ليبيا لن تعود بلاداً ولن تعود وطناً

ليبيا لن تعود بلاداً ولن تعود وطناً

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

وضع ليبيا معقد ومستفحل ومتشابك ولا أرى أملا في عودة ليبيا الغائبة من بعد مغيبها ولا أرى أملا في عودة ليبيا الى احضان الليبيين وعودة الليبيين الى احضان ليبيا فليبيا محشورة حشرا في طوق من التعقيدات الثقيلة التى لاتسمح لها بالعودة كبلاد وكوطن الا الذهاب مجبرة الى نهايتها ونهاية ليبيا تماما هى مسألة وقت وحسب، لست متشائما ولكن حجم التعقيدات المترسخة في ليبيا مع تعاقب حكام مشاعرهم الوطنية خامدة لا إرادة لهم الا الاستغراق في التمتع بمزايا مناصبهم دون مجاهدة التعقيدات الليبية بل ان مساعيهم مثبتة لهذه التعقيدات وهذه أمور محبطة وتدفع دفعا الى اليأس والأمر ليس حالة تشاؤمية سوداوية ذاتية تطوف بنفسي فالتعقيدات أمامكم ظاهرة واضحة في الآتي:-

1- كانت ليبيا بلاد واحدة وقسمت الى عدة بلدان، بلاد في الشرق وبلاد في الغرب وفي وسطها بلاد احتلال متطرف متوحش يزداد يوميا قوة وفي جنوبها بلاد اخرى هى مسرحا للتجول والتوطن من دول أفريقية .

2- كل منطقة في ليبيا تحولت الى الانتماء الذاتي وليس الانتماء لليبيا وذات حدود ادارية وحدود قبلية لاينتقل اليها الليبي الا بتأشيرة لفظية : انت من اين ؟ وعلى اجابتك،تنتقل او تطرد او تفقد.

3- رزق ليبيا الرغد النفطي الوحيد مجمد تسيطر عليه عصابة مسلحة بدافع التملك ويغير عليه بين الحين والآخر صعاليك تنظيم الدولة لتدميره ولا احد يتحرك لتحريره وكأنه ليس ملكا لليبيا .

4- القوة والسلاح في ليبيا تملكهما عصابات مسلحة ذات انتماء ديني متطرف اوسياسي متطرف او إجرامي متطرف او قبلي متطرف مع تكاثر مرعب للجريمة ونمو تصاعدي  لعصابات الجريمة  ولاوجود الا لصغائر جيش وشرطة واجهزة امنية لا جدوى منها .

5- ثروة الشعب الليبي الداخلية والخارجية سائبة مباحة للصوص، ماانتخبوا  وما رشحوا وماعينوا  نواب او وزراء او مدراء او سفراء الا لنهب الاموال وامامكم المئات من قضايا سرقة المال العام التي ارتكبها هؤلاء وتعدت أمرا عاديا دون محاسبة او عقاب بل وتتطور السرقة بالتشريع عبر تخصيص الاموال العامة على الهوى والاشتهاء ولكم فيما خصص مجلس النواب والمؤتمر الوطني لنوابه من اموال واقعا  .

6- ظهورالصراع المذهبي الديني بظهور جماعات دينية تتسابق للحصول على السلاح والسلطة والسيطرة على المساجد والسيطرة على مناطق كاملة وهى الجماعات المسماة بالسلفية الدعوية وتنظيم الدول غير الاسلامية والسلفية الجهادية وغيرهم.

7- التغيير السيئ في الطبائع النفسية لافراد الشعب الليبي بسبب الاوضاع الحياتية السيئة وكانت طبائعهم نزاعة للخير والود فيما بينهم وأصبحت نزاعة للثأر والانتقام فيما بينهم.

8- سيادة الكفر السياسي بتكفير من له توجه سياسي مخالف بقتله او سجنه او تهجيره وحرمانه من حقوقه المعيشية والوطنية بالمطلق وذلك واضحا ماحدث لانصار القذافي وما حدث لبعض الفعاليات الاجتماعية والحقوقية والسياسية والصحفية من قتل او سجن اوتهجير وحرمان من الحقوق.

9- سرقة ونهب كل ماعلى الارض الليبية من ثروة بحرية من أساطيل صيد اجنبية  وثروة برية حيوانية وثروة اثرية مدفونة وثروة غابية وحتى الثروة البشرية بسرقة اطفال الشعب الليبي.

10- المشهد السياسي الليبي مشهدا مريضا لاينسخ الا حكام تشريعيين وتنفيذيين متفرجين جشعين كسالى ، يشرفون أشرافا على تمرير المأساة دون ان يغيروا المأساة ويخمدوا حممها التي حرقت الشعب الليبي ولكم دليلا فيما نسخ المشهد السياسي الليبي من أسوأ جسمين وهو المؤتمر الوطني ومجلس النواب ولا انتاج ولا عمل لهما الا تخصيص الاموال والمزايا لنفسيهما والولع بالسفر والإقامة في دول غير ليبيا ودليلا فيما نسخ من حكومات فيها شراهة فاحشة لاهدار الاموال وشراهة فاحشة لنهب اموال الليبيين.

11- لوجود إمكانيات اقتصادية شهية في ليبيا ولاتساع مساحتها ولصغر عدد سكانها  ولانعدام اي حماية اوتحصين لليبيا ولوجود حكام بلهاء ادنياء يحكمونها فانها محل لأطماع بعض الدول الفقيرة والدول التى تكاد تنفجر سكانيا ومثيرة لشهية البلدان الجائعة ويرجح مستقبلا ان تقتطع قطعة قطعة لبعض البلدان باستمرار الوضع الليبي.

المؤلم في الامر والذي يدركه الوطنيون المتألمون ولايدركه الخاملون من حكام ليبيا ان هذه الاوضاع التى تركت دون معالجة على مدى خمس سنوات تزداد مع تركها للزمن تعقدا وتشابكا وترسخا وامتدادا مما يستحيل تغييرها فيمابعد وهذه مسؤولية حكام الخمس سنوات وعصابات الخمس سنوات الذين يجب ان يحاسبوا على تعقد هذه الاوضاع لبلاد وشعب.

لقد أذهلتني حكومة الوفاق كما أذهلت اغلب الليبيين باقتحامها لاعشاش الغربان في مدينة طرابلس واعتقدت كما اعتقد غيري ان هذه الحكومة سوف تقتحم باقي التعقيدات الا انها اقتحمت تعقيد دخولها الى طرابلس فقط وهو اقتحام لتنصيب نفسها وتركت باقي التعقيدات لتتعايش معها وهى تعقيدات تقع على حياة الليبيين وبدأ ان لاهدف لها الا استمرار فترتها الحكومية مع استمرار تعقيدات الوضع الليبي مما يدلل ان حكومة الوفاق مثلها مثل باقي الحكومات المزعجة التى توالت في عهد فبراير فمن لديه ارادة التغيير ينزع لاقتحام وجهاد كل التعقيدات المدمرة لليبيا وشعبها وليس مجاملتها والتعايش معها  ذلك وغير ذلك لا أمل في حكومة الوفاق ولن ينقذ ليبيا وشعبها حكومة او اي جسم تشريعي جديد او اي دستور، المنقذ لليبيا هى قوة وطنية جهادية لا انتماء لها الا ليبيا وشعبها تعيد بحزم احوال ليبيا الى اتساقها وتصهر التعقيدات الطاغية على ليبيا وشعبها وذلك مثل القوة الوطنية الجهادية التي كونها اجدادنا اثناء الغزو الايطالي لليبيا فهذه التعقيدات هى احتلال وتفرض ذاتها بالقوة وهى قاتلة ومدمرة لليبيا وشعبها ولن تحلها الا قوة وطنية جهادية ولكن من المستحيل في وضع كوضع ليبيا تكوين مثل هذه القوة لانقسام ليبيا وشعبها وتقطع نسيجها الوطني وللحقيقة تكونت مثل هذه القوة الوطنية الجهادية تحت مايسمى بجيش الكرامة في بادئ امرها الا انسياقها فيمابعد تحت سلطة مجلس النواب الذي يمثل تعقيدا من التعقيدات التي  اضرت بليبيا جعلها قوة متعثرة وقطع ارتباطها الوطني لتوثق ارتباطا سياسيا بمجلس النواب ولو انها وثقت ارتباطها الوطني بمعزل عن مجلس النواب وبمعزل عن اي جسم سياسي لما تعثرت ولأمتدت لكل ليبيا وانقذت ليبيا ولكن ماحدث حدث وماحدث فوت الأوان على إنقاذ ليبيا التى بدأت تنتهي فعليا، يقينا مؤسفا ستثبته الايام اللاحقة وعزاءنا في ليبيا واحد ويعوضنا الله وطنا اخر عن ليبيا التى لن تعود.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 11

  • علي سالم

    سؤال من فضلك بدون احراج اين تعيش داخلل ليبيا ام خارجها انا اعيش في ليبيا ولم اغادرها ولن اغادرها ولم أري مبررا لكل هذا التشاؤوم فكافة البلدان تمر بمشاكل وصعوبات ثم يسخر لها الله من ينقذها انزع عنك هذه الصورة السوداوية ولا تقنط من رحمة ربك

  • lotfi

    هذا التشاؤم غير منطقي ولا يجب ان يكتب في الشأن العام بهذه النظرة السوداوية مما يؤثر على عامة الناس نأمل تسخير هذا الجهد فيما يرتقي بمفاهيم الناس ويحفزهم على الايجابية داخل المجتمع -والله اعلم -والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • معتز مادي

    قلت فأجملت….و للأسف أصبت. هذه الحقيقة التي كلما تناولتها مع أبناء الوطن أتهموني بالتشاؤم و السلبية…و لكن أعتاد الليبيون علي عدم اﻷخذ باﻷسباب و التفاؤل الغير مبرر نتيجة نظرتهم السطحية لما يدور حولهم….و أفتقارهم للتمعن و الشمولية و قرأة التاريخ….بالعربي ( تلوقين مرابيع ). لكن أخذا بما هو موجود علي أرض الواقع…فما كتبت كان شاملا مختصرا. عزانا واحد يا ولد سيدي و حسبنا الله و نعم الوكيل.
    معتز مادي

  • عبد المهيمن الشيخ

    الصمت خير من التشاؤم
    والتفاؤل خير من الصمت
    لانه (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)

  • فراس

    هذا مختل عقليا ومتشأم أكثر من اللازم ربما يحن إلى الماضي لكن رحمة ربي واسعة وبأذن الله عزوجل ستنهض ليبيا وتتعافي برجالها المخلصين ودعوات الوطنيين الصادقين.

  • محسن

    كلام صحيح وتحليل منطقي.

    المقالة ليس لها علاقة بالتشاؤم أو بالتفاؤل، إنما لها علاقة بقراءة الواقع المرير والعبث السياسي الراهن، ومن ثم استنباط ما ستؤول إليه الأمور، خاصة إذا ما استمرينا على نفس الحال الذي نحن عليه. أستغرب نفيْ صفة الإيمان بالله أو إلصاق القنوط من رحمت الله لمن لا يلقي على مسامعكم أو يكتب لكم كلام مطمئن مرصع بالـ “إنشالله إنشالله”. إن شاء الله خير، ولكن الأخذ بالأسباب بعد تحليل المسببات واجب لا مفر منه، والإخذ بالأسباب لا يتأتى إلا للمثقفين حتى وإن نالوا وابل من النعتات السلبية إن كان الثمن إحقاق الحق وإيصاله لمريدي الحقيقة وإن كانت مُرة.

  • علي المسلاتي

    الى فراس نعت كاتب مثل محمد المبروك بهذا النعت يدل على انك احمق او انك جاهل لأتعرف الكاتب والاثنين الجهل والحمق اذا اجتمعوا في شخص وقد اجتمعوا فيك يافراس فان الشخص يكون كالحيوان لا انسان

  • امازيغى وبنعمة الله مسلم

    ليست ليبيا فقط من تعانى يااخى الكاتب بل جميع الدول المجاورة من المشرق الى المغرب والسبب واحد القبلية المقيتة وعصبيتها والولاء لها وليس لله والدين ثم الوطن وهى تجارة رائجة مند اكثر من1500 سنة لدلك نحن نبحث عن اناس ليسو موجودون اصلا (وطنيون ويخافون الله فينا) اخى ارض الله واسعة وطننا لامكان فيه لاوفياء والوطنيون ..وليبيا كما جاراتها الاخرى امتلئت بالعملاء وتجار الاوطان مقابل المال او الكراسى لاجنبى غربى اوشرقى ..سنجد لنا وطن لامكان فيه للعملاء

  • أبو عبد الرزاق

    إذا أذن الله في الفرج؛ فلا راد لفضله، وإذا اجتمعت القلوب؛ يسر الله الأمور، وإذا غيرنا السلبية التي في أنفسنا؛ غير الله حالنا، وجعل بعد العسر يسرا، وبعد الضيق مخرجا. فهل من معتبر؟! لمثل هذا فليعمل العاملون.

  • فيصل علي

    يمكن تشخيص حال الكاتب من وصفه لفصيل سياسي يمثل كتلة بشريه ضخمه في غرب ليبيا بأنهم غربان وان طرابلس عشهم , يمكن تشخيص حاله هذا الكاتب بأنه يعاني مرارة الهزيمة و يكاد يفقد صوابه من فكره هزيمة معبود كان يريد ان يكون مثل معبود سابق حكم البلاد , القول بان ليبيا لن تعود وطنا و لا بلاد ,قول اقل مايمكم التعليق عليه انه سخافه مطلقه , كمبوديا و رواندا وغيرها لديها تعقيدان عشرات المرات اكثر من ليبياومع ذلك تخطت واقعها و نجحت , مأساة ان يكون هذا التفكير من صحفي والماساة الأ كبر أن يعطي له فرصة ليكتب في مواقه صحفية مشهورة و يحرم منها غيره .

  • خليفة ارحومة

    ليبيا لن تعود وطنا ولا بلادا ستكون وطن للدواعش او وطن لدول اخرى ، الكاتب قال الحقيقة وامة لاتحترم كتابها لاتستحق الاحترام بين الامم مادام ليس محترمين بعضكم ياليبيين احترموا على الاقل كتابكم

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً