تعـددية افتراضية

تعـددية افتراضية

متطفلة وحشرية … تسللت وغيرت كل شيء …! لقد طالت حتى قائمة الأصدقاء… تلك الذكريات التي جمعتنا بدت مشــوّهة ومُـصـطـنعة…! أحدهم وضع على حائطه صورة جديدة مبتسماً وهو في وضع حميمي مع برنار ليفي الذي تعمد كشف صدره العاري في الصحراء الليبية… لم تعجبني الصورة…! استخدَم ميزة “الحظر” … منذ ذلك اليوم لا يراني ولا أراه…!

■ ■ ■

شوفينية:

صديق آخر أضاف اسم اختياري الى جانب اسمه الحقيقي موضوعاً بين قوسين (برقاوي حتى النخاع)، وقام بحذفي من قائمة الأصدقاء…! أذكـــر أنه كان من رواد “مقهى الســرايا الحمراء”…! كان ليبي وكفى… كان يعشق طرابلس وقصائد “مفتاح العماري”! قــبل أن يصبح من متـــابعي عــراب الانفصـــالية …

تأزمت حالته أكثر ورفع صورة الزعيم جضران مردداً “مقولة شمام الشهيرة: فليبــقى النفــط الليبي في باطــن الأرض”…! ونسي أن شمــام يتقـــاضى مــرتبه من خـــزينة الشــعب القــطري…! أليس في قـطــر “جضــرانها” ليوقـف تدفــق النفــط والغــاز القطــري حتى يطـــرد كل الليبيين الذين ينهـبون أموال الشــعب القطــري المغلــوب على أمــره؟

■ ■ ■

معارضة محظورة:

أصدقاء آخرون لم يكونوا يوما من المهتمين بالسياسة وشؤونها … تواروا خلف أسماء مستعارة واستبدلوا صورهم بصورة “الرئيس السابق” … ويكتبون مناشير تنتـقـد النظام الفبرايري الجديد… أصابني الذعر …! فقمت بحجبهم…!

المُعارضون يجلبون المتاعب ولا أحد يريد أن ينتهي به المطاف في السجن أو مقتولاً وسط احدى أكوام القمامة على أرصفة العاصمة…! عندما نصبح ديمقراطيين ويستطيعوا الكشف عن أسمائهم وصورهم … سيتم الغاء الحظر الافتراضي…!

■ ■ ■

أغلبية صامتة:

هؤلاء هم الأكثرية ضمن القائمة … صامتـون بلا حـراك … تشــعر بأنفــاسهم ولا تراهـم… لم يرفعــوا أصــواتهم طلباً للتوافــق مع الرأي السائد … ولم يحشروا أجسادهم طلبا للدفء بين القطيع الذي تقوده وسائل اعلام رجال الاعمال وأمراء الخليج…!

صمت امثال هؤلاء دفع الباحثة الألمانية “إليزابيث نويله – نويمان” لأن تبتكر نظـــريتها المثــيرة للجــدل (دوامة الصمت)، تعتقد إليزابيث بأن الأغلبية يلوذون بالصمت خشية الاضطــهاد وخوفاً من العـــزلة الاجتماعية إذا ما أفصحوا عن آرائهم المعارضة للاتجـــاه الســائد الذي تفـــرضه وســائل الاعــلام.

وجود هؤلاء يوضح كيف استبدلت الأنظمة الديمقراطية الحديثة “هراوات البوليس” بـ “وسائل الاعلام” كأدوات للقمع والاضطهاد الناعم. كما يقول نعوم تشومسكي.

إذا كان يهمك أن تعلم من هم الطغاة الجدد فلتتحقـق ممن يمتلك ويمــوّل وسائل الاعلام والفضائيات الرئيسية عالميا وعربياً ومحلياً…! ولماذا لم تستطع الدولة الليبية حتى الآن امتلاك فضائية تتحدث باسمها؟

عموماً لا ضير من أصدقاء صامتون على أمل أن نصغي إليهم قريباً…
■ ■ ■

أصدقاء إخوان:

بعد احداث ثلاثين يونيو المصرية ثمة أصفر فاقـــع بأصــابعه الأربعة ظهـر فجأة في القـائمة…! هناك مبادئ ناصرية وعروبية نتشبث بها … لأننا “قومجيون” حسـب توصيـف اعــلام “الـربيـع العــربي” الجــديد… وهذا يتعارض وحمى الأخونة …! ـ

لم أنتبه يوماً إلى أن هنــاك تمـثال لعبد الناصر في قلب بنغازي حتى رأيت جرافات الإخوان تهدمه وتشطب اسـم الشارع الذي يحمل اسـمه…! بعـد مداخلة نارية للشيخ الاخواني (ونيس المبروك) ومطالبته بتغيير اسم الشارع فوراً على شاشة الجزيرة في أغسطس 2011 …! ربما هي أوامـــر برنار ليفي …! فالمكان لا يتسع لكليهما…!

أذكر أن آخر صورة وضعها المرحوم عبد السلام المسماري على حائطه كانت للــراحل “عبد الناصر”…عقب ثورة 30 يونيو … كانت في 4 يوليو 2013… فلم يمهلوه طويلاً …! ولكن، بقي كلاهما رمزاً … لا ناصر اليوم إلا برنار ليفي يا عبد السلام…!

ثمة ثوابت تتناساها وتختفي في اللاوعي وتمضي في سبيلك… إلا أن ذلك التطـرّف والتعصّب سواء شئت أم أبيت يصيبك بالعدوى!

■ ■ ■

متأخراً … سندرك مأساة أن نحمل سلاحاً يُطلــق للخــلف… ليــس هنــاك من رابح ســوى من يبيــعنا هذا الســـلاح. ولا يــهم كثــيراً ان تكون قائــمة الأصدقــاء من لــون واحد أو بألــوان متنـــافرة بقـــدر ما يهمـــنا ان نلتقــط خيــطاً ما يجمـــعنا … شـيء ما مشــترك نخــاف ضيــاعه وفقـــدانه للأبــد.

فالـوطن …! ليس فضاء افتراضـياً يجمعــنا يمكــن الغـاؤه متى شئنا … كن ما شئت ألا أن تخون أو تطلق الرصاص بقلــب أخــيك…. اما لعبة (الحظر والعزل) فهي غير مجدية إلا في هذه الفضاءات الافتراضية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً