عرقلة قيام الدولة

عرقلة قيام الدولة

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

بسم الله الرحمن الرحيم

نحتاج الى وقفه من اجل ليبيا. ولا لا تعطيل قيام الدولة… كلمة متداولة ولكن لا تطبق

تتأثر كثيرا وتنفعل ويصبح لديك ضيق شديد عندما تسمع وتشاهد وتعيش الكثير من الافعال والتي يقوم بها الكثيرون في ليبيا هذه الايام سوء على مستوي الشارع او الادارات والحكومة. اصبح الكثيرون ليس لديهم هم الا ما يقدم لهم او فيه مصلحة لهم. تعطيل قيام الدولة اصبح من اخطر الاشياء والجميع يضع في اللوم على الازلام او انصار القذافي او الاسلاميين او الثوار. تعطيل قيام الدولة هي مسؤولية المواطن الليبي وليس من نتهم فيهم جميعنا. كل المتهمين لا يشكلون حتي 20% من الشعب الليبي وهم لا يملكون مفاصل الدولة. معظم النخب السياسية ليست ممثله في هؤلاء وكذلك النخب الأخرى. تعطيل قيام الدولة يساهم في وجوده  كل رجل بالشارع وهذا يرجع الى عدة اسباب وهي:

1-      السلبية المفرطة وهى سبب رئيسي في تعطيل قيام الدولة ابتداء من اداء عمله وربما العدد القليل يقدم خدمات بدل الراتب الممنوح له من الدولة

2-      التظاهر بأن هذه الثورة  اعطته الحرية وعتقته من القذافي وانه سيعمل من اجل انجاحها ولكن هو فعلا من سيفشل هذه الثورة ولن يقدم شيء طالما هو لا يحترم القانون ولا يطبقه

3-      الجهوية والقبلية الزائدة وحب تملك المناصب. لقد دعي العديد من الاطراف الى نبد هذه الفكرة ولكن الان تطبق اكثر . الكل الان يحسب الف حساب قبل ان يذهب الى اي وزارة او مكان لا يكون فيه احد من تللك القبيلة او المنطقة

4-      من يدعون التهميش ومن كانوا يدعون لعدم لامركزية وقاموا بتأليب الراي العام في بعض المدن.. جميعهم تحصلوا علي مناصب ونسوا هذه المطالب وما عليك الا زيارة اي وزارة ويمكنك تقيم وتعداد من يمسكون الادارات والوكلاء من تلك المناطق ونسوا مناطقهم

5-      التستر وراء الدين لبعض الكتل ومحاولة ضغضغة عواطف الناس بالدين وحرصهم علي الدين هو مدخلهم الوحيد لضعاف العقول. استعمال كلمات معينة ضد الاخرين مثل العلمانية والليبراليين والكفار ودبل شفرة  وتصويرهم للأخرين بأن هؤلاء هم من سيخرب ليبيا

6-      الصراع بين الكتل السياسية والتي تتصارع علي من يكون على راس هرم السلطة وخاصة الكتلة الدينية والكتلة الوطنية

7-      نواب المؤتمر الوطني العام ودورهم وفي رسم سياسات الدولة. اصبح كل واحد يتصرف وكأنه رئيس او وزير وهم يحاولون جادين لتهميش الحكومة وربط انفسهم بصناع القرار وارغامهم او الفرض عليهم بتتبع اوامرهم او توصياتهم وهذا ما لمسته من عدد كبير منهم.  ربما هنالك 50 عضو همهم ليبيا والباقين لديهم اجندات ومصالح واهداف يعلمها الا هم وهذا واضح عند صناعة اي قرار ولن تحتاج الى وقت لكشفهم.

كل هذه الاسباب ادت الى تعطيل الدولة واكثر سبب هو عدم وجود قوة ضاربة من الجيش والشرطة وغياب اجهزتهم. سبب غيابهم هو وجود ما يسمي بالمليشيات او الكتائب في كل ربوع ليبيا ولكن اترهم على تعطيل سياسة الدولة انتقل الى العاصمة وسيبقي بها الى ان يتور الشعب واهل طرابلس واخراجهم من العاصمة كما فعل اهل بنغازي في جمعة الغضب واخرجوا كل من هو خارج علي  القانون ولا يحترم هيبة الدولة. كل هذه الاسباب سببت تأخر الدولة الليبية في تلبية حاجيات المواطن من خدمات تعليمية وصحية ومرافق عامة. من هنا اصبح المواطن يصب جل غضبه على الحكومة والدولة دون ان يراجع اسباب هذه الاخفاقات. المواطن نسي بأن قيام الدولة سيكون من اولويات  هذه الحكومة ولكن قيام الدولة يحتاج الى تصحيح ومعالجة كل الاسباب والتي سببت هذه الفوضى كما ذكرناها

الشارع اعطي الشرعية للحكومة وانتخب المؤتمر الوطني العام وخرجت الناس في الذكري الثانية لثورة 17 فبراير وبكل عفوائيه . خرجت الناس وقالت نحن نريد الامان ونريد ان نعيش كالبشر واقيمت الحفلات والرقص والتنوير واعطوا رسالة للحكومة والمؤتمر، بأننا معكم ونحب ان نعيش احرار ونريد ان نمرح ونبتهج ونغني ونرقص ونكون شعب ليبي مثل باقية الشعوب ولنا خصوصيتنا الدينية والثقافية والاجتماعية. لا نريد من يفرض علينا آرائه ولا نريد من يقول لنا بأننا كفرة اذا لم نعمل هذه او تلك الاشياء ولا نريد من يقول انا من قبيلة او منطقة او مدينة ما ولا احد يخرجنا من طرابلس او بنغازي. كانت رسالة واضحة ولم تستفيد الحكومة منها للأسباب والتي ذكرناها.  هنا يجب على الشعب الليبي والشارع الليبي ان يقوم بإخراج كل من ليس لديه حق البقاء في العاصمة او مدينة لا يتبعها ومن ميلشيات مدن اخري وان ينضم جيش ومن يريد العيش في العاصمة، عليه ان يلتحق بالجيش او الشرطة التابعة للعاصمة. من يريد ان يكون حزب، يقيمه في منطقته ومن يريد ان يخرب ، يخرب في منطقته. العاصمة وكل مدينة هي لكل الليبيين والليبيات وليست للميلشيات.

الشعب قادر علي عمل كل هذه الاشياء وهو من سيحزم الامر اذا ما فشل كل من المؤتمر الوطني العام والذي اصبح شيء لا يحبذ ذكره عند بعض الناس ويلعنون ذلك اليوم والذي اعطوا اصواتهم لهؤلاء الاعضاء وامتعاضهم من افعاله وخاصة خروجه عن خارطة الاعلان الدستوري المؤقت. الحكومة والى اليوم لم تسيل لها الميزانية ولا نستطيع لومها رغم ان هنالك ضعف واضح في كثير من الوزارات  وسيطرت رئيس الوزراء على صنع القرار وهذا في بعض الاحيان مهم وخاصة اذا كان الوزير ضعيف. الشعب من سيقرر ويجب ان تصل رسائل كل وطني حريص علي ليبيا لهذا الشعب وخاصة من اعضاء المؤتمر الوطني العام والذين انتخبهم الشعب وعليهم الرجوع لمنتخبيهم وتوضيح ما يجري من مشاكل وسيطرة رئيسه و نائب الرئيس علي المؤتمر ومحاولة تمديد فترة المؤتمر. كل عضو يجب ان يذهب ويخصص يوم لمنتخبيه ويطلعهم وبكل صراحة عما يجري حيث هنالك اشياء كثير وخطيرة غائبة على الشارع الليبي والذي اصبح الان المستهدف لإنقاذ ليبيا مرة اخري وخاصة العاصمة. الوقت اصبح ليس في صالح المؤتمر ولا في صالح الحكومة ولا في صالح المواطن البسيط الليبي. كلنا نشاهد  تدحرج ليبيا والان بسرعة نحو منعطف خطير جدا وهو بقائها في حالة الفوضى ولعدة عقود اخري. الغرب ولا القبعات الزرق او الخضر لديهم رغبة جادة في خروج ليبيا من هذا المأزق الخطير . اذا لم تتعرض مصالحهم لأخطار، فأنهم حتما لن يبالوا ولو شعروا فقط بأن مصالحهم في خطر سوف يتدخلوا.

عدد سكان ليبيا لا يساوي شيء امام اورابا ومصر والجزائر ونيجيريا. لا نريد ان نكون مثل الهنود الحمر اقلية صغيرة كما بأمريكا. مساحة ليبيا مثل مساحة اورابا وشواطئها اطول شواطئ بالقارة الأفريقية ودولة ليبيا بها مدخرات وهي بوابة افريقيا للشمال وبوابة اورابا الجنوبية. لا نريد ان نكون اقلية في ليبيا واذا لم نعمل الان ونسير في الطريق الصحيح من اجل امن واستقرار ليبيا وخدمة ليبيا، ربما سنكون اقلية مثل الهنود الحمر او الفلسطينيين. كما قلت الحل يكمن عند الشعب وهو من يملك القوة وهو من يملك قدرة التغير وما علي المؤتمر الوطني العام او الحكومة الا العمل مع الشعب ومن اجل الشعب وتلبية رغبات الشعب ودعوة الشعب لمساعدتهم واخراج ليبيا من هذا المستنقع القدر والذي صار يتعفن اكثر واكثر.

الشعب الليبي قادر علي انقاذ ليبيا مرة اخري وستبقي ليبيا حرة ان شاء الله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

التعليقات: 1

  • الصديق

    الهجوم المتكرر والمتواصل على مراكز الشرطة وافرادها المكلفين بحراسة مؤسسات الدولة‏,‏ التي تمثل ملكا للمجتمع وهي تمتل شرعية الدوله هو امر خطير
    فما يحدث في بنغازي وغيرهما, يضع طابورا طويلا من علامات الاستفهام حول دوافع الذين يهاجمون هده المراكز اما بالحرق او بالقاء القنابل والاشتباك المسلح
    لو أن هؤلاء متظاهرون سلميون يرفعون الشعارات التي تعبر عن مطالبهم, مهما تكن معادية للحكومه او المؤتمر الوطني العام لكانت مقبوله ولكن الذي يحدث هو أن مثيري القلاقل والجرائم المرتكبه ليسوا متظاهرين, والنتيجة هي تلك المأسي الدامية احيانا التي تخلف وراءها المزيد من الانفلات الامني واضعاف سيطرة الدوله المتمتله في الشرطه والجيش
    في تقديري أن تلك المواجهات المستمرة , تهدف في المقام الأول إلي إنهاك قوات الأمن, حتي تصل مع مرور الوقت إلي حالة الانهيار والغياب الكامل, كما حدث ويحدت مند ما يزيد على عشر سنوات في العراق والنتيجه معروفه للجميع وبالتالي سنتجه الى مرحلة الفوضي العارمه والانهيار التام للدوله والتي لا يعرف أحد كيف سنخرج منها. إن المراهنين علي هذا السيناريو المرعب يدفعون البلاد إلي مستقبل مجهول.
    والى تفكك الدوله الليبيه الى عدت دويلات لا قدر الله اللهم احفظ ليبيا وشعبها من كل مكروه امين

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً