تنظيـم الدولـة ألإسلاميــة و ولاية ليبيــا

تنظيـم الدولـة ألإسلاميــة و ولاية ليبيــا

 

منذ الوهلة ألأولى ، قد يبدو عنوان المقال صادم و مفاجئ ،  ولكن لذلك أسبابه وفق منظوري الشخصي ، ففي ظل المهاترات السياسية و الانقسام الحاد بين مكونات المجتمع الليبي وأقطابه المتعددة ، من الواضح  أن أكبر مُستفيد من هذا الوضع ، هو تنظيم الدولة الإسلامية الذي يمشي بخطى بطيئة ، لكنها  ثابتة نحو تحقيق هدفه ،  ألا هو الإستيلاء على الدولة الليبية وشطرها لقسمين ،( عند مدينة سرت بالذات )  يتبعان ولايتي  المغرب و  الكنانة ،  وضمها إلى حُلم خليفته  البغدادي،  بتكوين الدولة الاسلامية مترامية الاطراف.

ما يُميز تنظيم الدولة الاسلامية ، عن غيره من التنظيمات المتشددة ، مثل القاعدة و أنصار الشريعة ،  هو وجود هدف إنشاء الدولة الاسلامية  ( وفق منظوره) ذات الحاكم الواحد ،  والنظام المالي المستقل ،  أما حدودها الجغرفية ،  فهي على أقل تقدير ، العالم ألإسلامي برُمته  ، بينما نجد أن تنظيم القاعدة  ، جعل هدفه  ألأساسي هو محاربة الغرب ، خاصة الولايات المتحدة ألأمريكية ، أما تنظيم أنصار الشريعة ، فهدفه بالدرجة الاولى ، هو العمل على تنفيذ قوانين الشريعة الاسلامية داخل الدولة  الليبية ، دون المساس بالضرورة ، بالحدود  السياسية للدولة ، أو بتركيبتها البشرية ، مما يؤهل تنظيم الدولة الاسلامية وفق منظوره العالمي ، لإحتواء  التنظيمات الجهادية ألأخرى في ليبيا   ، مثلما حدث في العراق وسوريا.

للتنظيم إستراتيجية بسيطة و واضحة المعالم ، في تجنيد عناصره ، ألا وهي إستغلال الغضب والحنق من الطبقة المهمشة من المجتمع أو ذات الخلفية الدينية البسيطة  أو المتضررة من وضع أقتصادي أو إجتماعي معين ، أو الحانقة على الوضع العالمي المتردي  للمسلمين  بصفة عامة  ،  وتقديم نفسة  لهذا العنصر المراد تجنيده ، بأنه (أي التنظيم) هو  البديل لكل هذا،  وأنه عن طريقه يتم الخلاص من كل المشاكل التي يواجهها العنصر من جهة ( إجتماعية، مادية، نفسية )  و أنه يستطيع من خلال نشاط التنظيم أن ينتقم ممن سببوا له أو لأمته  ألأذى  الجسدي أو النفسي ،  ورفع الظلم ، و بطريقة ينال عليها الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة.

ينطبق ما شرحت سالفاً علي الوضع في ليبيا ، بل ويتميز عليه بمعطيات إضافية سيأتي توضيحها لاحقا.

يتقدم التنظيم في إحتوائه لليبيا ببطء، لكن بخطى ثابته ، و من أكبر الاشياء التي يعول عليها التنظيم هوإدعائه  نشره الامن والامان  في المناطق التي يحكُمها، والذي أصبح اليوم هاجس معظم الليبيين ، كقضائِه على  ظواهر  الخطف والسرقة و إلإعتداء على الممتلكات  ، ذلك في المناطق  الخاضعة لسيطرته ،  كذلك إنضباطية عناصره في تعاملهم مع عامة الناس ، إلا في من يناصبونهم العداء أو من يخالفون أوامرهم ، و الذين ينالون بذلك  أشد أنواع العقاب و بطريقة بشعة ،  كذلك أمرهم بالاشياء التي يراها الكثيرين من عامة الناس مُهمة،  مثل الممارسات غير ذات الشرعية الدينية (وفق منظور التنظيم  ) أو بالمفهوم العام ، كمنع التدخين و الملابس غير المحتشمة  و صالونات التجميل وصالات الافراح وخلافه.

يتبع التنظيم في عملياته  القتالية ، أسلوب الكر والفر وعنصر المفاجئة ، و يترك خلفه بعد كل هجوم حصيلة كبيرة من القتلى، فهو يهدف في عملياته  للقتل في حد ذاته ، من أجل بث الرعب والفزع وسط خصومه ، مثل ماحدث في بوابات خشوم الخيل وسوكنه و الدافنية ، و أبو قرين و مؤخراً في إجدابيا ، مما حدى بسكان العديد من  المناطق للتسليم بسلطته بدون أي مقاومة.

يبدو أن التنظيم بعد خسارته  لمدينة درنة ، لصالح تنظيم آخر متشدد ،  أصبح يركز أكثرعلى المنطقة الوسطى في ليبيا و لهذا أسبابه ، فمدينة سرت تتوسط ليبيا و  يوجد بها  ميناء للتصدير ، و لإستقبال الواردات  ، كما يوجد بها قاعدة عسكرية إستراتيجية ، أستولى عليها التنظيم ،  كذلك قربها من حقول النفط والتي بالتأكيد  سيستخدمها لتمويل نشاطاته ، مثلما يحدث اليوم في سوريا والعراق ، بينما مدينة درنه ، محاصرة بين الجبل  والبحر ، وتحيط بها مناطق معادية للتنظيم ، كما أن بُعد موقع مدينة درنة  عن قاعدة عملياته الجديدة في سرت ، سواء بحراً أو براً  يجعل من الصعب عليه توسيع نشاطه خارج  حدود المدينة  ،  كذلك إمداد عناصره بما يلزمهم  ، لكنه سيستمر في عملياته حول درنة  و مهاجمته لها لإلهاء خصمه فيها عن متابعة نشاطاته في المناطق الاخرى التي ينشط فيها التنظيم.

من الملفت للنظر ، تركيز التنظيم في عملياته القتالية و الانتحارية ،  المنطلقة  من قاعدة عملياته بسرت ، بصفة عامة  بإتجاه الغرب ، إي على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدروع التابعة  في معظمها لحكومة طرابلس و حليفتها الاستراتيجية  في مصراته  ، بينما يترك وراء ظهره المنطقة من بن جواد و إلى إجدابيا ، بدون إي نشاطات قتالية تذكر،  وهي الاكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية  ،  ذلك لوجود النفط و موانئ تصديره بها ، و لقلة عدد سكانها وبالتالي سهولة السيطرة عليها ، مما يثير العديد من علامات الاستفهام.

كما أن تجهيزات  التنظيم والملابس التي يستخدمها أفراده هي من تصميم خاص ، لا يمكن الحصول عليها من مصادر تقليدية ، بل هي مصنعة خصيصاً له ،  مما يوضح أن هناك أوامر بتصنيع هذه الملابس ، و إنتظار لفترة تجهيزها ،   و شحنها عبر موانيء الدولة  ، مما يؤكد وجود عنصر داعم قوي للتنظيم ، داخل  ليبيا ،  لديه الامكانية المالية و اللوجستية  للقيام بكل ذلك.

ببدأ ظهور عناصر مُنظَمين للتنظيم في ليبيا ، قادمين من دول الخليج العربي ، قد نستشف سعي التنظيم لنقل عملياته الرئيسية من العراق والشام إلى ليبيا ، ولذك عدة أسباب سأذكر المهم منها:

1   الضغط الشديد الذي تمارسه قوى التحالف المضادة للتنظيم  و التي تقاتله في العراق وسوريا.

2   غياب قوة مُنظمة  و موحدة ،  تحارب التنظيم في ليبيا ، حيث و إلى اليوم لم نشاهد أية خطط أو عمليات عسكرية مضادة للتنظيم من  الحكومتين في طرابلس أو في طبرق.

3- قُرب ليبيا من أوروبا وهي منطقة مهمة ،  لتجنيد الراغبين للإنظمام إلى التنظيم  ، ومن السهل وصولهم إلى ليبيا عبر دول الجوار  ،  كذلك هي مكان محتمل لتنفيذ عمليات إنتقامية قد يقوم بها التنظيم في المرحلة القادمة ، والتي هدد  بها أكثر من مرة ، كما أن موقع سرت البحري سيمكنه من الدخول في عمليات الهجرة غير الشرعية والتي تدر أرباح طائلة ، ستساهم في تمويل نشاطه.

4- إمكانية توفر مصادر تمويل لنشاطات التنظيم من حقول النفط الواقعة تحت نفوذه ، وسهولة تصديره من ميناء سرت عبر شحنات صغيرة، ستجد من يشتريها و يدفع مقابلها نقداً.

5  طول الحدود الجغرافية لليبيا وصعوبة مراقبتها من جهة، ومحاذاتها لدول هي فضاء إستراتيجي للتنظيم و مصدر لتجنيد عناصره ، و سهولة دخولهم منها إلى ليبيا مثل تونس و  مصر ومالي و الجزائر  والسودان.

لا تتأتى محاربة التنظيم بالسلاح  فقط ، و إلا ستكون معركة خاسرة ، بل يجب أن تتوحد مكونات المجتمع كافة من أجل محاربته، ففي غياب مفهوم  الولاء للدولة ،  يجب التركيز على  المكون القبلي ، في محاربة التنظيم  ، و ذلك لقوة الترابط الاجتماعي بين أفراد القبيلة ،  و التي يسعى التنظيم لتفتيتها ،  و أن يتم السعي لقطع مصادر تمويل التنظيم البشرية و المادية ، بتعزيز مراقبة الحدود  ومحاربة الهجرة غير الشرعية بكافة الوسائل ، و متابعة و تفتيش الحاويات التي تصل لموانيء البلاد و متابعة و  التدقيق في  الحولات المالية الخارجة من مصارف الدولة  ، ونشر الوعي  و الفكر المتمدن ، و العمل علي خلق جو من تكافؤ الفرص و تعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية ، و  مفهوم حقوق الانسان ،  و محاربة التزمت الديني والتطرف  ، خاصة عبر فضاء الانترنت ،  ومنابر المساجد ،  الذان  يستخدمهما   التنظيم اليوم   لصالحه بكفائة  ، لذا يجب محاربته في فضائهما  ويجب أن يدخل الجميع هذه  المعركة لأنها هي العامل الأساسي  للفوز أو الخسارة.

لا يمكن حدوث ذلك كله، وسط الانقسام والتخبط  الحاصل اليوم  في ليبيا  ،  لذا فالخيار واضح لدى جميع الليبين ، وهو إما أيجاد طريقة للتصالح و رأب الصدع ، بين كافة  مكونات الدولة و المجتمع الليبي ،   وعلى جميع المستويات  ، و بأسرع وقت ممكن ، ذلك بالضغط الشعبي وحركة مؤسسات المجتمع المدني ، و إلا فإن ليبيا ، ستصبح قريباً أحدى ولايات دولة البغدادي  ، إن لم يكُن دُرتها ألأثمن.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • عبدالعاطي..

    اخي خالد…لاول مرة اقرء لك..و شعرت كما لوأنني اقرأ كلاما ربما كتب من اجنبي اهتم و شكر و بدع لللاقزام من تنظيم دوله القتل وعبيد البغدادي المشؤوم!! …..بوصف مقالتك بان لهم استراتيجيه بطيئه..ووو كأنها حاسمه!!..وكأنهم يملكون مهارات ..وقدرات..وغيرها من مغالطات…لا تليق بهم.. بل و لا يكتبها اخي من مثلك قرأنا له سابقا و قلبه على ليبيا الوطن.. فهؤلاء ليسوا الا سرطان خبيث….لو قسنا بمن يكرهون الاخوان مثلا لوجدنا انهم …ممن يعشقون السيقارا و شراب الخمور ..وسفور البنات و الزوجات.. بل ويرفضون من يرفض عاداتهم…وطموحاتهم كسياسيين و قبليين و جهويين حتى بربع اخلاق دين الله و رسوله بيننا.” وهو راي نرفضه حتى ولو كنا غير الاخوان…والف اخوان و لا علمان..او متطرفين مجرمين كأتباع البغدادي السفله والقتله ..و الذين مع الاس لا يجيدون من القتال الا التشنيع و الترهيب… بالدماء ..ومن السلاح الا التفخيخ و الغدر …ووجودهم في سرت والنوفليين لآنه مخطط يدعمه قذاف الدم و سكان سرت من مؤيدي مقبورهم القذافي وهذا بشهادة ممثلهم في برلمان الفشل الكامل في طبرق عنما وصف من جندوا تبع تنظيم الدوله الخرقاء من ابناء قبائل سرت هم لآنهم يكرهون فجر ليبيا وارادوا طردها من سرت ..و نجحوا … لخطأ الجهويه الذي وقعت في قوة 166 انها لم تكون جيشا منظما للثوار بل كانت قوة لمصراته فقط وهم من اعادوها بدون الرجوع حتى الى راي الثوار!! ربما لآستراتيجيه فضح حفتر و البرلمان و سكان سرت!! عموما انت وصفت هؤلاء المجرمين بالاتي “يتبع التنظيم في عملياته القتالية ، أسلوب الكر والفر وعنصر المفاجئة ، و يترك خلفه بعد كل هجوم حصيلة كبيرة من القتلى، فهو يهدف في عملياته للقتل في حد ذاته ، من أجل بث الرعب والفزع وسط خصومه ، مثل ماحدث في بوابات خشوم الخيل وسوكنه و الدافنية ، و أبو قرين و مؤخراً في إجدابيا ، مما حدى بسكان العديد من المناطق للتسليم بسلطته بدون أي مقاومة”- انتهى الاقتباس…
    ..واعتتقد انه جانبك الصواب تماما في وصفهم كأبطال بدل ان تصفهم بواقعهم … كدخلاء و تكفيريين و مجرمين مصاصي دماء …ولغتهم التفجير و التفخيخ و الذبح والتهويل الاعلامي.. بصور هوليوديه .. يعلم الله في اي عاصمه و بأي اموال تعد و تخرج بغباء مفضوح.!!..فأين مقالتك لم تحصر اكل هذا..و الاهم … ان لابد ان نتفق على ميتاق بروح وطينه لا نمجد فيه المخطئ والمجرمين ولو عن غير قصد.. ولو بوصفهم كعدو شريف مثلا!!.. فهؤلاء عبارة عن “شرادم” كما يقول الاعلام الاوروبي و الاميركي ..الذين اتحدوا جميعا عند محاربتهم عدو بلادهم من جند القاعده .. ومن قتلوا ابناؤهم ..بلغه رجل اعلامي واحد… الهجوم وليس التسليم للسفله والمرتزقه والكلاب المسعوة ..من داخل او خارج ليبيا بتنظيم دوله البغدادي الحقيرة…فلا ..اخي يمكن تسسمع او تجد من يصف اي قتله بوصف ايجابي او حتى معتدل….لآنه سلاح الوطنيه الذي نريده ان يعم كتاباتنا حول هذا التنظيم اوغيره من مجرمي التكفير و لصوص المال و ومخربي حقول النفط…والذين يتبرئ منهم الاسلام و دين رسول الله ..وما كانوا ليبقوا لولى دعم وطمع الفاسدين من عائلة الجدران المغربي و مرتزقة حفتر و وصبيان و قبلية الكرامه المفقوده من اجل كراسي والاموال وفساد وضياع ليبيا… حتى سقطت سرت واصبحت مرتع يحيها طيران حفتر بشرعيه برلمان فاشل في كل شيئ حتى تاريخ انتهاء عمله…واليك انا بناصح فهل تعيد كتابة المقاله و تحسن وصف مجرميها بدل لغة الدبلوماسيه التي ليست في محلها بتاتا في هذه المرة…و لك تقديري..و لليبيا عرفاني و دمي
    ……

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً