رئيسُ لجنة الحوار التابعة لمجلس الدولة لـ«عين ليبيا»: لم نلمس من أعضاء مجلس النُّوَّابِ أيَّ تجاوب

بَعد جَولتين سادهما التّفاؤُل اقترب الحوار الليبي المُنعقد في تونس مُؤخراً – بهدف تعديل اتفاق الصُّخيرات- من الملفات الصعبة، وَسط ترجيحات بقُدرة المُتحاورين على تجاوزها عبر توافقات سِياسية مع وُجود إرادة صادقة لحَلْحَلَة الأزمة.

ورفعت الأطراف السّياسية في نقاشاتها سقف التفاوض مع تعاطيها لملف (رئاسة المجلس الأعلى) ووضع مُؤسسة الجيش، لكنها مررت في الوقت عينه أوراقها البديلة، فيما عدَّه مُراقبون دليلا على وُجود رغبة جادة في التوصل لتسوية مُرضية تقُود البلاد  إلى برالأمان وتنأى بها عن الانقسام.

ولمزيد الايضاح حول ما جرى من حِوارات ونِقاشات في جولة الحوار أجرت “عين ليبيا” لقاءً مع د.”مُوسى فرج” رئيسِ لجنة الصياغة والتعديلات بالمجلس الأعلى للدولة رئيسِ الوفد المُشكّل في لجنة الحوار المُمثل للمجلس الأعلى للدولة في تونس الذي أوضح أن اللجنة التي تمّ اختيارها لتمثل المجلس تمت بعد اختيار من الدَّوائر الانتخابية السّت باختيار عضو يمثلها على هذا الأساس تم اختيار((13عضواً يمثلون كلَّ مُدن ليبيا من الشرق والغرب والشمال والجنوب واختارتني رئاسةُ المجلس الأعلى للدولة رئيساً لهذه اللجنة وبدأنا في مراجعة بُنود الاتفاق السياسي وكان كل جهدنا هو التسريع في اختيار سلطة تنفيذية حكومية من مجلس الدولة تتعاطى مع المشاكل التي يُعانيها المُواطن .وبعدها تم تعيين د.غسّان سلامة كمبعوث أُممي جديد لليبيا الذي قام بعدة زيارات لأغلب المُدن الليبية والتقى عدداً من مُكوناتها كالمجالس المحلية بها ومُنظمات المجتمع المدني كما التقى بالمجلس الرئاسي وبكل من له علاقة بالمشهد السّياسي الليبي، بعدها دعا “سلامة” لأول لقاء يوم 26/ 9 / 2017 لإجراء الحوار بمقر البِعثة الأممية بالجُمهورية التُّونسية.

وقد اقترح المبعوث الأممي تشكيل لجنة مُصغرة من المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي مُكونة من رئيسيْ المجلسين وعضوية 5 أعضاء من كل لجنة وباشرنا اللقاءات ..حيث كانت القضية الأبرز والأهم ما يتعلق بالسلطة التنفيذية مُمثلةً في المجلس الرئاسي والحكومة وأن يكونا مُنفصلين ولكل منهما اختصاصاتهما ..فمن حيثُ المبدأ كان هناك توافقٌ على هذه النقطة ولا يوجد خلاف بشأنها وتقليص أعضاء المجلس الرئاسي إلى ((3 وفصله عن الحكومة ، لكن عندما طُرحت آلية اختيار اعضاء المجلس الرئاسي الـ((3 كان هناك اختلاف ..من جانبنا فقد طرحنا فكرة كل مجلس يختار عضواً ومجلس النواب يختار عضوا يمثله ثم يتم التوافق على العضو الثالث الذي يجب ان يكون من الاقليم الذي لم يُمثل من قبل .مراعاةً للآقاليم التاريخية الثلاثة في ليبيا. إلا أن مجلس النواب اعترض في البداية وطرح فكرة اختيار الرئيس ونائبه وترك لنا ترشيح النائب ويتم اعتماده من مجلس النواب وهذا بالطبع يخِل بالتوازن الذي قام عليه الإتفاق السياسي.

واستطرد د. “موسى فرج” في شرحه لآلية اختيار المجلس الرئاسي  بأنه قد تم طرح فكرة جديدة متمثلة في ” القوائم المُغلقة” ويتم استقبال هذه القوائم كل قائمة فيها ثلاثة مُرشحين إقليمياً ويتم التصويت عليه إلى أن يتم اختيار قائمة واحدة لتصبح “المجلس الأعلى للدولة”.

عُموماً حصل خلاف على هذا المُقترح وبعدها تم التوصل الى اتفاق لأننا حريصون على الوصول الى اختيار حُكومة كفاءات لديها عدة مهام على رأسها تخفيق الأعباء على المواطن والمُتمثلة في ارتفاع أسعار السّلع الغذائية ونقص السُّيولة النقدية في المصارف وتدني الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية وانعدام الأمن، لابد ان تكون الحكومة المُختارة حُكومة كفاءات ولا تكون تحت الابتزاز السياسي او ابتزاز جهوي أو قبلي او أيديولوجي او تحت ابتزاز السلاح او ابتزاز منظومات الفساد المالي التي تعمل في مثل هذه الظروف، حيث يتولى المجلس الرئاسي المُتوافق عليه بتكليف رئيس للوزراء له مُطلق الحرية في اختيار وزراء أكْفاء وان يتم اختيار الحكومة بسرعة ولا تبقى مثل حكومة السراج التي مر على تسلمها لمهامها سنتين ولم تتحصل على الثقة ولا نريد لهذا الامر ان يتكرر فنحن لا نستطيع أن نحتفظ بنفس المعطيات والأدوات لنتوقع نتائج مُغايرة، لابد من تغيير هذا الامر ونرغب وبشدة ان يتم في مدة محدودة وسريعة، وأي رئيس وزراء سيتم اختياره سوف يُراعي التّوازنات السياسية والكفاءة وتكافأ الفرص بعيداً عن الانحياز الجهوي او القبلي وابتزاز لمجمُوعات مُعينة تطلب منه ان يعيّن وزيرا في الحكومة لتنتهي بحكومة لم يخترها الرئيس بل اختارها آخرون ليتم بعدها محاسبته على حكومة اختارها غيره.

ثم جاءت مسألة صلاحيات المجلس الرئاسي وهي منصوص عليها في الاتفاق السياسي ولعلّ أهمها (صلاحيات القائد الأعلى للجيش) باعتباره هو رأس الدولة اعترض اعضاء مجلس النواب على هذا الرأي معتبرين ان مجلس النواب هو القائد الاعلى للجيش وهو أمر مُخالف حتى في الانظمة في العالم حيث لا يمكن ان تكون السلطة التشريعية هي القائد الاعلى للجيش الذي يجب ان يكون تحت سلطة الجهة التنفيذية وان تخضع كلُّ قرارات القائد الأعلى للجيش للمُصادقة عليها من قبل مجلس النواب وهو رأي يسلب اختصاص المجلس الرئاسي للدولة، فدور مجلس النواب هو تشريعي ومراقبة الحكومة في تنفيذها لما يُناط بها من مهام أما المسائل الخِلافية يمكن ان تشكل لها لجان لمناقشتها والوصول برأي يُرضي كلّ الأطراف. أما الحكومة فيجب تركها تعمل من أجل حل مشاكل المُواطنين وتعبّد الطريق لمرحلة اعتماد الدستورعن طريق الاستفتاء ثم مرحلة الانتخابات التي هي المحطة النهائية التي نسعى الى الوصول اليها إلا أن اعضاء مجلس النواب لم يقبلوا بهذا الامر وطرحت نقاط اخرى إحداها تتعلق بالشأن الدستوري وحصل نقاش كثير بعضها انصب على المشروع الذي قدّمته “الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور” وصوّت عليه بأغلبية 43)) صوتاً من اعضاء الهيئة التأسيسية يوم 29/ 7 / 2017 وأحالته للإحاطة إلى المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب ومن المفترض أن يتم وفق ما نصّ عليه الاتفاق السياسي تشكيل لجنة لوضع قانون الاستفتاء ما بين المجلسيْن ثم يُصدره مجلس النواب لما تم التوافق عليه الا ان هذا الامر لم يتم التوافق عليه ولم يصدر قانون الاستفتاء حتى هذه اللحظة، كما تعرضت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور للطعون بعضها شكلي وبعضها يتعلق بمسائل موضُوعية وبعضها مُتعلق بأهلية الهيئة وتاريخ انتهاء مهامها وفق ما جاء في الاتفاق السياسي في 24/ 3 / 2017م، وهو الآن بين يدي القضاء وما ينتهي إليه من أحكام يجب ان نحترمها ..وفي هذا الشأن طرحت البعثة الاممية عدة اختيارات لخصتها في  الخيارات الاتية:

الخيار الاول: يتم الالتجاء للاستفتاء على الدستور كما هو أي كما عرضته الهيئة مع الأخذ في الاعتبار آراء المُعارضين والمُتحمّسين له.

الخيار الثاني: تمديد عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور على ان تقبل بالنظر لأي قرار يتم التّوصُل إليه من قبل مجلسيْ الأعلى للدولة والنواب او ملاحظاتهما معا لإمكانية تضمينها في مشروع الدستور ثم تُصوت عليه من جديد ليًطرح للاستفتاء.

وأضاف د. موسى فرج في لقائه أن الهيئة من خلال اجتماعنا بها استبعدت فكرة إعادة النظر في المشروع خِشية عدم حصولها على الاغلبية وهي (43) صوتاً لاعتماده وهذه الخِشية وجيهة حيث ان هناك صعوبة لأن المختلفين والمعارضين للمشروع ليس لنفس الأسباب بل لأسباب مختلفة وأحيانا مُتناقضة مما سيصعب المواءمة بين هذه الآراء. وفي حالة أخفق الخياران طُرحت فكرة العودة الى دستور الاستقلال عام 1963م بتعديله الذي طرأ عليه والذي ألغى النظام الاتحادي ويجري التعديل على باب نظام الحُكم والحُريات لكي يتلاءم مع التطورات السياسية التي تمر بها ليبيا حالياً. كما أن الهيئة التأسيسية ترى ضرورة فصل المسار الدُّستوري عن مسار التعديلات وهو أمرٌ فيه الكثير من الوجاهة في هذه المرحلة فنحن الآن أمام مُعضلة فيما يتعلق بالدستور ولابد ان تحسم لأننا مالم نصل إلى إقرار الدستور عبر استفتاء الشعب الليبي عليه فسنكون أمام مشكلة كبيرة مع تقديرنا للجهد الذي بذلته الهيئة وأعضائها.

اما النُّقطة الأخرى التي تم التعرض إليها في الحوار هي المادة الثانية في الاحكام الإضافية وإلغائها، حيث نحن في المجلس الاعلى للدولة لدينا رأي في المُؤسسة العسكرية حيث رأى المجلس ضرورة الاستماع لرأي أبناء هذه المؤسسة في مختلف مناطق ليبيا ليتفقوا على آلية لاختيار من يقود هذه المؤسسة فهذه المسالة لم تحسم لأن راي اعضاء مجلس النواب كان حادّاً جداً وهو إلغاء هذه المادة والمجلس الأعلى للدولة وبعض المؤسسات مع الأخذ في الاعتبار ان جميع المؤسسات العسكرية بالمنطقة الغربية لديهم راي مخالف ونحن لا نريد ان نثير كثيرا من الضّجيج حول هذه النقطة لأن المؤسسة العسكرية تهم كل الليبيين ويهمنا ان تتوحد وتكون مؤسسة تحظى باحترام وفخر كل الشعب الليبي وتنأى بنفسها عن أي تجاذبات سياسية لتكون هي الضامن لحماية التراب الليبي واستقلاله .واعتقد ان هذه المسألة بحاجة الى المزيد من البحث وربما سيتم تشكيل لجنة مُوسعة يشارك فيها المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب والحكومة لنصل الى مقاربة في هذه المرحلة التي تسبق إعلان الدستور لان عند صُدوره سيحسم هذه الامور ولهذا نحن مُتعجلين من أجل الاستقرار الدائم لليبيا.

هُناك نقطة أخرى مُهمة ألا وهي أن مجلس النواب رأى أن المجلس الأعلى للدولة يجب أن يعود إليه كل الذين استقالوا او أُبعدوا بقوانين نافذة وهي مسالة تخُصّ المجلس الاعلى للدولة ونحن قد بدأنا في تنفيذ الاتفاق السياسي الذي نص على أن أعضاء المجلس الاعلى هم 134 عضوا صحيحي العضوية لحظة توقيع الاتفاق واضافة 11 عضوا لتمثيل الدوائر ضعيفة التمثيل او غير ممثلة في المجلس من بينهم ما يُعرف (بكتلة 94) بعضهم التحق وبعضهم لازال وهي مسالة تُعالج داخل المجلس الاعلى للدولة وفقا للنُّظم واللوائح المعمول بها.

د. مُوسى فرج / رئيس لجنة الصياغة والتعديلات بالمجلس الأعلى للدولة اختتم حديثه في لقائنا معه بالقول: إننا لم نلمس عند زملائنا في مجلس النواب اقتناعهم بفكرة التوافق والتوازن وتحمل المسؤولية سيما في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا لذا نأمل ان نصل الى قناعة الى حاجتنا الى سُلطة تنفيذية قوية قادرة على قيادة البلاد وتُعبّد الطريق للمرحلة الدّستورية والانتخابات والخروج خلال عام من هذا الوضع الذي نعيشه .وهنا أُرجح ان تكون هناك اجتماعات قادمة مع المبعوث الأُممي لليبيا د.غسان سلامة الذي سيلتقي رئيس مجلس النواب وبعض المجموعات الناشطة بالمجلس وربما سيلتقي كذلك مع خليفة حفتر لان المبعوث الاممي لا يُقصي أحداً له ثقل ودور في ليبيا. مُنوهاً بأن المجلس الاعلى للدولة في اتصالات مستمرة ونِقاشات دائمة مع مجلس النّواب للوصول الى توافق وربما خلال أسبوعين ستتم الدعوة لعقد لقاءات أخرى ونامل ان تُسفر عن نتائج إيجابية تصل بنا إلى استقرار دائم وتصل بالبلاد إلى برِّالأمان.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً