الليبيون والاستعانة بصديق

الليبيون والاستعانة بصديق

article1-1_15-10-2016

يبدوا أن السياسيين والعسكريين وغيرهم ممن تقلد المناصب مؤخرا في ليبيا مغرمون بل لا أكون مخطئا ربما إذا قلت أن في مخيلتهم من يأتي للحكم أيًّا كان منصبه لبد له من أن يكون تابعا لدولة أو أخرى وإلّا لن يُكتب له النجاح فالنجاح عند أغلبهم يبدوا أنه مرتبط بالاستعانة بصديق وهذا الصديق يجب أن لا يكون أخا ولا قريبا ولا ممن يتصف بالحكمة!!! فيبدوا أن هؤلاء تأثروا بالبرامج الإذاعية التي تسمح للمشارك إذا سُئل ولم يعرف الإجابة أن يتصل ويستعين بصديق ففي تلك البرامج عادة ما يقدم المستعان به إجابة للمستعين في وقت قصير جدا ولكن جماعتنا من السياسيين والعسكريين وغيرهم فهموا محتوى الاستعانة بالصديق خطئا فاستعانوا بأصدقاء لهم إن صحة التسمية لزيادة الأزمة التي نحن فيها تعقيدا خاصة فيما يخص التزود بالسلاح؟  هل يعلم السياسيين والعسكريين ومن على المشهد الليبي أن صديقهم هو في الحقيقة صديق للخيرات والموارد والثروات المتعددة التي تزخر بها بلادنا ولأن أبنائنا بقلة حيلتهم جعلوا وطنهم مكانا لصراع مصالح ونفوذ بين القوى الكبرى خاصة وبعضا من الدويلات الشقيقة أحيانا!!!

نحن لسنا محتاجين لمزيد من السلاح لنقتل بها أنفسنا ويقتل بعضنا بعضا فما عندنا من السلاح يكفينا ففي هذا الوقت نحن نحتاج لرفع الرايات البيضاء في وجوه بعضنا البعض، تخيلوا معي: عوضا من أن تتقدم مدينة أو قبيلة أو غيرها من المسميات تجاه مدينة أخرى بالسلاح والعربات والمدافع تتقدم حاملة رايات بيضاء لفض النزاعات وحل المشاكل فلا أظن أن المدينة المقابلة ستقابلهم بالسلاح فالعقل يقول أنها ستقابلهم بالترحاب والإكرام فالله سبحانه يقول: “ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” فادفع للمسيء بإحسان فيصير كأنه ولي من بني الأعمام، وبالحلم والعفو ننتصر، فأين نحن من هذا ؟؟؟

بعد تجربة الاستعانة بصديق وفشلها في حل المشاكل والخروج من المآزق التي نحن فيها هل نستعين بأنفسنا معتمدين على الله سبحانه ثم على جهود الخيّرين والمخلصين من أبناء وطننا في مدنه وقراه عملا بالمثل القائل: ما حك جلدك مثل ضفرك فتولى أنت جميع أمرك، هل نملك الإرادة الكاملة للتنازل عن مصالحنا الشخصية الضيقة المتمثلة في المدينة والقبيلة ونوقف ما نحن فيه من عبث وهم وحزن. هل نتوقف عن الجري وراء الآخر من خارج حدودنا نبحث عنده عن حل لما نعانيه من مشاكل وخصام؟ هل نتولى أمرنا بأنفسنا ويجلس الإخوة شرقا وغربا شمالا وجنوبا تحت غطاء وهدف مشترك هو الوطن الواحد والمصير الواحد؟ هل نحن على يقين أن المنتصر منا ليس من قاد مدينته أو قريته أو قبيلته ضد أخرى وقتل وسرق ونهب ودمّر وعات فيها فسادا بل المنتصر حقا في الدنيا والآخرة هو من قاد قومه فتصالح مع هذا وأعان هذا وتنازل على ذاك وأبعد قومه عن كل صراع يقتل وينكّل فيه بإخوة له في أي مدينة ودفع بكل جهوده من أجل دعم تكوين وبناء الوطن.

يجب أن نبدأ جدّيّا في البحث عن مخرج لما نحن فيه بأنفسنا ونُخلص النوايا ونعقد العزم دون مراوغة وخداع، فالذي يخدع إنما يخدع نفسه، حينها سيتيسر أمرنا فالله يقول: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”، فمتى نتغير لنُغير؟؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

نوري الرزيقي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً