‏لماذا أقال الثني السنكي فعلاً؟ وما سر قوته؟

830

أبرزَ الخلاف الذي تصاعدت حدته بين وزير الداخلية الموقوف عن العمل، عمر السنكي، وعبد الله الثني رئيس وزراء الحكومة المؤقتة المدعومة من مجلس النواب، حقيقة أن الحكومة شُكلت على أساس “محاصصة مناطقية”.

وفي لقاء مسجل مع عبد الله الثني، نشره موقع صحيفة “الحدث”، قبل أيام، برر الثني ضعف حكومته بأنها “حكومة محاصصة”، ولم تكن من اختياره.

الخلاف بين الثني ووزير داخليته بدأ في 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد أن أوقف رئيس الحكومة وزير الداخلية السنكي، وقرر تكليف آخر بالقيام بمهامه، بعد انتقاد السنكي لعملية “الكرامة” العسكرية التي يقودها الفريق خليفة حفتر وتبنتها حكومة الثني في مواجهة حكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس وداعميها من قوات “فجر ليبيا”، في حين اعتبر الوزير القرار “باطلاً” قانوناً.

وما هي إلا أسابيع حتى أصدر مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق قراراً وجهه للثني ينص على “تمكين وزير الداخلية من متابعة عمله بعد تبرئته مما نُسب إليه من تهم”، كما أصدر جهاز الرقابة الإدارية (حكومي يبحث القضايا الإدارية لمؤسسات الدولة) أصدر القرار ذاته لمصلحة الوزير، إلا أن الثني أصدر تعليمات تفيد باستمرار توقيف السنكي عن العمل رغم قرار النواب والرقابة الإدارية.

الوزير السنكي الموقوف رد، يوم السبت الماضي، بخطاب شديد اللهجة بعث به لرئيس الحكومة عبد الله الثني اتهمه فيه بـ”عدم احترام التسلسل الإداري ورفض التعليمات الصادرة من أعلى جسم تشريعي (في إشارة إلى البرلمان)، الذي دفع الليبيون أرواحهم من أجل انعقاده ومباشرة مهامه، هو استخفاف بإرادة الشعب”، بحسب تعبيره.

كما تحدى السنكي في خطابه الموجه للثني، إصرار الأخير على أمر الإيقاف عن العمل قائلاً: “أنا مستمر في تحمل الأمانة والدفاع عنها وعن التضحيات من أجلها، ولن نخذل من منحنا الثقة، ولن نخون مبادئنا، ولن نعطي الفرصة لأي كان بأن يقف عائقاً في طريق بناء الشرطة وتأمين المدن وتحقيق الأمن للوطن والمواطن”.

وأضاف في رسالته لرئيس الوزراء: “يذكرنا تصرفك اللامسؤول بحقبة مقيتة عفا عليها الزمن من التسلط والدكتاتورية، ويرجع بذاكرتنا إلى مسرحية نظرية المقبور (في إشارة إلى الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي) ولجانه الشعبية في إدارة دولته الوهم”.

** قوة السنكي

وعن أسباب وسر قوة السنكي في تحدي رئيس الوزراء وتمسكه بالمنصب، قال مسؤول كبير في الحكومة المؤقتة، لوكالة الأناضول: إن “حكومة الثني هي حكومة محاصصة، وحقيبة الداخلية هي حصة الغرب، وتحديداً مصراتة، وعدم وجود بديل من تلك المدينة المناهضة للحكومة جعل السنكي يتأكد من عجز الثني عن إيجاد شخص آخر مكانه”.

ودلل المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، على قوة السنكي بالقول: إن “الثني كلف في وقت سابق العميد مصطفى البرعصي، ورُفض لأنه من الشرق، ثم كلف العميد أحمد بركة لكنه رُفض أيضاً لأنه من الجنوب “، مؤكداً “تعذر الحصول على شخص آخر من الغرب، وتحديداً من مصراتة التي كان يمثلها السنكي في حكومة الثني”.

وبحسب المسؤول الحكومي، فإن “صدور قرار من البرلمان الليبي بعودة السنكي لعمله وآخر من الرقابة الإدارية أمر يجعل عمر السنكي أقوى موقفاً من رئيس الحكومة أمام الشعب الليبي”.

** سبب الإقالة الحقيقي

واعتبر أن “سبب إقالة عمر السنكي لم يكن انتقاداته للجيش الليبي كما هو ظاهر، لكن ذلك كان حجة جاهزة أمام الجميع استغلها الثني لإقالة السنكي”.

وأوضح أن الأسباب الحقيقية لإقالته “تضمنتها مذكرة سرية وجهها رئيس الوزراء الثني للبرلمان والنائب العام (إبراهيم بيشه) تفيد بارتكاب السنكي للعديد من الأخطاء، منها اختفاء 100 سيارة تابعة للوزارة، وترقية ضباط شرطة دون وجه حق بقرار مباشر منه، إضافة لاختفاء بعض الأموال (دون تحديد مقدارها)”.

من جانبه، قال الملازم أول طارق الخراز، الناطق باسم وزارة الداخلية الليبية، في تصريح لـ”الأناضول”: إن “عمر السنكي لا يعتبر حالياً وزيراً للداخلية الليبية”، مشيراً إلى أن “رئيس الوزراء عبد الله الثني هو من يسيّر مهام الوزارة بشكل مؤقت لحين تكليف شخص آخر بذلك”.

وعن قرار هيئة الرقابة الإدارية بشأن إرجاع السنكي للعمل، قال الخراز: إن “الرقابة الإدارية كان يجب أن تخاطب رئاسة الوزراء بالخصوص قبل أن تتخذ قرارها العمومي بعودة السنكي”، لافتاً إلى أن “من حق رئاسة الوزراء رفض أو تطبيق القرار”.

وتابع: “بعد صدور قرار الرقابة الإدارية كان يجب على السنكي مراجعة رئاسة الوزراء فهي المعنية بتطبيق القرار، لكنه باشر مهامه دون الرجوع للحكومة”، مؤكداً أن إجراء السنكي “غير قانوني”.

وتراوح الأزمة بين رئيس الحكومة عبد الله الثني ووزير داخليته الموقوف عمر السنكي مكانها، مبرزة طبيعة الحكومة المؤقتة القائمة على “المحاصصة المناطقية”، في بلد يعاني منذ نحو 4 سنوات انفلاتاً أمنياً واسعاً، واشتباكات مستمرة في أغلب المناطق والمحافظات بين قوتين تتنازعان على السلطة.

والقوتان المتصارعتان على السلطة، ولكل منهما برلمانه وجيشه، هما الحكومة الموقتة التي يقودها عبد الله الثني المنبثقة عن مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق)، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني ومقرها طرابلس (غرب) والتي يُسير أعمالها خليفة الغويل النائب الأول لرئيس المؤتمر.

المصدر: الأناضول + الخليج أونلاين

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً