محمد علي المبروك: ليبيا.. لا كهرباء.. لا خبز.. لا ماء

محمد علي المبروك: ليبيا.. لا كهرباء.. لا خبز.. لا ماء

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

لا كهرباء لا خبز لا ماء، هذه هى فبراير بعد اربع سنوات، الكهرباء تنقطع لساعات طويلة وتعود لساعات قليلة وتتحول البيوت الى مايشبه الكهوف المظلمة، تعيش الظلام مع زمن الظلام وتعيش النهار مع زمن النهار وتعيش شدائد الحرارة اللافحة مع زمن الحرارة في هذه الايام، لا تكييف ولاهواء لطيف، المياه منقطعة تماما لان اغلب بيوت الليبيين تعتمد على المضخات الكهربائية واستطاع بعض الليبيين اقتناء مولدات للكهرباء لاتكفي توليدا لفترة انقطاع الكهرباء الطويل واغلب الليبيين العاديين لايستطيعون شراء هذه المولدات وعادت بعض النسوة في ليبيا الى غسل الملابس باليدين فآلات غسيل الملابس تدور بالكهرباء واصبح غسل الجسم مع شدة الحرارة ونضح الأجسام للعرق مجهدا يتم عبر دلوا من ماء ووعاء يملأ من الدلو باليد ثم يسكب على اعلى الرأس حتى يعمم الجسم بالماء والماء مما خزن في الفترة القليلة التى يحل فيها الكهرباء خطفا، في هذه الكهوف المظلمة تفح الجدران عند الليل بحرارة خانقة تحيط الأجسام فتعصرها عرقا وتغرقها فيه غرقا ويصبح النوم المستحيل كابوسا في جحيم من الحر يقلب الأجسام في كهوف البيوت التي كأنها أفران ونيرانها الحارة التي لاترى تهب خفية عبر الظلام، ظلام يعطل الابصار وحر شديد كمن تحيطه النار ولايسمع في الاحياء السكنية عند العبور مشيا الا صراخ الرضع والأطفال في ليالي الظلمات بسبب شدة الحرارة التي صفدت بشرتهم النقية الندية بعرق مالح يشحذ اجسامهم الناعمة الضعيفة فيهيجها بطفوح حمراء منها يتألمون، بأي ذنب ولدتم في ارض حتى انتم شعرتم بجحيمها وليتكم تعلمون مايدور حولكم لصرختم أبدا على بلاد كتب عليكم ان تولدوا فيها وتنفجر فيها المأساة انفجارا، ماء الشرب يبرد في قرب الماء أي اواني الفخار (البرادات) وموائد غالب الليبيين فقيرة يسيرة  تفتقر للحوم والتى فسادها محقق  فالثلاجات المنزلية لم تعد تؤذي مهمتها التبريدية او التجميدية وانعزل اغلب الليبيون العاديون عن معرفة مايدور حولهم من احداث لان اجهزة الإذاعات المسموعة والمرئية ووسائل الاتصال الاخرى خامدة هامدة بخمود وهمود الكهرباء، في مدينة طرابلس وغربها قفلت المخابز وخمدت نيران أفرانها ويرجع الامر الى نقص الدقيق والانقطاع الدائم للكهرباء وبذلك انقطع رغيف الخبز المعروف في ليبيا وقد وصل سعرالرغيف الواحد في بعض الأماكن لندرته الى دينار ليبي وحل بدلا عنه في بعض المحال التجارية الرغيف الشامي الرقيق المستدير وهو لم يعرف في ليبيا انتشارا الا في هذه الفترة وهو رغيف مجهول المصدر ولايعلم احد من يصنع هذا الرغيف ولامكان  صناعته ولامكوناته ولامحتوياته فقد استعاض به الشعب الليبي عن الرغيف الليبي المعروف وهو مغلف بأكياس من اللدائن تغليفا متخلفا لايهم من يصنعه صحة من يتناوله بل يهمه المال الذي سيدفعه من يرغب في تناوله، وحتى هذا الرغيف البائس بدأ ينقطع هذه الايام.

ليبيا الآن تغرق في الظلام فعليا وهناك معاناة معيشية طالت حتى الرضع والأطفال  وبلاء الكهرباء ليس من الشركة العامة للكهرباء، التى قامت بما لم تقم به اي شركة عامة اخرى، البلاء من الوضع الليبي العام الذي لايستمر معه كهرباء او ماء او خبز او حياة وهو وضع خلقه المؤتمر الوطني العام والذي افرز حكومات من النصابين واللصوص حولت لها المليارات تلو المليارات والتي تنشئ العشرات من الشبكات الكهربائية الضخمة والحديثة والمستقرة لعشرات الدول، ماهذا الاهدار الكبير الذي لم يعد على الشعب الليبي حتى بالقليل؟  والله ان هى الا جرائم كبرى تستدعي الحساب والعقاب العسير والا بعد ذلك الطوفان (أغثنا يارب.. أغثنا.. اموالنا تتلاشى وحياتنا ومعايشنا معها تتلاشى بمن لا أمانة لهم) ومن هذه الحكومات ذات الإفراز السيئ حكومتي الكيب وزيدان، في حكومة الكيب برز الأفاك وزير الكهرباء* بسيرة احتيالية حتى يصبح وزيرا للكهرباء ومن سيرته ((قام بالعديد من الدراسات في تخصص الكهرباء، وساهم في رسم السياسات الاستراتيجية لقطاع الكهرباء في إمارة دبي وكان مسؤولا على تنفيذ ومتابعة المشاريع الكهربائية بإمارة دبي)) وهاهو وضع الكهرباء من بعده، هل مثل هذا الوزير راسم للسياسات والخطط للطاقة الكهربائية؟ بل رسم من فترة وزارته تخبطا وجهلا تردى معه وضع الكهرباء ويجب ان يحاسب على سيرته الاحتيالية وعلى الاموال التى انفقت في عهده على الكهرباء وفي حكومة زيدان برز وزير الكهرباء مستعرضا لمشاريع وإنشاءات كهربائية عديدة وحولت له الاموال فذهبت الاموال ولم تأت المشاريع والإنشاءات الكهربائية وهاهو الكهرباء من بعده، اليس ذلك نصب.. اليس ذلك احتيال على الشعب الليبي، المؤتمر الوطني لم يكتف بافراز النصابين والمحتالين حكاما بل دعم ورسم أمراء الشر.. أمراء الحروب في ليبيا.. أمراء الجرائم.. وعبيدهم الذين يقاتلون ويحاربون بعضهم بعضا فدمروا كل شئ وقتلوا كل شئ وهجروا كل شئ (حتى الطيور) ومن ذلك تدمير شبكات الكهرباء ومحطاته. اربع سنوات ويزيد وهذا المؤتمر يرسم لنا التعاسة رسما حتى وضعنا فيها ولازال محيط التعاسة يتسع.. لاكهرباء.. لاخبز.. لاماء.. لا مرتبات.. لا اتصالات.. لا طرق.. لا مشافي ويجب ان ينهض الشعب الليبي على هذه الاوضاع قبل ان تنهض عليه تعاسة التعاسة. حسبنا الله من الاشرار.. حسبنا الله من الدمار.. حسبنا الله من الانهيار.. الله.. الله ملاذ. لشعب هذه البلاد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 1

  • salah

    سؤال للكاتب: هل تعتبر آلام الولادة للمرأة دليلا على أنها ستكون مستمرة إلى الأبد -فهي تتعرض لها في تلك اللحظة-, أو قد ترى عدم وجود فائدة تذكر من المولود -لا أدري في حالتك- أو ربما تراها خطأ ما من شخص ما وبدونه تكون الأمور أسهل؟!

    صدقني فكرت كثيرا في طرق أخرى أشرح لك بها فكرتي لكي أوصلها لك بأبسط طريقة ممكنة يمكن لأي شخص حتى أنت أن يفهمها, وأرجو أن أكون قد وُفِّقت, وفقط لمعلوماتك, لقد مرت البلاد “باسوأ” من هذ الوضع الذي تمر به, فهل تصدق؟!

    بالمناسبة…أتفق معك في بعض ما ذكرت! 🙂

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً