تركيا، الكذبة الكبرى ومن يصدقها

تركيا، الكذبة الكبرى ومن يصدقها

article2_11-7-2016

لست في وارد الهجوم أو الدفاع عن المواقف التركية من أمهات القضايا العربية، لست في وارد اختلاق صراع جدلي بين الذين يؤمنون بالأنموذج التركي و بين من يرونه مجرد سراب و نفايات فكرية للسياسي أحمد داوود أغلو لكن ما هو ثابت أن تركيا ورغما عن كل ما قيل و يقال  لم تقدم أية خدمة مهما كانت رمزية للقضايا العربية و بالذات القضية الفلسطينية، ومنذ صعود حزب العدالة و التنمية للحكم  و تقديم السيد رجب أوردغان نفسه كزعيم سياسي  قادر على مساندة القضية و طرحها في المنتديات الدولية بما يسمح  بإشعاعها و اقتلاعها لمواقف مساندة من الشخصيات و المكونات الدولية ذات العلاقة  بنصرة قضايا التحرر في العالم لم تحقق القضية أي مكسب كان للرجل دور فاعل فيه  بل أصبحت القضية في طي النسيان بسبب فتح أنقرة  دفتر محاسبة النظام السوري  خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني المتمثل في محاصرة القوى الحرة الرافضة للهيمنة الأمريكية و أولها عرين المقاومة العربية في الشام.

تركيا مجرد بلد إسلامي منذ  بروز زعامة كمال أتاتورك و تواصل استمرار حكم العسكر  بل من الثابت و المعلن أن العلاقة الاستراتيجية  الصهيونية الأمريكية التركية لا يمكنها أن تكون إلا قرينة  جدية على انحياز أنقرة للنادي الصهيوني القادر على إدخالها للنادي المسيحي بعد أن تستغفر وتغتسل و تقدم ولاءات الطاعة حول مجازر الأرمن و دور فاشيتها الحاكمة في الإبادة الجماعية التي حصلت وبقيت وصمة عار تاريخية في جبين الحكومات التركية المتعاقبة ، هذا المدخل مهم للاقتناع بمحدودية الدور التركي بل لنقل بانعدامه من الأصل لان تلك العلاقة مع أكبر قوتين في العالم و المنطقة هما المقود المحدد للدور التركي وعليه فان  محاولة حزب العدالة إيهام المتابعين بقدرته على الخروج على بيت الطاعة  هو مجرد أوهام طالما  سوقتها مجموعات الإسلام السياسي من باب الغلو والتطرف الفكري لا غير و كذبتها الوقائع المادية سواء في تونس أو مصر أو العراق، فالولايات المتحدة و بعد انشطار الاتحاد السوفييتي حددت قواعد اللعبة و حدود الأدوار لكل دولة في العالم و بالذات في الشرق الأوسط ولعل آخر تحديد صريح هو  تلك العبارات المختزلة للرئيس بوش الابن في خطابه اثر هجمات 11 سبتمبر 2001 “من ليس معي فهو ضدي”.

لم يكن ضرب السفينة التركية “مرمره” و إهانة السفير التركي في تل أبيب محطات سياسية عشوائية بل هي قرص أذن للقيادة التركية  التي أرادت اللعب في المياه الفلسطينية العكرة ، فالخطوط الحمراء الصهيونية كانت واضحة و محددة لكل الذين يتعاملون مع العدو الصهيوني و أمريكا نفسها لم تعد قادرة مهما تغيرت القيادات على تخطى أو فرض قواعد لعبة و خطوط حمراء أخرى، بعدها لازمت تركيا مكانها وتجرعت مرارة الاحتقار و الإذلال في صمت رغم غوغائية بعض الخطب “المحلية” المعدة للاستهلاك الشعبي المحلى و إلى اليوم لم تعد تركيا  صنيعها و لم ترفع صوتها في أي منبر  لمساندة القضية الفلسطينية، وحتى عندما غضب الدب الروسي بعد إسقاط طائرته في الأجواء السورية على يد المقاتلات التركية صمتت الدولة التركية صمت القبور ارتباكا  لتؤكد للمتابعين أن  حكم الإسلام السياسي ليس إلا مجرد شعارات للاستهلاك و أن سياسات الدول الكبرى لا تحكمها العواطف و الشعارات بل المصالح الحيوية.

بمجرد اصطفاف تركيا إلى جانب أعداء سوريا و أعداء الأمة العربية لضرب و إسقاط النظام  السوري في أقذر مؤامرة دموية عرفتها البشرية  سقطت مقولة السيد أوغلو  المبشرة بصفر مشاكل تركية مع الجوار ليصبح أعداء تركيا في المنطقة أكثر من عدد أصدقاءها، فالنظام بكل منظريه لم يصل إلى قناعة راسخة بأن الشعوب العربية ستقف ضد كل الذين يقفون ضد سوريا بصفتها قائدة المقاومة العربية و ضد حلف المقاومة بعيدا عن الطائفية و المذهبية والاختلاف في الرأي، وبين تركيا وسوريا سيختار العرب طبعا سوريا بالإجماع، فتركيا كانت دائما و في الأوقات الحرجة إلى جانب العدوان والاستعمار الصهيوني الأمريكي للمنطقة ولم ترفع صوت الاستنكار الجدي  ضد كل المجازر التي أدت بحياة ملايين الشهداء العرب و العرب اليوم لا يحتاجون لصوت و مشروع كرتوني مشبوه تحركه الأيادي الخفية المتحكمة في صراع الشرق الأوسط  ليقدم نفسه البديل للمقاومة و لحالة الرفض العربية للصهيونية العالمية، و لا شك أن انتصار سوريا في معركتها الوجودية سيطيح نهائيا بمشروع الفوضى الخلاقة الإخوانى الصهيوني التكفيري الذي تحركه إسرائيل وتركيا والسعودية لضرب الثوابت العربية التي طالما وقفت سدا منيعا وعنوانا لرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.

تقول أنقرة اليوم على لسان رئيس حكومتها الجديد أنها ستعيد النظر في سياستها الخارجية ، هذا ليس صحيحا فعملية إعادة النظر قد فرضت على النظام بقوة الصمود السوري و افتضاح المؤامرة التركية المتخفية وراء “ثورة” قذرة بائسة كونتها المخابرات التركية والقطرية، وحيث يتفق العملاقان على أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد مطروحا كما طمحت إليه أنقرة من البداية فان إعادة النظر التركية في هذا الشأن لا تعد إلا تسليما بالواقع وليست  اختيارا تركيا محضا، و لعله من الثابت اليوم أن سياسة الصفر مشاكل قد انتهت قبل أن تبدأ وأن مشروع الإخوان الذي سقط نهائيا في مصر وتونس بالذات قد انتهى في تركيا بدليل المظاهرات والاحتقان الشعبي المتواصل الذي يوجهه النظام بالحديد والنار إضافة إلى تصاعد وتيرة التفجيرات الدموية التي تضرب الأمن التركي في معاقل كثيرة لتثبيت المقولة المعروفة “النار تأكل مشعلها دائما”، الثابت أيضا أن  مهند التركي  الذي أضاع بوصلة بعض الفتيات العرب قد كان يلبس قناعا واليوم كشف القناع على القناع ليشاهد الملايين العرب الصورة الفاجعة لمهند تركيا رجب طيب أوردغان.

[su_note note_color=”#cdf4f6”]هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

  • mr.mister

    كاتب المقال…خاارج نطااق التغطية

  • الضمير والوطنية

    تركيا بلد يركض وراء وهم الإرث العثماني بالتزامن مع الأحداث العالمية فهو يسابق الزمن من أجل ان يتبواء تلك المكانة التي جعلته إمبراطورية تحكم وتهمين على ضفاف المتوسط من شرقا الى جنوبها ومن غربها الى شمالها وفي سبيل ذلك هو ينتهز كل الظروف المواتية والسانحة للعودة الى ذالك المجد الغابر.
    فعندما كان الاسلام هو النموذج الأفظل سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا أمتطت تركيا عربته أولا بنشر الفوضى التاترية في بلدانه ولاحقا بالسيطرة على الربوع الاسلامية وعندما تبدل حال الاسلام بركون المسلمين الى تقلد طقوص المعتقد دون إحياء لرسالة الحق مكتفيين بمباركة بقاء السلاطين والتيجان والتشبت بالباب العالي والانصياع للفرمانات تبدل حال الاسلام وصار مشروعه للحياة منتكسا وإنطفأت امبروطورية العثمانيين لجأت تركيا الى ركاب الحداثة التي قادتها أوربا فسابقت الى تبني علمانية الدولة متخلية عن كل ما أعتبرته وأفسدته في الاسلام فطرحت نفسها ضمن الصياغة الدولية الحديثة لتمارس ذات الهوس في ريادة رقعة ضفاف المتوسط فتعثرت مرات ومرات وأنكسرت لكنها لم تيأس.
    وحاليا تركيا لا تأتي بجديد فهي تمارس الدور التقليدي جسر التأثير بين الشرق والغرب وتحين فرصة هوس المجد وإصطيادها في الركن الأضعف فجاء مشروع الغرب لإنشاء دول دينية مسلمة في العراق والشام تكون سنية ودولة يهودية في فلسطين وأخرى مسيحية لطوائف الشرق في لبنان لتكون في مواجهة الجمهورية الاسلامية بإيران فنال المشروع موافقة جميع الممالك من المغرب الى الأردن والسعودية والامارات العربية لأنه سيسقط كل الأنظمة الجمهورية المتحررة من اليمن الى الجزائر مرورا بالعراق وسوريا مصر وليبيا لتتخصص في المنطقة في العبادة والتجارة بين السعودية والامارات وقطر والبحرين وعمان والمغرب وتقسم الدولة اوفق المذاهب السنية حسب التركيز فيما يحضر التسلح في الدولة الاسلامية المزمعة ويبقي القوة في الدولة اليهودية وإعتبار الدولة المسيحية في لبنان مشروع إرث ثقافي يديره الفتيكان”بزعامة جورج بوش الإبن وقنزاليزا رايس”
    فعاودت تركيا ذات الأسلوب وهو إطلاق يد الفوضى والدمار في المنطقة حتى تيأس شعوبها وتفقد الثقة في ذاتها ومن ثم يأتي الأتراك مخلصين متنقذين حاكمين بنموذج حزب العدالة والبناء ليحكموا من جديد.
    فالضحية المباشرة هم شعوب الأنضمة الجمهورية التحررية والضحايا اللاحقة هي دول ممالك وإمارات الدول العربية أمر يراقبه الغرب بحساسية بالغة وبات يعيد ترتيبات المنطقة مع إيران ليكون هناك رادع قوي وجاد يضعف تركيا عند الحاجة فبالقدر الذي يدعم فيه الغرب مشروع الدولة الاسلامية هو يتوجس من طموح الدور التركي فهو لا يرغب في وجود امبروطورية جديدة قبالة سواحله تحجب عنه الشرق الأدنى والجنوب تعيق تقدم مشروعه التوسعي الذي يخفيه وهو حكم المنطقة العربية بصورة مطلقة بعد كسر المقاومة الوطنية لدوله بواسطة جنود دولة العراق والشام الاسلامية ثم الإتيان بقادة مسلمين على رأس جيوش قوامها من مسلمي أوربا والغرب ليحكموا البلدان العربية جميعا بدعم من شعوب المنطقة بعد أن ذاقت ويلات الحروب والصراع المدمر والفقر والظلم المتعمد.
    هذا المشروع ليس سرا ولا يخجل منه أحد فبنفس الكيفية التي أوجدت اسرائيل مرحليا ولأجل أن تختفي اسرائيل وتذوب وتحلل في دويلة يهودية هامشية بعد أن مهد زرع اسرائيل في المنطقة لعودة الصليبيين لحكم بيت المقدس سيطلب من كل مسلمي أوربا تشجيعا وتضييقا العيش في الدولة الاسلامية التي سيقودها مواطنون أوربييون وغربييون تربوا و ترعرعروا في مناخ الديمقراطيات الغربية.
    هذا المشروع هو للسيطرة على بيت المقدس وإتكاكها من إسرائيل التي ستصبح دولة يهودية إذ لا يؤهلها وضعها الجديد لإدارة مقدسلات ديانات مسيحية وإسلامية وكذلك للحفاظ على العرق الأوربي الغربي وتمكينه من البقاء مسيطرا على أوربا والغرب عموما أمام التحدي الديموغرافي للإسلامين بعموم اوربا الذي بات قاب قاب قوسين أو أدنى بالفوز بتولي رئاسة حكومات ودول في صورة الانتخابات بحلول سنة2030.
    فأوربا هي حجر الزاوية في ركيزة المجتمع الغربي والخوف من إمكانية أن يحكمها مسلمين يطغى في مخيلة المفكريين والسياسيين المسحيين وبهذا المشروع هم يهدفون لضرب عصفوريين بحجر واحد إنهاء السيادة العربية على المشرق وشمال أفريقيا وانتزاع بيت المقدس وما يمثله من قيمة دينية وثقافية كمسقط رأس إلاه المسيحية حسب معتقداتها.
    كل هذا يتوقف على نجاح أوربا والغرب في :
    إنتهاء العملية الأولى بنجاح بسيطرة الغرب على العراق وسوريا.
    تهديد الممالك والإمارات العربية بثورة شعوبها.
    إنهاك تركيا وإيران في تطاحن سياسي عسكري على النفوذ في المنطقة وتحريك الأكراد.
    عزل باكستان بواسطة الهند.
    إطلاق إثيوبيا لإبتلاع السودان وتهديد مصر.
    الحلقة الأخيرة في المشروع ستكون الصراع بين العائلات المالكة الأوربية بريطانيا،هولندا،اسبانيا ،بلجيكا حول أحقية بيل تاج بيت المقدس.
    الأمر الوحيد الذي لم يتبين بعد هو كيف سيتم لهم إنهاء أو تحييد روسيا ولازال هذا الأمر يتذبذب في قناعات مصتعصية فالقبول بدور روسي يعني تنازل عن عرش بيت المقدس أو تقاسمه مع مسيحي الشرق أمر ترفضه كافة عائلات الممالك الأوربي سواء بسواء بني العمومة وبني الخالات من الملوك والأمراء الحاليين في أوربا والغرب متفقين على أن تاج بيت المقدس من نصيبهم استنادا الى ما سيروه من حملات صليبية في السابق وما سيقدمونه من تضحيات وتكاليف في اللاحق.
    اللجؤ الى أرمينيا حوض الكاسبيان يبدوا هو ما تخطط له العائلات المالكة الأوربية فشعةب هذه المنطقة لديها الاستعداد الطبيعي لإعاقة روسيا اذ توفرت الظروف الجيوسياسية.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً