«عبد الرحمن الشاطر» يُجيب على تساؤلات تشغل أذهان الليبيين

عين ليبيا

لخص «عبد الرحمن الشاطر» عضو المجلس الأعلى للدولة ورئيس لجنة شؤون الإعلام ما شهدته الساحة الليبية خلال السبع سنوات الماضية في إجابته على مجموعة من الأسئلة التي تدور في بال معظم الليبيين، ومدى التغير في الاتفاق السياسي بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام السابق.

كما تطرق الشاطر في إجاباته إلى قضية المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، وأعطى توقعاته لسنة 2018 وايضاً تحدث عن الاستفتاء على مشروع الدستور حيث جاء في حديثه:

س. بعد مضي سبع سنوات على الانتفاضة في ليبيا. ما هو تقييمك لهذه الفترة؟

هي في المجمل فترة صعبة جدا بسبب كونها انتفاضة شعبية ضد الحكم الشمولي وكبت الحريات العامة، ولكونها كذلك لم يكن لديها برنامج عمل محدد ولذلك اقتحم المشهد الجميع بكل اختلافاتهم الفكرية والأيديوجية وانتماءاتهم الجهوية وتخلفهم السياسي. ومن هنا تشعبت الأمور وارتكبت الأخطاء بعضها بسبب ضعف المجلس الوطني الانتقالي المؤقت و ورث الأخطاء المؤتمر الوطني العام وزادها جملة من الأخطاء ثم جاء مجلس النواب ليزيد الطين بلة. وبدأت الدولة الليبية تعاني من تراكم الأخطاء التي ارتكبت لأسباب عدة منها قلة الخبرة والغباء السياسي ومنها تجاوز آليات العمل الديمقراطي السليمة ومنها انتصارأو سمها مغالبة المتشددين سواء أكان تيارا اسلاميا أو جهويا أو عسكريا لأفكارهم. كنا نقول غاب الوطن وحضرت مغالبة الأقلية انتصارا لمطالبهم. وقد بدى في آخر نفق المرحلة حل سياسي يبنى على أساس التوافق وكان الاتفاق السياسي الليبي الذي وقع في 15 ديسمبر 2015. في مدينة الصخيرات

س. سنتان ونيف مرت على توقيع الاتفاق السياسي الليبي بين الطرفين المتنازعين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام السابق. ما مدى التغيير الذي حدث في المشهد الليبي؟

برغم العيوب التي شابت الاتفاق السياسي الا انه لقي ترحيبا كبيرا في الداخل والخارج باعتباره الحل الممكن والمتوفر لاخراج الدولة الليبية من صراعاتها. لكن سرعان ما فاقم هذا الاتفاق المشهد وأربكه وزاد من عدد المتنازعين والمختلفين فقد كانا طرفين فقط هما مجلس النواب والمرتمر الوطني العام الذي أصبح المجلس الأعلى للدولة بموجب الاتفاق. فأصبح المتنازعون أربعة أطراف أو أكثر اذ أضيف اليهما المجلس الرئاسي الذي انبثق عن الاتفاق السياسي الذي أصبح أحد أهم المعقدين للمشهد السياسي ، اذ أنه عوضا عن تطبيق الاتفاق السياسي لصالح الكل فانه استثمره لصالحه فقط ولم يبد أي تعاون او تفاهم او لقاء مع الطرفين اللذين جاءا به ، هو نوع من التنكر أو لنقل انقلاب مركب على الاتفاق من حيث أن المجلس الرئاسي استأثر بالقرار دون الرجوع للطرفين اللذين جاءا به. ثم أن رئيس المجلس همش شركاءه في المجلس الرئاسي واستحوذ على السلطة وانفرد بها وأصبح الحاكم مطلق اليدين في التعيينات وصرف الأموال دون وجود جسم تشريعي يأخذ الاذن منه أو يحاسبه. وسوّق نفسه على أنه الطرف الرئيس أو الوحيد الذي يملك سلطة القرار والحل. أضف الى هذا فرض الأطراف العسكرية في المنطقتين الشرقية والغربية نفوذها والتدخل العلني وغير العلني في قرارات مجلس النواب من حيث المنطقة الشرقية والمجلس الرئاسي بالنسبة للمنطقة الغربية. ومن هنا تعطلت آلية العمل العلمي الموضوعي المبني على دراسات وخطط وأصبحت الآلية لردود الأفعال ومعالجة الحالات الطارئة والأزمات المستجدة. سنتان ونيف انقضت بدون برنامج عمل وبدون تناغم أو تواصل  بين الأجسام الثلاثة التي انبثقت عن اتفاق الصخيرات. الغريب أن الكل ينتقد الأخر في حين أن الاتفاق السياسي حدد آليات التفاهم والوصول الى حلول لكل الحالات.

س. شهدت ليبيا ستة مبعوثين امميين لحل الأزمة الليبية خلال السبع سنوات الماضية. ماذا يعني ذلك؟

هذا رقم قياسي يدل على ارتباك المجتمع الدولي في التعامل مع الحالة الليبية. ويدل على أن كافة المبعوثين الأمميين الى ليبيا ليس لأي منهم القدرة على الاستماع لكافة الأطراف الليبية الجادة للوصول الى حل الا من حيث المجاملة وانما استماعهم مركز على الاملاءات التي تفرض على بعضهم من دول اقليمية أو دولية لكل منها أجندنه وأهدافه ومبتغاة من ليبيا في شكل استثمارات مستقبلية أو هيمنة سياسية أو نقوذ اقليمي..برناندينو ليون كان المثل الأوضح للتدخل الاقليمي في الشأن الليبي فقد تم شراؤه بوظيفة بخسة!! وبكل عيوبه الا أنه استطاع أن يلملم الأطراف المتنازعة الليبية ويخرج بالاتفاق الذي وقع اثناء ولاية كوبلر. وكوبلر كان مشوش الذهن ولم يحسب خطواته بتأني. كان يجري بسرعة ويحتضن في احتفائية كبيرة الجظران الذي سرق الثروات الليبية ومقدرات الشعب الليبي وجعله طرفا أساسيا في الاتفاق السياسي. كما احتفى بقائد عملية الكرامة الذي يصرح دائما بانه لا يتدخل في الشأن السياسي وأنه يريد أن يؤسس جيشا ليبيا موحد فاذا به يملي شروطه السياسية على كل المبعوثين ولم ينجح في ضم ثلثي ضباط الجيش الليبي المتواجدين في المنطقتين الغربية والجنوبية.

بعض الدول الاقليمية والأوربية أعطت للساعين الى عسكرة الدولة قيمة أكثر وأكبر من حجمهم وخلقوا منهم شرطا اساسيا للتقدم نحو استقرار البلد في توجه مغاير ومخالف ومناقض لتوجهات انتفاضة الشعب الليبي الذي انهى حكم العسكر ويصر على تأسيس دولة مدنية.

الخلاصة لا مجلس الأمن ولا بعثته ولا الاتحاد الأوروبي ولا الجامعة العربية أو الاتحاد الأفريقي أو دول الجوار موحدة الرؤية. هم يتحاورون طيلة هذه السنوات للتوافق حول مصالحهم وليس على مصالح الأغلبية المطلقة للشعب الليبي اعمالا لمبادئ وآليات العمل الديمقراطي وانما يستمعون للأقلية وتغليبهم على الأغلبية بما يتناغم وسياساتهم واطماعهم في ليبيا.

 

كيف ترى عام 2018 في عمر الثورة الليبية؟ هل ستنتهي بالاستفتاء على مشروع الدستور ومن ثم انتخابات رئاسية وبرلمانية؟

في تقديري أن هذا العام سيشهد أحداثا مهمة ولكنها سيئة. فالاتفاق السياسي ميت سريريا الآن وما لم تحدث معجزة فانه سينتهي قبل نهاية هذا العام والمقدمات واضحة وجلية لمن يقرأ المشهد السياسي بتجرد ووضوح. فالاستفتاء على الدستور سوف يكون صعبا للغاية ان لم يكن مستحيلا بسبب العراقيل التي يضعها القلة المتحكمة في مجلس النواب والذين يخترعون كل يوم حجة وسبب وتوليفة لعرقلة اصدار قانون للاستفتاء على أساس أن ليبيا دائرة واحدة. دعاة الفدرالية والانفصال في المنطقة الشرقية يعلون أصواتهم بما يعني أنهم لا يريدون الاستقرار لوطن واحد يضم الجميع ويتعايش فيه الجميع على اساس المشاركة العادلة في وطن للجميع لا غالب ولا مغلوب.

في المنطقة الغربية هناك نار تحت الرماد وينتظرون ما سيحصل في المنطقة الشرقية من تطورات وقد يجدون أنفسهم مضطرين لقبول الأمرالواقع بمرارة.

بعض الدول الاقليمية والأوروبية يهمها انقسام ليبيا الى دويلات وتسعى لذلك وان اعلنت في مواقفها السياسية أنها مع وحدة التراب الليبي فهذه بيانات مثل الاسبرين تزيل الشك ولكنها لا تمنعه.

في ظل هذه الأجواء المتشابكة المعلن منها وغير المعلن. فان المبعوثين الأمميين يظلون في اعتقادي مجرد موظفين لدى ،  ليس الأمم المتحدة وانما لدى الدول ذات النفوذ .. نفوذ المال والنفوذ الدولي. وهم بالتأكيد يجتهدون ولكنهم محبطين يخافون على وظيفتهم ويحرصون عليها أكثر من احتفاظهم وحرصهم على المهمة المكلفين بها. وعبر التاريخ فشل المبعوثين الأمميين في حل ازمات الدول بل انهم عقدوها على ما هي عليه من تعقيد.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً