المشاشية “العوينية”.. الذكرى الرابعة للتهجير الظالم!!

المشاشية “العوينية”.. الذكرى الرابعة للتهجير الظالم!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

تطل علينا يوم الاثنين الموافق 15-6-2011 الذكرى السنوية الرابعة لنزوح وتهجير اهلنا من المشاشية من سكان منطقة العوينية، ويبقى الحال كما هو عليه، حيث لا تزال ألاف الاسر تكابد معاناة التهجير والبعد عن ديارهم ومواطن سكنهم ظلما وعدوانا…اربع سنوات مضت وتطل الخامسة والعوينية ومدن وقرى اخرى في غرب وجنوب ووسط الوطن بأكملها مهجورة، من تاورغاء الى القواليش الى ككلة الى زاوية الباقول الى اوباري.. الخ، هي مجرد اطلال موحشة وركام من خراب بعد ان كانت تعج حياة وانس في ذلك الزمن الذي ولّى ! كم هو مؤلم حال ابناء شعبنا الذين يعيشون حياة الشتات والاغتراب مهجّرين مشرّدين داخل الوطن وخارجه!! كم هو مؤلم رؤية طفل ليبي او شيخ مسن او امرأة  ضاقت بها رحب البسيطة، تتسول العيش متنقلة بين هذه المدينة او تلك، بحثا عن مأوى مؤقت تمضي فيه شيء من وقتها المشوّه عمدا بقوة الطغيان، وجبروت السلاح المسروق من عرق الليبيين!!

اي عار هذا الذي يوصم به من يسمّون انفسهم زيفا ودجلا ثوارا؟!، لينقش على جباههم وشما اسودا لا يزول!! اي عار ان يتشدق الموتورون بفحيح الافاعي وهم يغضّون الفكر والنظر عن حالات متعددة من التهجير والتشرد طالت الكثير من ابناء ليبيا!؟ اي شنار يعلّقه التاريخ قلائد من سخيم الخبث على صدورهم، اولئك الذين كانوا سببا في التهجير، وتنقضي السنون وهم في غفلتهم او تغافلهم لاهون فلا ضمير يؤنب ولا هم يستحون!!

اليس كل هذا الظلم والطغيان مبعثا لان يعلن المهجرون جهارا عن سخطهم وعن تمردهم!؟ اليس من حقهم ان يسألون وبغضب شديد : ماذا قدمتم لهؤلاء المقهورين المشردين؟! انتم يا مركّب الضغينة والحقد والانتقام من مجلس انتقالي الى مؤتمر يغرق في مستنقع التمييز والاقصاء والتهميش!، ماذا قدمتم يا من اعتليتم سدة الحكم وحكمتم بقسوة الغالب المتلذذ بتعذيب المغلوبين المقهورين من المهجرين عن ديارهم ظلما وقسرا؟! ماذا فعلتم يا من غرتكم انفسكم حتى طاب لكم التعامل مع المتهورين او المعتوهين او المشوهة عقولهم والمتسلقين المدثرين بعباءة “ثائر” المتسلقون على جثث الضحايا الابرياء واين انتم من الاسلام الذي منكم براء؟!

بكل اسف ومرارة لم نجد اي التفاتة تذكر، من حكومات توالت، طيلة اربعة سنوات مرت لملف المهجّرين، ولم يكن يوما من اولوياتهم الا أنهم قد تجاهلوه ولم يعيروه ادنى اهتمام! اليس عجبا وتقصيرا ان تمضي اربعة سنوات كاملة ولم يتجرأ الساسة حتى على مجرد اصدار قرار ورقي بأحقية وضرورةعودة المهجّرين الى ديارهم؟! أالى هذا الحد يصل التجاهل والعبث وموت الضمير؟! ماذا عساهم يفعلون الساسة الذين بدلا من تسريع عودة المهجرين يغذون تقاتل بشع بين الاخوة فيتعاظم بذلك عدد المهجرين مطلع كل يوم جديد  هل هذه هي انجازات “الثورة” ان يستمر التهجير ويتضاعف عدد المهجرين ويصبح الشعب بين مهجر ومشرد وبائس وفقير!.

يعجز اللسان عن التعبير عن حالة البؤس واليأس التي يفرضها هذا الواقع المر الاليم، لكن الله حي كريم فبفضله وفضل المخلصين من ابناء ليبيا الذين لا تستهويهم مناصب السلطان وشهوة قهر الانسان، يتنادون تلقائيا ليؤسسوا لمصالحة وطنية تتصافى فيها القلوب بعيدا عن فتنة الساسة وحقدهم الاسود الدفين! فهاهي تباشير الامل تنموا من وسط ركام مناطقنا المهجورة تلملم جراحات الزمن فيتدفق نهر التصالح وعودة الوعي عبر تضاريس وعرة لكنه ينساب في اجواء اجتماعية مهيبة تعيد لليبيين عبق تواصلهم الذي يحاول الطغاة قطع خيوطه وتمزيق نسيجه! فمتى يصحو ضمير من يحكموا الآن ويعود اليهم رشدهم ليستدركوا ما غفلوا وتجاهلوا ويعتذروا للمهجرين في الداخل والخارج من ابناء شعبهم، ويعملوا على اعادة المهجرين وتعمير مناطقهم كأولوية مطلقة، فقد طال امد التهجير وتجاوز حدود الصبر.  اللهم اعد الينا الود والوئام وعجل بعودة اهلنا المهجرين الى مناطقهم اعزة كرماء ولتحيا ليبيا في طهر ونقاء.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً