كيف أغرقت الشرطة الفرنسية متظاهرين جزائريين في نهر السين

يبدو أن العلاقة الفرنسية الجزائرية ستبقى محكومة لفترة طويلة بحقبة الإحتلال الفرنسي للجزائر، الذي استمر قرابة 130 عاما، ارتكبت فيها السلطات الفرنسية الكثير من الأخطاء بحق الشعب الجزائري.

وتبنت الجمعية الوطنية الفرنسية، اليوم الخميس، اقتراح قرار “يندد بالقمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة عام 1961،  موريس بابون، حيث تعرض 30 ألف جزائري جاؤوا للتظاهر في باريس لقمع عنيف من الشرطة.

وحسب فرانس برس، أيد 67 نائبا الاقتراح، وعارضه 11 من صفوف التجمع الوطني اليميني المتطرف.

ولا ترد عبارة “جريمة دولة” في النص الذي تطلبت صياغته نقاشات متكررة مع الرئاسة الفرنسية، في حين ما زالت المواضيع المتعلقة بالذاكرة تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين فرنسا والجزائر.

والحادثة كما ترويها المصادر التاريخية، تقول أنه في أوج المساعي الجزائرية نحو الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، وبالتحديد في أكتوبر عام 1961، فرضت حكومة باريس حظر تجول على ما أطلق عليهم حينها “مسلمي فرنسا الجزائريين”، وذلك بعد أشهر من مداهمات وحملات أمنية ضدهم.

وفي ذلك الحين، قررت جبهة التحرير الوطني الجزائرية، الدعوة لمظاهرات واسعة يوم 17 أكتوبر، احتجاجا على تلك الإجراءات ضد الجزائريين في فرنسا، وبالفعل استجاب لهذه الدعوة عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال أيضًا، وفق وكالة الأنباء الجزائرية.

وجبهة التحرير الوطني كانت الجناح السياسي لجيش التحرير الوطني، الذي واجه الاستعمار الفرنسي. وحاليا هي حزب سياسي اشتراكي هو الأكبر في البلاد.

وواجهت السلطات الفرنسية هذه المظاهرات بالقمع الشديد،  وذكرت وكالة “فرانس برس” عن الواقعة، أن “30 ألف جزائري خرجوا للتظاهر السلمي في باريس، فواجهوا قمعا عنيفا سقط خلاله، وفق بعض المؤرخين، العشرات على الأقل” على يد الشرطة.

وأعلنت باريس حينها عن مقتل 3 متظاهرين فقط خلال ذلك اليوم، في حين ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية، أن عدد القتلى “يقدر بالمئات، وقد ألقيت جثث بعضهم في نهر السين”.

وأشارت فرانس برس، إلى أن الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، شارل ديغول، أحيط علما بما حدث، لكنه أبقى على بابون والوزراء المسؤولين في مناصبهم، حسب أرشيف رفعت عنه الحكومة السرية ونشره موقع “ميديابارت” الإخباري عام 2022.

وفي أكتوبر 2021، اعترفت الرئاسة الفرنسية لأول مرة بتوقيف “نحو 12 ألف جزائري ونقلهم إلى مراكز فرز في ملعب كوبرتان وقصر الرياضة وأماكن أخرى. وقتل العشرات منهم وإلقاء جثثهم في نهر السين”.

وفي الذكرى الخمسين للمجزرة، أصدر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بيانا اعترف فيه “بجرائم لا تغتفر” ارتكبت “تحت سلطة موريس بابون”.

وأظهرت وثائق الأرشيف، أن مذكرة بتاريخ 28 أكتوبر 1961 موجهة لديغول، كتبها مستشاره للشؤون الجزائرية برنار تريكو، قالت إن “بعض المتظاهرين أغرقوا وآخرين خنقوا وآخرين قتلوا بالرصاص، وتم فتح تحقيقات قضائية.

كما أظهرت مذكرة أخرى قول تريكو: “يبدو أنه من الضروري أن تتخذ الحكومة موقفًا في هذه القضية، عليها مع سعيها لتجنب الفضيحة قدر الإمكان، أن تُظهر لجميع الأطراف المعنية بأنه لا ينبغي القيام بأشياء معينة ولا ينبغي السماح بحدوثها”.

وظهرت في الوثيقة إجابة ديغول الخطية، وجاء فيها أنه يجب الكشف “عما حدث وملاحقة الجناة”.. و”يجب أن يتخذ وزير الداخلية من الشرطة موقفًا (ينم عن سلطة) وهو ما لم يفعله”.

ورغم ذلك، لم تتم ملاحقة أي شرطي في إطار هذه الوقعة، كما تم تثبيت وزيري الداخلية والعدل في منصبيهما، وكذلك بقي بابون محافظا لباريس، والذي طالما نفى أن تكون الشرطة ضالعة في أعمال عنف على الإطلاق، وفق فرانس برس.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً