كلام عن مصر وقليل منه عن الشأن الليبي

كلام عن مصر وقليل منه عن الشأن الليبي

article1-1_8-8-2016

ربما لو لم اشاهد عدد ليس بالقليل ممن اسميهم تجاوزا اعضاء من مجلس النواب ببلادنا ليبيا، وهم يتزاحمون على ابواب دولة مصر، لمناقشة الشأن الليبي – كما يزعمون – من على ارض الفراعنة، وهذه المفردة الاخيرة، يحلو للمصريين كثيرا، ان يُسَمّونا أنفسهم بها في لحظات انتشائهم، بانتصاراتهم الرياضية القليلة، – والتي لا تدوم طويلا –  على ملاعب كرة القدم الاقليمية او القارّية.

اقول لَمَا شغلت نفسي بالكتابة عن مصر وما تضمه من حجر وبشر. فانا لت ارى في مصر دولة محّورية او اساسية بالمنطقة، كما سوّق الاعلام ودرج على تَسّوَقه لنا، وعوّدنا على ذلك، وصار من البديهيات لذي الكثيرين منا. فالإعلام يقول ويسوق عنها ودائما، بانها دولة محورية بالمنطقة.

ولكن دعونا نتساءل من ماذا انبثق هذا النعت بالمحورية الى حيز الوجود المصري وعلى ماذا؟!

هل على اقتصاد متين تنهض عليه هذه الدولة المحّورية. او على درجة نمو ثابته تنعم بها هذه الدولة المحّورية. أم على درجة متدنية من الفساد يكاد يصل الى العدم، تعُم مرافق هذه الدولة المحورية. وبإيجاز شديد، هل انبثقت هذه الدولة المحورية من خلال بنية تحتية علمية صناعية زراعية صحية تعليمية متينة، تنعم بها مصر؟ فاستحقت بذلك وبجدارة ان تكون دولة محورية بالمنطقة؟ المتتبع الموضوعي للحالة المصرية يعرف وبيقين تام، بان لا شيء من هذه البنى التحتية المشار اليها يضمها حُضن مصر حاليا. اذن فكيف تكون دولة محورية، وإذا ذهبنا في هذا الاتجاه، نكون نخادع في أنفسنا، ونعمل وبعى او بدونه على تفّريغ الكلمات من مضامينها، وهذا هو الكذب بحذافيره، والعلّة القاتلة المنذرة بالسقوط.

كنت احاول ان اقول، بان الدول التي تتمكن من تأسيس بنى تحتية متقدمة، تمكنها من الولوج الى دنيا النمو الدائم بوتيرة ثابتة. تضم في جغرافيتها مُكوّن بشرى. نشط. مبدع. ومثابر. قد يلّجَأ اليه الاخر. دول. جماعات. افراد. ليُسعدهم على حلحلت مما قد يعانون منه. ولكن دولة مصر كما يقول الواقع، لم يتمكن وعجز مكوّنها البشرى هذا، الذى تضمه جغرافيتها، عن تأسيس بنية تحتية متقدمة، تمكنه من تخطى عوائق الدول النامية، ومن تم الولوج الى دنيا النمو. اذن فكيف تكون دولته دولة محّورية في المنطقة.

من هنا – وفي تقديري –  لم يبقى امامنا الا الذهاب الى ارّجاع هذا النعت بالمحورية لدولة مصر، الى الدور الوظيفي، الذي اسّنده سادة وقادة ما سُمى بالفوضة الخلاّقة. ليجعل هذا الدور الممّنوح من مصر دولة محورية في هذا الضرف العاصف الذي تمُور به المنطقة. وهو السبب ذاته – في تقديري –  الذي جعل من هؤلاء النواب الليبيون، يهرعون للتزاحم على ابواب دولة مصر، وهو بعيّنه ايضا، الذي جعل من طبرق عاصمة لهذا الحراك، وهي مدينة ظهرت الى الوجود على أطراف معسكرات الانجليز زمن الحرب العالمية الثانية، وتقع جغرافيا على الحدود الليبية المصرية.

كنت احاول ان اقول، أن على مصر ألا تنتظر دور وظيفي يُوهب لها من أحد، ربما قد يكون في ذلك تضلل لها، وابعادها عن حقائق وثوابت، يجب الأخذ بها وعدم اغفالها اتنا اختيارها لدورها وانتقائها لخيارتها.  وبصيغة اخرى كنت احاول ان اقول، ان على مصر ان تجّترح دورها باردتها، بما يتوافق مع واقعها وثوابتها الجغرافية الثقافية الديمغرافية، الذي تؤطره شخصية وادي النيل النوبية القبطية الاسلامية. فمصر كما يقال عنها هي هِبَة النيل، واعتقد بانه ليس النيل وفقط، بل هي هِبَة النيل والفراعنة، فقد انسلت هذه (المصر)الى الوجود من تحت تلابيبهم واحتضنها حوض وادي النيل. وفى تقديري ان الفرعون، الذي اتحدث عنه هنا، له وجوه عديدة، قد يكون في حزب قيادي قوي، او في منظمات مجتمع مدني قوية ينتظمها الشارع المصري، أو في شخصية قيادية قوية، ومن اشتراطات هذا الفرعون، ان يكون معجون من تربة وطنية مصرية خالصة.

أما عن الجانب الليبي، ففي تقديري، يجب الا يسعى في طلب الحلول الناجعة لما يُعانيه، في خارج امتداده الديمغرافي الجغرافي الثقافي، الذي يؤطره البعد المغاربي المتوسطي، ففي هذا الإطار تشكلت الشخصية الليبية، وتحدد عمقها الاستراتيجي بأبعاده الثلاثة.

غير ان الحقبة الاستعمارية بوجهيها الخارجي والمَحلّى، عملت وخلال العقود الماضية، وبكل جهد على سلخ الوجه الليبي واجتثاثه  من امتداداته الجغرافية الديمغرافية الثقافية، ففي تقديري، أي مرور من خلال هذه البوابة المغاربية المتوسطية، والسعي من خلالها نحو كل ما يُساعد على احتواء ما يعانيه الشأن الليبي من أزمات، هو في ذاته خطوة نحو حلحلته، بل ونحو استثارة الفضاء المغاربي المتوسطي واستفزازه ليتجاوب مع الحالة الليبية بالسّهر والحُمة، وخطوة ايضا نحو تقّعيد وتثبيت وتجدير ليبيا داخل فضائها الطبيعي المغاربي المتوسطي. وهي البيئة الطبيعية والموضوعية الصالحة لنمو هذا الكيان الليبي الوليد.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

  • عصام

    على الاقل مصر دات حضارة وقيمة وتاريخ وبلد امن وامان مش بلادك وربك نزل على ارضها تاريخ فى الحروب والعلم والرياضة والفن اما ليبيا عندها شوية النفط تتصارعون كالاغبياء والعالم يضحك عليكم والنبى اسكت واعرف واقرا التاريخ باهى

  • أشرف

    قلت واصبت البانوسي بن عثمان

    لاتلتفت لمن لا يفقه في الأمور. وأظنها كبيرة وعظيمة علي من لايدرك عظائم الأمور. ودع غيرك (يرفس) في خياله.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً