الحماية القانونية للمؤسسات الليبية بأفريقيا من التأميم

الحماية القانونية للمؤسسات الليبية بأفريقيا من التأميم

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

تهدد بعض الدول الإفريقية هذه الأيام بإمكانية تأميم المؤسسات الليبية على أراضيها للأسباب غير قانونية، لهذا رأيت من الأهمية تناول هذا الموضوع من الجانب القانوني لعله يفيد أصحاب القرار في مؤسسات الإستثمار الليبية.

لقد استقر العرف القانوني الدولي على إقرار حق الدولة في الاستيلاء على ملكية المال الأجنبي المستثمر داخل البلد، ويرجع هذا الأمر إلى فكرة سيادة الدولة على إقليمها، هذا من حيث المبدأ، ولكن هناك بعض القيود ترد على هذا الحق في أخد ملكية الأجنبي ومن القيود:

أولا: عدم مخالفة الدولة التزاما سابقا لها وهذا من المبادئ المستقرة في القانون والعرف الدوليين انطلاقاً من مبدأ أن الدولة يجب أن تتقيد بما تعهدت به من التزامات بمقتضى المعاهدات الدولية.

ثانياً: التقيد بعدم مخالفة مبدأ المساواة وعدم التمييز وهذا على المستوى الفردي. ويقصد بهذا الاستثناء أن الدولة عندما تتخذ إجراءات الاستيلاء أو المصادرة أو التأميم أن تحترم وتتقيد بهذا المبدأ وذلك أنه لا يجوز لها أن تتخذ هذه الإجراءات على نحو يخل بمبدأ المساواة كتأميم ممتلكات الأجانب دون الوطنيين أو في مواجهة دولة معينة دون أخرى نتيجة لموقف سياسي معين.

وتطبيقا لهذا المبدأ فقد اعترضت الحكومة السويسرية على التأميمات التي أجرتها حكومة جمهورية تشيكوسلوفاكيا (عندما كانت موحدة) ضد المؤسسات المملوكة للسويسريين  وكذلك اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية على ما قامت به الحكومة الرومانية من تأميم  المشروعات الصناعية المملوكة للأميركيين لكونها استثنت من هذه الإجراءات ممتلكات الدولة السوفيتية الأمر الذي يعد إخلالا بمبدأ المساواة وعدم التمييز.

ثالثاً: ضرورة الالتزام بأداء التعويض العادل، بمعنى أنه لا يجوز لأي دولة وبأي شكل من الأشكال مصادرة أو تأميم أموال ومؤسسات أجنبية دون تعويض لأن ذلك مخالف لقواعد القانون الدولي العام بالرغم من أن بعض الدول تعتبر عملية التأميم من الأعمال الوطنية والسيادية بهدف التحرر الإقتصادي، وهذا ما نادى به الفقه الاشتراكي الذي يرفض مبدأ الالتزام بأداء التعويض لأنه حق من حقوق الدولة في تأميم مواردها انطلاقا من مبادئ الأمم المتحدة في حق الشعوب في تقرير مصيرها الاقتصادي والسياسي.

غير أن الراجح في فقه القانون الدولي يؤكد على ضرورة أداء التعويضات العادلة واللازمة نتيجة التأميم أو المصادرة. ويشترط في التعويض أن يكون عادلاً ومناسبا وحالاً وفعالاً وفقا للسعر السائد في السوق أثناء عملية المصادرة أو التأميم.

وقد سبق للمحكمة الدائمة للعدل الدولي أن حكمت بوجوب أن تلتزم ألمانيا بدفع التعويضات المستحقة للحكومة الفرنسية بالعملة الفرنسية بالرغم من أن الرأي الغالب في الفقه الغربي يكتفي بالتعويض بعملة قابلة للتحويل.

السؤال ما هي الجزاءات المترتبة على عدم مراعاة الدول للقيود التي يفرضها القانون الدولي؟

يُجيب على هذا السؤال الفقه  التقليدي إلى القول بضرورة الحكم ببطلان إجراءات التأميم وما ترتب عليها من أثار وقد جاء هذا نتيجة الردود العنيفة من قبل الدول الرأسمالية تجاه التأميمات السوفيتية.

أما الفقه الحديث  فإنه يرفض هذه النظرة على أن أساس قرارات التأميم بوصفها من قرارات السيادة وبالتالي سترتب بعض الآثار داخل إقليم الدولة وبهذا يقتضي الأمر الاعتراف بجانب من هذه الآثار مع ضرورة التعويض العادل والشامل دون الاكتفاء بالتعويض الجزئي.

لهذا يمكن للدولة الليبية أن تتصدى لحماية أموالها بالالتجاء إلى القضاء الدولي، وهذا ما يعرف بنظرية الحماية الدبلوماسية في فقه القانون الدولي العام وهو أفضل الطرق حسب وجهة نظرنا.

ولحماية وضمان إستمرار المؤسسات الليبية بإفريقيا فيمكن أن يتم بالتزام دولة المقر بعدم التعرض للإستمارات الليبية بمقتضى معاهدة دولية بينها وبين الدولة المعنية وبهذا يُطمئن المستثمر الليبي وفي حالة مخالفة ذلك يشكل مخالفة لالتزام دولي يعقد المسؤولية الدولية للدولة المعنية.

هذه بعض الملاحظات المهمه ولكن باختصار شديد أردت نقلها لمؤسسات الإستثمار للدولة الليبية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

اترك تعليقاً