أشواك الربيع العربي “1”

أشواك الربيع العربي “1”

new-article4_15-10-2016

ليس ثمة دولة ما على وجه الأرض سواء كانت بقلة مساحة وضآلة عدد سكان، وضعف قوة وشأن، على شاكلة مملكة “تونغا” التي بالكاد يستطيع المرء أن يراها على خارطة العالم. أو كانت بعظمة الصين مسـاحة وتعداد سـكان وقوة عســـكرية واقتصادية، إلا ولها أهداف “استراتيجية “تتضمن مصالحها، ولها وسائل ” تكتيكات” للوصول إلى تحقيق تلك الأهداف.

لذا عُرفت العلاقات بين الدول بأنها علاقات مصالح، لا مجال فيها للعواطف والأخلاق الحميدة أو المبادئ السامية، إلا بالنذر اليسير الذي يبرز عندما تتعرض الدول للكوارث الطبيعية أو الإنسانية، حيث تتنادى الدول التي تربطها وشائج الجوار أو وحدة الأصل، أو من باب رد الجميل تحت مسمي المعاملة بالمثل، لمساعدة تلك الدولة المنكوبة.

هذه ليست نظرة “مكيافيلية” للعلاقـات الدولية، بقدر ما هي توصيف واقعي لحقيقة تلك العلاقات. وفقا لطبيعتها التي ينبغي أن يكون مُلماً بها من كان على معرفة بأبجدية السياسة الدولية.

من هنا يدرك المرء المراد من القول بأن السياسة الدولية هي صراع مصالح، حيث تكون العلاقات بين الدول طبيعية مادامت مصالحها متبادلة، فيما تسوء عندما تكون تلك المصالح متناقضة، وإن كان ليس بالضرورة أن تكون تلك المصالح متساوية، لأن ذلك لا يتأتى بطبيعة الحال نظرا للتفاوت بين حاجات ومصالح الدول.

ولذلك مادامت استراتيجيات الدول تتبادل المنافع في حدود تنازلات مقبولة أو قابلة للتفاوض، يكون مجال العمل الدبلوماسي متاحا، أما إذا بدأت هذه المصالح تتعارض ومن ثم تتضاد فإن الأمور تسوء إلى الحد الذي قد تصل فيه الأوضاع إلى حالة الحرب، ومن نافلة القول أن الحرب تعَرَفْ بأنها سياسة خارجية بوجه آخر، أو بأنها دبلوماسية القوة. من هنا يرى أصحاب نظرية المؤامرة أن استراتيجيات الدول مبنية على مؤامرات جاهزة للتطبيق حيال الدول الأخرى، ويشرعون في تفسير سياسات الدول لاسيما “العظمى” منها، بأنها مؤامرات مدبرة ملؤها العداء والكراهية والعنصرية، وما إلى ذلك من مصطلحات قاموس الشتائم! ويأبى أصحاب نظرية المؤامرة تسمية الأشياء بمسمياتها ويُقرون بأن ما يسمونه مؤامرات لا يعدو كونه استراتيجيات. وأن الأمر شأنه شأن كلمة “استعمار” أنظر إليها ماذا تعنى لدى الدول المُستَعْمِرَة ولدي الدول المُسْتَعْمَرَة؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

عبدالسلام الرقيعي

دبلوماسي ليبي

التعليقات: 1

  • أيوب المنفي

    مؤامرات و استراتيجيات
    هنا تتبين الحنكة و القدرة على الفهم .
    الدبلوماسية هي عمل تقوم به الدول للحصول على المصالح باقل جهد و اقل تنازلات و هي القدرة على تنفيذ استراتيجيات معينة لتحقيق المصلحة المطلوبة .
    من الف باء السياسة احكام القبضة على اي مكان تجد فيه مصالحك .
    نظرية المؤامرة اثبتت انها مخرج من كل فشل دبلوماسي .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً