في بنغازي.. تلوث المدينة أم تلوث البشر؟؟

في بنغازي.. تلوث المدينة أم تلوث البشر؟؟

كانت شوارع بنغازي في الستينيات والسبعينيات نظيفة، وكانت البلدية تتكفل بعملية نظافة الشوارع والازقة، وكان لكل شارع عامل نظافة يقوم على خدمته. واتذكر في شارعنا العقيب عامل النظافة (سي علي) يجوب على البيوت ويدق على كل بيت في الصباح، ليجمع القمامة ويضعها في عربة صغيرة كان يجرها. ولم يكن احد يرمي القمامة في الشارع، حرصا على نظافة الشارع، وحتى لا يقعو تحت طائلة القانون من رجال الحرس البلدي(الوردية)، الذين كانوا يجوبون الشوارع وتحرير مخالفات رمي القمامة وسكب المياه في الشارع، وحتى مخلفات العربات التي تجرها الخيول والحمير.

وكان (سي علي) ينظف الشارع بمكنسته من بدايته في ميدان سوق الحوت وحتى ميدان الشجرة، بجد واخلاص، وكانت الناس تحترمه وتقدم له كل مساعدة.

وكان قسم النظافة في بلدية بنغازي يملك عربات نقل كبيرة تجر وراءها صهريجا ضخما، تتدلى منه خراطيم كبيرة، تندفع منها المياه في غزارة لتقوم بسقي احواض اشجار شوارع المدينة وحدائقها..

وكانت هناك عربة ضخمة اخرى تخرج من مقدمتها مياه غزيرة متدفقة لغسل الشوارع الرئيسية في المدينة، كنا نسميها عربة (رش الميه)، ونجرى وراءها ونحن صغار في كل مرة فرحين.. وكانت هناك عربة اخرى تمر في شوارع المدينة لرش المبيدات لقتل الحشرات..

كانت مظاهر النظافة والجمال بادية في الشوارع والحدائق والمدارس والمحلات التجارية والاسواق والجوامع والمقاهي والمخابز. وكانت العمارات السكنية والمصالح الحكومية نظيفة وبها غفير وعامل نظافة  يهتم بها وبمرافقها.

وهكذا تعود الناس على النظافة وتفاعلوا مع الجمال، فعاشوا  حياتهم بلا توتر، يؤدون عملهم بهمة واخلاص  في اجواء وبيئة نظيفة.

ولاني عشت تلك  الايام الجميلة، يدور في خاطري الان، المقارنة بين تلك الايام وواقعنا الان من تردي خدمات شركة النظافة والقمامة المنتشرة في كل مكان، وتردي مستوى النظافة، ومستوى الاوضاع الاجتماعية في مدينتنا، واسباب تلوث البيئية وحرق النفايات، وابحث هن السبب، هل هو يا ترى في تلوث المدينة، وعدم الاهتمام بها؟ أم في تلوث البشر، وهل هناك أي علاقة جدلية بين الاثنين؟..

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً