لماذا تعتبر ليبيا بلد عبور تاريخي للمهاجرين نحو أوروبا؟

20042015 mediterranean rescue

فرانس 24 / أ ف ب

كانت ليبيا على مدار السنين بلد عبور تاريخي للمهاجرين غير الشرعيين من القارة السمراء وبعض دول آسيا الفقيرة نحو الضفة الأخرى من المتوسط، لكن بعد سقوط نظام معمر القذافي أخذت هذه الهجرة وتيرة آخرى يتاجر من خلالها بأحلام الآلاف من الأشخاص الذين يفرون من الحرب والديكتاتورية في بلدانهم نحو أوروبا عبر قوارب تقليدية يترك الكثير حياتهم قبل أن تكمل طريقها حتى.

تعد ليبيا تاريخيا بلد عبور للمهاجرين الأفارقة بسبب موقعها الجغرافي وقربها من أوروبا، لكن عمليات الهجرة تصاعدت بشكل كبير بعد سقوط نظام معمر القذافي، فأصبحت الهجرة غير الشرعية تجارة مربحة جدا حتى بالنسبة لبعض الميليشيات التي صارت تتاجر بحياة الآلاف من الأشخاص.

لماذا ليبيا؟

ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.

ومع ساحل طوله ألف و770 كلم، أصبحت ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذي يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا.

ومنذ عهد الراحل معمر القذافي لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الأشخاص القادمين خصوصا من جنوب الصحراء والحالمين بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وتتشارك ليبيا بحدود برية بطول حوالى خمسة آلاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.

وأكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل المهاجرين عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.

وفي ظل نظام القذافي، كانت ليبيا تستخدم موضوع الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا، من خلال فتحها أو إغلاقها صمام الخروج وفقا لتقدير حالة العلاقات مع الدول الأوروبية وخصوصا إيطاليا.

وكان القذافي يطالب أوروبا بخمسة مليارات يورو سنويا من أجل مراقبة حدودها ومكافحة الهجرة.

وبين عامي 2008 و2011، توقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا بعد توقيع معاهدة بين روما وطرابلس، تعهدت بموجبها إيطاليا بتقديم خمسة مليارات دولار إلى ليبيا في مقابل وضع ضوابط أكثر صرامة على موضوع الهجرة.

من يستفيد من هذه التجارة؟

لكن منذ سقوط نظام القذافي ومعه كل مؤسسات الدولة، أصبحت ليبيا مرة أخرى مركزا للمهربين الذين لا يشعرون بتأنيب الضمير في ظل إفلاتهم من العقاب.

ويؤكد ايساندر العمراني مدير شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية “كرايسز كروب” لوكالة فرانس برس “ليس هناك حكومة فعالة في ليبيا للحد من الإتجار بالبشر، أو حتى لضمان المراقبة الدنيا للحدود”.

وأضاف “لقد أصبح من السهل جدا للكثير من المهربين نقل (المهاجرين) في جميع أنحاء ليبيا من دون وجود قوات من الشرطة أو الجيش لوقفها”، مشيرا إلى أن “الميليشيات التي تفرض قوانينها في هذه البلاد تكسب المال جراء هذه الحركة، بما في ذلك الجماعات المتطرفة كأنصار الشريعة”.

ووفقا للعمراني فإن العديد من الجماعات المسلحة تعمل في هذه التجارة وتتلقى أموالا عندما تمر هذه التجارة عبر الأراضي التي يسيطرون عليها.

ويعمل المهربون ضمن شبكة “تقوم بتسليم المهاجرين من مهرب إلى آخر حتى يجدوا أنفسهم على متن قارب”.

وأوضح العمراني أنه “في بعض الأحيان فإن عمليات نقل المهاجرين التي تجري في الصحراء لا تحصل ويتم التخلي عن المهاجرين” لمصيرهم حيث يتعرض بعضهم إلى الموت عطشا، مشيرا إلى أن “المآسي لا تحدث فقط في عرض البحر”.

من جهته، يقول المحلل كريم بيطار مدير مركز ابحاث “آيريس” في باريس لوكالة فرانس برس أنه “في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية فإن ليبيا اليوم رهينة بيد الميليشيات والانتهازيين”.

وأضاف أن “المهاجرين يقعون رهينة في حرب الميليشيات ويدفعون ثمنا باهظا في ظل غياب الأمن، أنهم مجرد سلعة في ظل وجود روابط ضعيفة”.

ومنذ سقوط نظام القذافي، خولت السلطات الانتقالية الليبية عدة ميليشيات للقيام بعمليات مراقبة الحدود.

ووفقا للمحللين، فإن هذه الميليشيات نفسها المدفوعة الأجر والمجهزة من قبل الدولة، منخرطة بهذه التجارة.

وفي هذا السياق، قالت إيطاليا الاثنين أنها تدرس إمكانية القيام بـ”تدخلات محددة” ضد المهربين في ليبيا.

وقال رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي أن “الهجمات ضد عمليات الابتزاز والموت والعبودية (المهربين) هي جزء من المنطق”.

جنسيات المهاجرين

وقبل عام 2011، كانت الغالبية الساحقة من المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء من بلدان مثل النيجر والسودان والصومال وإريتريا واثيوبيا وغانا، ولكن أيضا من الكاميرون والغابون.

ومعظم هؤلاء كانوا يقضون أشهرا أو حتى سنوات في العمل في ليبيا في ظل ظروف صعبة، وهو الوقت الذي يحتاجونه من أجل جني المال الكافي الذي يمكنهم من العبور إلى أوروبا ويتراوح بين ألف وألفي دولار.

يشار إلى أنه بعد سقوط نظام القذافي وانتشار النزاعات في الشرق الأوسط، خصوصا في سوريا، أصبحت ليبيا بلدا لعبور أولئك الفارين من الحروب والحالمين بالوصول إلى أوروبا.

ويقول العمراني “ليس من باب الصدفة أن العديد من هؤلاء المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، يأتون من بلدان تمزقها الصراعات كسوريا وفلسطين وغزة على وجه الخصوص وإريتريا ومالي”.

وأوضح أنه يجب على أوروبا معالجة “الأسباب الجذرية للهجرة، وهي ليست فقط الفقر وانعدام الفرص، إنما على نحو متزايد، النزاعات التي تؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد اللاجئين”.

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 1

  • عوض الجيلانى

    الحقيقة الغائبة على الجميع — هو ان القذافى خطط ومهدة للهجرة غير الشرعية –لتكون زرقة ظغط على الاوروبيين — ان اكبر مشاريع التى فتحها القذافى فى ليبيا — هى باسم الانتاج وخلق فرص العمل لشريحة كبيرة من الشبتب الليبى —- انما اكبر مشروع هو فتح استراد مراكب الصيد والممول هى الدولة —- تلك الارقام الكبيرة لمراكب الصيد والجرافات — تحتاج الى عمالة خاصة مؤهلة للعمل — فتح البلاد للهجرة الغير شريعية — تحت مسمى ليبيا لكل العرب —– تلك الاساطيل من المراكب والجرافات لم تجد من يشغلها —- استغلت فرص التهريب عن طريقها —- الهجرة — فكرة واخراج وتمويل العقيد القذافى

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً