اضطراب الهوية الليبية والجنوب الليبي مثالاً

اضطراب الهوية الليبية والجنوب الليبي مثالاً

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

بعدة صدمات اجرائية متوالية على الوحدة الوطنية الليبية نشأ في ليبيا أخطر ماتتعرض له البلدان في العالم وهو اضطراب الهوية الوطنية والعودة بها إلى الأصول البدائية المتخلفة القبلية والعرقية بما يشبه العصور البدائية الأولى وقد بدأت هذه الصدمات فعلياً من بعد انهيار نظام القذافي الذي حافظ فعليا على الهوية الليبية لعقود وأول هذ الصدمات جرت من المجلس الانتقالي الذي قسم المدن الليبية على الأساس المحلي القبلي بتأسيس مجلس مدني ومجلس عسكري لكل منطقة بتحديد سلطة مدنية وعسكرية على اساس الانتماء الاجتماعي القبلي مما ابرز السلوك القبلي الذاتي الذي فصل منطقة او قبيلة عن منطقة او قبيلة اخرى واشتدت هذه الصدمات الضاربة مع مايسمى المؤتمر الوطني العام الذي غلب ونصر منطقة على منطقة اخرى وقد حدث ذلك بدعم الحرب على منطقة بني وليد وكانت في عمقها هى حرب بين مدينة مصراتة ومدينة بني وليد ودعم الحرب على ورشفانة وكانت في عمقها هى حرب بين ورشفانة والزاوية مع تعامل اغلب الحكومات التشريعية والتنفيذية المتعاقبة مع مناطق وقبائل ليبيا بأساليب ظالمة غير عادلة وذلك بإغفال مناطق معينة إغفالاً تاما من الخدمات والدعم وتركيز الخدمات والدعم على مناطق وقبائل معينة وكان الامر واضحا في مناطق الوسط الليبي ومناطق الجنوب الليبي فمن الإغفال والاهمال الى ان احتلت مدينة سرت بكاملها من جنسيات اجنبية عرفوا بتنظيم الدولة غير الاسلامية ( داعش ) والى ان توطّنت رسميا جماعات من دول تشاد والنيجر ومالي في الجنوب الليبي مع نشوء ثقافة ساذجة بدائية مندثرة ، غريبة بسذاجتها وعجيبة ببدائتها وتخلفها ومنها ثقافة مدن منتصرة ومدن مهزومة وفرض توجهات مدينة منتصرة على مدينة مهزومة اي مدن منتصرة بفبراير ومدن مهزومة بفبراير وعلى المدن المهزومة ان تعترف بمباديء فبراير وسياسة العقاب على اساس الانتماء الاجتماعي القبلي لقبائل كاملة بأطفالها ونسوتها وشيوخها في حين ان المتهمين منها فئة قليلة وخير مثال على ذلك هو اهالي تاورغاء كذلك تصريحات من ساسة متعاقبين هى تصريحات لاتعبر الا عن بلادة في الفهم وادراك قاصر قصير وعقل دون تفكير ولاتدبير فمن بداية المجلس الانتقالي وتتبعا الى هذه اللحظات ظهر في اغلب تصريحات وتخرصات وتفاهات وافتراءات الساسة الليبيين مفهوم المكونات الثقافية الليبية وهو مفهوم لاينطبق على اي عرق وطني من الاعراق الليبية عربيا او أمازيغيا او تباويا او طارقيا فلاتوجد في ليبيا مكونات ثقافية على الإطلاق والامر بالدليل العلمي وما إظهار هذا المفهوم الا ضربا وركلا وصفعا من أشباه المثقفين من اولئك الساسة للوحدة الوطنية الليبية ، يرجى من ذلك الاطلاع على مقال لي منشور في سنة 2015م ( لايوجد في ليبيا مكونات ثقافية ) لمزيد الفهم .
أدت هذه العوامل وغيرها من العوامل الى اضطراب عام في الهوية الوطنية الليبية وارتدت كل منطقة او كل قبيلة في ليبيا الى ذاتها الاجتماعية تدعم وتنمي كيانها القبلي والاجتماعي بمعزل تام عن الهوية الوطنية الجامعة واصبحت ليبيا في عمقها الاجتماعي قبائل ومناطق منعزلة بذاتها عن بعضها البعض وهذه حقيقة يعرفها من يعيش في ليبيا ونظرًا لوجود القوي والضعيف سلاحا بين القبائل والمناطق الليبية ولوجود المسيطر والمسيطر عليه بين المناطق والقبائل الليبية ولان كل منطقة وقبيلة ضعيفة او متوجسة اصبحت تشعر بالتهديد على كيانها الاجتماعي لجأت بعض القبائل الى الأسوأ للحفاظ على كياناتها القبلية وذلك بما هو خطر داهم على الهوية الوطنية الليبية ففي الجنوب الليبي لجأ تبو ليبيا الى امتداداتهم القبلية باستدعاء بعض تبو دولتي تشاد والنيجر لدعم وجودهم ولجأت قبيلة اولاد سليمان الى امتداداتها القبلية باستدعاء اولاد سليمان من دولتي تشاد والنيجر لدعم وجودها ولن اتحدث هنا عن تفاصيل الحرب بل عن ماهو اخطر من الحرب بين قبيلتين وهو اضطراب الهوية الليبية وفي الماضي لجأ طوارق ليبيا الى امتداداتهم القبلية باستدعاء طوارق مالي والنيجر وجنوب صحراء الجزائر في حالات معينة ولجأ أمازيغ الجبل وزوارة الى امتداداتهم القبلية في دولة المغرب للاستعانة بهم ثقافيا في تعليم الامازيغية وفي إقرار مناهجها في ليبيا ولجأ احد شيوخ اولاد علي من مناصري الحكم الفيدرالي في فترة اعلان الحكم الفيدرالي في اجدابيا من الجضران وجماعته الى التهديد باستدعاء اولاد علي المتوطنين في مصر والذين يبلغ تعدادهم خمسة عشر مليون وهدد باستدعاءهم بذات العدد الى ليبيا لمناصرة دعاة الحكم الفيدرالي في ذلك الوقت .
ايها السادة انه خطر عظيم ان بعض القبائل الليبية لها امتداداتها في بلدان اخرى بجنسيات اخرى ولا ادعوكم كي تخشوهم بل ادعوكم لتفرضوا عليهم الهوية الوطنية الليبية الجامعة فرضا بمساواتهم في الحقوق الوطنية ودعمهم معيشيا وخدميا بعدالة والابتعاد عن الخطاب القبلي المفكك ونبذ المحاصصة لقبائل ومناطق معينة في تولي المناصب العامة وردع وصدع كل داعٍ للقبيلة والمنطقة ومنع كل هذه المجالس القبلية المرسخة لتفكيك الوحدة الوطنية ونشر ثقافة انا لست عربيا ولا أمازيغيا ولا تباويا ولاطارقيا انا ليبي وانتمائي لكل ليبيا وليس لمنطقة او قبيلة والا كونوا كما انتم الآن وكما كان العهد الجاهلي الاول قبائل متناحرة ثقافتها ثقافة الغنيمة للمنطقة والقبيلة وليست للبلاد والعباد وماذلك الا حين من الزمن بعده هلاككم وهلاك وطن اسمه ليبيا .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 1

  • بغني

    كلام بنهاية سعيدة ولكن غير معقول، إذا ألغيت المكونات الثقافية مثلا فماذا يكون البديل؟ هو مكون ثقافي واحد ومعروف، ولكن بخصوص القبلية فالكثيرين يمقتونها ولكن يقومون بإستغلالها كذلك وليس لها علاقة بالمكونات الثقافية. المشكلة البداوة التي لم تطور إلى المواطنة، أما زمن القذافي فكان إستغلال القبلية على نطاق واسع ولجم من يستغلها من غيره بالحديد والنار وليس عن تطور إجتماعي.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً