الأبنية الشامخة .. تحتاج الى أساسات قوية

الأبنية الشامخة .. تحتاج الى أساسات قوية

«إن أردت أن تبني بيت عمره طويل، اعتني بالأساس، والباقي أمره هين» هذه العبارة قالها رجل كبير في السن عندما أردت بناء دار لي قبل خمسة عشر عاماً، ولغاية يومنا هذا اتخذتها مقدمة في كل عمل اود القيام به.
البداية الصحيحة، دائماً تؤدي الى نتائج صحيحة، والأساس القوي، يكون أكثر مقاومة وتحمل للصدمات والمتغيرات التي تحدث، سواء كانت متغيرات طبيعية او طارئة، وهذا لا يشمل البناء فقط، انما يشمل كافة جوانب الحياة، فاختيار الزوجة الصالحة، يؤدي في الغالب الى خروج عائلة صالحة، والتجارة المبنية على أساس الصدق والامانة، بالضرورة تؤدي الى الكسب الحلال، والتعليم الصحيح للأبناء، يؤدي الى وجود أبناء نفتخر بهم.
اما عدم الاهتمام بالأساسات، والمطالبة بأن تكون النتائج والمخرجات صحيحة ومرضية، نعتقد بأن هذا غير منصف
ان عكسنا هذا على سياسة الحكومة منذ سقوط النظام ولغاية يومنا هذا، نجد انها لا تمتلك سياسة بناء مجتمع، انما تاركة الحبل على الغارب في هذا الأمر، فكل من هب ودب يستطيع ان يدخل على مجتمعنا، ويقضم منه القضمة التي يرغب بها، والحكومة باقية تتفرج دون ان تحرك ساكنا، بحجة الديمقراطية، والحريات الشخصية
تاركة شبابنا يواجه الهجمات واحدة بعد الاخرة، من دون تسليح، فما ان يخرج من موجة الانحراف الديني، حتى يدخل بالشذوذ الجنسي، بعدها المخدرات والحبوب المنشطة، وأخيرا موجة الالحاد ونبذ الدين، ولا نعلم ما هو القادم
وكل حركة من تلك الحركات تأخذ جزء من المجتمع معها، فيما الحكومة تكتفي بالتفرج واللامبالاة، وفي نفس الوقت تضع اللوم على الشباب لأنه سلك طريق خاطئ.
كان الأجدر بالحكومات التي صرفت أموال طائلة على مشاريع البناء الفاشلة، ان تتوجه لبناء الأنسان العراقي، وتحصنه من الانحرافات التي اصابت المجتمعات الأخرى، فلا يقل هذا التحصين أهمية، عن التحصين ضد الامراض الخطيرة، مثل الطاعون او غيرها من الامراض التي من واجب الدولة ان توفر اللقاح المناسب لأطفالنا، لا بل أكثر من ذلك يجب ان تحارب تلك الظواهر، كما يحارب العالم فلاونزا الطيور او غيرها من الامراض الوبائية
هناك تقارير تفيد بوجود المئات من المصابين بمرض الايدز في بغداد وبعض المحافظات، وبدلا من معالجة هذا الأمر، تكتفي الحكومة بنفي هذا الخبر وتكذيبه، وبدل من العناية ومقاومة الانحرافات بالمجتمع، تكتفي بالقول انها ضريبة الديمقراطية، وهكذا باقي الأمور
نعم ان زمن المنع بالقوة قد ولى الى غير رجعة، لكن يجب ان نحصن مجتمعنا من خلال توفير أساس قوي وحصين، يضمن عدم انجرار الشباب بسهولة للانحرافات الحاصلة في المجتمعات الأخرى.
ان على الأسرة دور في البناء الصحيح، لكن للمجتمع ومؤسساته الدور الأكبر والاهم في البناء، من خلال المؤسسات التي يمر بها الشاب خلال مراحل عمره، تبدأ من المدرسة وصولا الى كافة مرافق الحياة
لذلك أي حكومة قادمة لا تستطيع النهوض بالواقع الحالي، دون إعادة ترميم وبناء أساس المجتمع وهم الشباب.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

خالد الناهي

كاتب عراقي.

اترك تعليقاً