداخله، فيصبح بذلك مسهما مبادرا بالخير، مفيدا لنفسه ولجميع من حوله.

 كلما زادت مثابرة الإنسان في تنمية الخير بذاته زادت فاعليته الخيرة، وزادت تنميته وإفادته لنفسه وللآخرين في شتى المناحي، على مستوى محيطه وعلى مستوى محيط الإنسانية أجمع، فأن تصبح مبادرا مسهما دائما في تنمية الخير بذاتك وبالآخرين، ذلك ارتقاء منك بذاتك وبغيرك إلى الأفضل دائما، هذا هو التغيير الصحيح المستمر، والذي يجب أن يكون ملازما لنا دون توقف، التغيير يبدأ بأنفسنا، بتغيير ما بها من خطأ إلى صواب، وتغيير ما بها من عيوب إلى مزايا، وما بها من سوء إلى حسن، وما بها من شر إلى خير، تغيير صحيح مستمر يبدأ بتغليب الخير بداخلنا انتقالا إلى ما حولنا لينتشر الخير بفضل الله على مستوى أوطاننا، هكذا يصبح الإنسان الحر منا ناشرا للخير حوله، مسهما ومبادرا بالخير مع كل الأخيار على وجه البسيطة، فالإنسان الحر إيمانه بالله قوي ويحب لغيره كل ما يحب لنفسه.

أن نكون أحرارا هي أن نكون سادة أنفسنا بالخير. بأن يسود الخير ذواتنا، ولن نسود أنفسنا بالخير إلا إذا أعطينا قيم الأخلاق أهمية بالغة في شتى مناحي حياتنا وأعمالنا، بأن نسعى قدر المستطاع للتحلي بأخلاق الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويجب أن نعلم حقيقة أننا مهما تحلينا بها لن نصل لتمامها فالكمال ليس لنا، لئلا يتوهم الإنسان كمال نفسه، أما قرأت قول الشاعر الرندي : ( لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان )، ولكن المهم هو أن نضعها دائما في قلوبنا وأمام أعيننا بأن نكون في سعي دائم وعمل مستمر للتحلي بها قدر الاستطاعة، والثقة بأننا سنصل بإذن الله إلى التحلي بقدر كبير منها، إن الإنسان سجين أفكاره يترجمها لواقعه. فلنفكر دائما بها. أقلها لنكون على دربه قدر استطاعتنا، فنحن بالتأكيد لن نصل بأخلاقنا لدرجته الشريفة فهو نبي الله المعصوم من الخطأ، رحمة العالمين السراج المنير، صلوات الله وسلامه عليه.

قال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، من هنا أقول : إن الإنسان الحر لا يكون حرا إلا إذا كان خلوقا، فالحرية هي التحلي بالأخلاق وليست الانحطاط عنها أو الإفراط فيها، فأن تكون حرا وأن تعمل بحرية هي قيم تعني الكثير من المعاني فاحذر ممن يزيفونها، فالأهم من أن تعرف الإنسانية أن هناك قيمة اسمها : ( الحرية )، هو أن تعرف حقيقة : ( ما الحرية؟ وكيف يكون الإنسان حرا؟ )، لكي تكف بعض الإنسانية عن تزييف حقيقة معنى الحرية على أنها الإباحية – بمعنى افعل ما يحلو لك فكل شيء مباح ! – فهذه ليست الحرية بل هي تزييف لحقيقة المعنى ومثل هذا التزييف يخدم الشر لا الخير، إن الأخيار هم الأحرار فلا تجعل أوهام الشر تزيف لك حقيقة معاني المبادئ والقيم النبيلة، إن من يفرط في فعل الشر هو في الحقيقة إنسان مسلوب الإرادة، فعندما يخضع الإنسان للشر يصبح بذلك فاقدا لسيادة نفسه لاسيما عمله أيضا، ذلك أنه يصبح ممن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أداة للشر كما ارتضوا لعملهم أن يكون أيضا خادما للشر، فمن يفعل الشر هو في الحقيقة حبيس أوهام عديدة ارتضاها لنفسه بنفسه، فالإنسان الحر إنسان مؤمن خلوق فاعل للخير وليس فاعلا للشر.

لنسعى ونعمل ونثابر ليسود الخير بذواتنا فنراه منتشرا بأوطاننا، ولنأمل ونثق بالله دائما أن لا خير مستحيل، الخير بلا شك يتحقق، بالسعي والتوكل على الله والعمل والمثابرة والأمل وما التوفيق إلا بالله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

علي بوخريص

كاتب ليبي

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً