عودة المشير واللغز الكبير!!

عودة المشير واللغز الكبير!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

لا شك أن غياب المشير حفتر عن المشهد الليبي، وتواجده خارج ليبيا لمدة تجاوزت أسبوعين متتاليين، آثار العديد من التساؤلات المقرونة بالشكوك والشائعات، خاصة داخل البلد، ولقد وجدت بعض القنوات الإعلامية المحليّة مادة دسمة في اثارة الموضوع، فبعض القنوات المناوئة له وجدت في غيابه فرصة للتشفّي منه ومن اتباعه، ما جعلها تبحث في لهج عن اية معلومات حول مصيره المتكتم عنه، وهذا ما دفعها الى التقاط بعض الأخبار المسرّبة عن طريق مواقع وصحف غربيّة سرّبت بأن المشير قد أصيب بسكتة دماغية اقعدته وشلت من حركته، وأنه قد نقل الى المستشفى العسكري في فرنسا.
ولم يسع تلك القنوات المناوئة الإكتفاء بنقل تلك التسريبات وحسب، بل سعت الى تضخيمها بشكل لا مهني، يبدو اقرب الى امتهان التشفّي وانحراف عن المواثيق الإعلامية المتعارف عليها في الوسط الإعلامي، فقد ذهبت الى ما هو ابعد حيث شرعت في بث اشاعات تفيد بأن المشير ميت سريريا! بل الى أنه قد مات كلية وجثمانه موجود في ثلاجة المستشفى العسكري الفرنسي! في انتظار اخذ الاذن للإعلان عن وفاته من قبل القيادة العسكرية في الشرق الليبي، والتي حسب ما وصفتها تلك القنوات تعيش حالة من التخبط والفوضى نتيجة لعدم قدرتها على التعامل مع حادثة موت المشير!!
وفي المقابل هناك قنوات إعلامية موالية للمشير، تنشر بين الحين والآخر اخبار تتعلق به، وتؤكد بدون دليل ملموس على أنه بصحة جيدة وأنه يجري بعض المحادثات، ولعل من ابرزها اتصاله هاتفيا مع السيد غسان سلامة المبعوث الاممي لدى ليبيا وهو ما أكدته البعثة الأممية على موقعها الالكتروني، وحاولت هذه القنوات مرارا تكذيب ما تتناوله القنوات المناوئة واتهمتهم بعدم المهنيّة وبث الاشاعات لكنها للأسف كانت تفتقد لمصداقية ابراز الدليل الذي يفنّد الاشاعات حيث أنها لم تبث صورا حديثة او حتى مداخلة مباشرة منه!
وبين هذا التيار وذاك وقف المواطن الليبي حائرا، لا يدري ايهما يصدق امام هذا التضارب الكبير في الأخبار حول صحة المشير، الأمر الذي هيأ الفرص لظهور الكثير من الشائعات حول الموضوع، وقد استمر الحال هكذا سجالا بين الطرفين واستمرت حالة الغموض الى أن حطّت الطائرة التي تقل المشير في مطار بنينا الدولي يوم الخميس الموافق 26/4/2018م وترجّل منها المشير ماشيا على قدميه فلا كرسي ولا عكاز!! وقد كان في استقباله بعض من المقربين من العسكريين والمدنيين، وبظهوره المفاجيء هذا خرست القنوات المناوئة واصيبت في مقتل، وبالمقابل زادت القنوات المواليّة من حدة ايقاعها متباهية ومتشمتّة في آن!!
ان ما حصل في الأيام الماضية حول غياب حفتر وظهوره المفاجئين، لابد وأن يكون ورائه لغز كبير يعلمه بالتأكيد المشير والمقربين منه فقط، ومهما كانت من صعوبة لمعرفة ذلك اللغز، فإن المسلّم به هو أن حفتر أصيب فعلا بوعكة صحيّة جعلته طريح الفراش لأيام معدودات، ولكنه بإذن الله تعافى وشفي منها، فالوعكات الصحية حالة شائعة وليست غريبة، لكن الغريب هو لماذا لم يعلن المقرّبون من حفتر عن تلك الوعكة بصورة واضحة ويبينون فيها حالته الصحية اثنائها؟! هنا يكمن السر الذي يقبل حالتين، فإما أن الوعكة كانت من الشدة بدرجة خشى على حفتر منها ولكن الله سلم! أو أن الوعكة كانت بسيطة واريد استثمارها سياسيا من عدة أوجه لصالح تيار حفتر، ومن هذه الأوجه اختبار مدى تماسك العسكريين في المنطقة الشرقية اثناء غيابه، ومدى صلابة المؤسسة العسكرية التي أسسها والتزامها بالضبط والربط، ومنها اختبار ردود أفعال الشعب الليبي وخاصة في الشرق حوله، ومنها أيضا توجيه صفعة قوية للمناوئين من خلال اثبات انه لا مصداقيّة لهم في تناول الاخبار وقول الحقيقة.
لقد عاد المشير والرابح الكبير هو الشعب الليبي، الذي هو في مسيس الحاجة الى قوات مسلحة منضبطة، شاء القدر ان تكون نواتها في الشرق تحت قيادته لأنه لو قدّر الله وانهارت القوات المسلحة في الشرق لمجرد غياب حفتر، لحصل مالم تحمد عقباه، ولنشأت صراعات داخلية تكون بابا لعودة الفوضى من جديد! لكن مشيئة الله الذي لا فضل الا له سلّم المشير وعافاه وبالتالي حفظ لليبيين نواة جيشهم في الشرق، والتي يعوّل عليها كثيرا في هذه الظروف الصعبة، سبيلا لخروج البلد من ازمة الفوضى، حفظ الله جيش ليبيا الوطني ورعاها من كل مكروه.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • مفهوم !؟

    نشهد بالله طلعت ياعبيد بأنك واحد زمزام وقواد د ر ج ة أولي لعنة الله على المنافقين وعلى المشير المجرم اللص العميل الفاسد المهزوم عديم الشرف وعلى كل من يؤيده ويسير خلفه إن كان حي .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً