هل الحبال من عندنا أم من عندك؟

هل الحبال من عندنا أم من عندك؟

يحيرنا سؤال نحاول الإجابة عليه،  ما الذي يجعل من الحاكم العربي طاغية؟ وما الذي يجعل من الحاكم العربي ديكتاتورا لا  يهتم لأمور شعبه، ولا يهتم لمشاكلهم بالشكل الصحيح، أو بالشكل المطلوب؟

أهو ضعف فينا قبل أن يكون قوة في الحكام؟  والإجابة كما أراها أن مجتمعنا يقع في خطأين كبيرين، وهما  السبب الحقيقي في إننا نصنع الطغاة، وهذان الخطئان، لم يكونا ليحدثان لو إننا درسنا ديننا الإسلامي دراسة حقيقية، ولو أننا آمنا أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطائك لم يكن ليصيبك، وأن واجب العلماء والمفكرين والكتاب أن يلتحموا بالشعب وحاجاته وأن يبتعدوا عن الحاكم، و لا يكونوا بطانة له وأتباع،  كان خلق وديدن علماء المسلمين وسلوكهم  في القرن الأول والثاني. فلم نسمع عن أمام من أئمتنا انه كان من بطانة الحكام، بل كانوا يرفضون حتى حضور مجالسهم، ولم يكونوا يقبلون أعطياتهم إلا في أضيق الحدود. 

إذن ابتعادنا  عن ديننا الحق هو ما جعل مجتمعنا يقع في هذين الخطأين 

نعود للخطأين،

الخطأ الأول، هو وقوع المجتمع أو جزء كبير من المجتمع ضحية اعتبار كل خير يأتي هو من الحاكم، فكل خير هو مكارم يستحق الحاكم أن يشكر عليها،  ويذكرني هذا بقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما يروى عنه أنه وزع من بيت المال على الناس، فقال أحدهم: (جزآك الله خيرًا يا أمير المؤمنين)

فقال: ما بالهم نعطيهم حقهم ويظنونه مني منة عليهم!.

فعمر رضي الله عنه يقول انه حق للمسلمين ولا يستحق أن يشكر على توزيعه على المسلمين،  ويلوم الناس على شكرهم له. هكذا كان الحاكم،  وهذا هو هدي الخلفاء الراشدين، الذي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نتمسك به، بل  ويجب أن نعتبرها جزءا من السنة النبوية الشريفة  فيقول الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم  (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور) إذن سنتهم جزء من سنة الرسول المصطفى، فلماذا لا نتعلمها؟

وهذا السؤال دائما ما يخطر لي. لماذا نتعلمهم كجزء من التاريخ، كجزء من السير، وليس كجزء من السنة النبوية المطهرة ؟ بينما صح الحديث أننا يجب أن نأخذ بسنتهم. وأن نستهدي بهديهم. وأن يكونوا مثال للحاكم العربي، ومن يخالف هديهم من الحكام يكون مخالفا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

سؤال أتمنى أن يشتغل به علمائنا الأجلاء، وأتمنى أن أجد إجابة عليه

أما الخطأ الثاني فهي استسلامنا لجور الحكام، استسلام  لم يسبق له مثيل، يذكرنا بما يقال انه كان يحدث في عصر التتار. عندما هجموا على العالم الإسلامي، فكان التتري يطلب من المسلم أن يبقى في مكانه حتى يسن التتري سيفه ليعود ويقتله، ويبقى المسلم مكانه حتى يعود هذا، ورغم إني اشك في صحة الرواية، ولكن إذا رأينا ما يحدث اليوم نكاد نصدقها،

وأطرف ما قرأت تعليقا كتبه احد القراء يقول أن أسباب طغيان حكامنا هم نحن، فقد مجدناهم إلى درجة أننا بعد أن قالوا “سوف أعلقكم على المشانق”  فسألناه: هل الحبال من عندنا أم من عندك؟

هذان الخطئان هما سبب طغيان الحكام العرب، زيادة التكريم أصبح حق المواطن كرم من الحاكم، ثم زيادة الخنوع والاستسلام بحيث أصبح الظلم حق للحاكم لا يناقش به.
ومتى ما تخلصت امتنا من هاتان العلتان، ومتى ما درست أمتنا ديننا الحق، ومتى ما أصبح علمائنا في المقدمة في المطالبة بحقوق الشعب، حينها ستنهض الأمة، وسيكون لنا شأن بين الأمم.

وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي

صالح بن عبدالله السليمان
http://salehalsulaiman.blogspot.com/2012/01/blog-post_6754.html

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً