معلومات يجب أن تعرفها عن هشاشة العظام

osteoporosisartwor_1704143c-460x288

وكالات

ممشوق القامة، عريض المنكبين، يتمتع بقوام جميل، حتى إذا بلغ الستين تغير هذا المظهر كله، انحنى الظهر وصعبت الحركة، كثرت الكسور، وأصبح يتوخى الحذر في كل خطوة، ما هذا التأثير الغامض الذي داهم حياة ذلك الشاب؟! وما الذي جعل الضعف يتسرب إلى ذلك الهيكل العظمي المتين؟!

الجواب على ذلك كله هو:

Osteoporosis، أو ما يدعى بالعظم المسامي، آفة تصيب الهيكل العظمي لتحوله إلى بنية ضعيفة هشة لدرجة أن الضغوط المعتدلة أو الانحناء البسيط قد يسبب كسوراً خطيرة في منطقة الوركين، المعاصم، أو حتى العمود الفقري.

له نوعان: أولي، يحدث لدى المسنين بشكل أساسي، وثانوي، يحدث لدى مختلف الفئات العمرية، وهو مرتبط بأمراض أخرى كالسرطان، المشكلات الهرمونية، أو استخدام الأدوية.

يعتقد أن أصول المرض تعود إلى التاريخ الفرعوني القديم، وفي القرن الثامن عشر، اكتشف الجراح الانجليزي جون هنتر مفهوم تجدد النسيج العظمي وحدد دوره في حدوث الهشاشة، ولم يؤخذ المرض بعين الاعتبار لفترة 100 سنة بعد وفاته، ليأتي الطبيب الفرنسي جيان جورج في القرن التاسع عشر ويلاحظ المسام الواسعة في عظام المرضى المصابين به، كما قام باشتقاق المصطلح (Osteoporosis)، تتابعت بعدها التطورات في الاكتشاف وعُرف العلاج الهرموني بالأستروجين للنساء، كما تم تطوير أجهزة تحدد أماكن حدوث الهشاشة بقياس كثافة العظم في اليد، الورك، العمود الفقري تجنباً لإمكانية حدوث كسور خطرة بعد فوات الأوان.

رغم أن اكتشاف المرض كان منذ حوالي 200 سنة لكنه يبقى من العقبات الرئيسية التي تواجه الطب الحديث.

Osteoporosis-11.jpg

يعتبر العظم نسيجاً حياً متبدلاً باستمرار، تحدث فيه عمليات البناء والهدم بشكل متواصل للحفاظ على بنيته السليمة، وفي حال حدوث القصور في إعادة تشكله تتابع عمليات الهدم مجراها على حساب تجديد البنية العظمية القديمة، فتزداد المسامات ويحدث ما يعرف بالهشاشة.

عندما يتم هدم النسج العظمية القديمة تحل محلها الجديدة فوراً في عملية منظمة، وهي تختلف حسب تقدمنا بالسن، ففي ريعان الشباب يكون تجدد العظام أسرع بكثير من هدمها، وبناء عليه تزداد الكتلة العظمية لتبلغ ذروتها في العشرينات حيث يتوقف النمو الطولي والعرضي للعظام وتكتسب حجمها النهائي، تزداد قوتها ومتانتها حتى بلوغ الثلاثين، ليبدأ بعدها الفعل المعاكس، فيأخذ الهدم الدور الأكبر ويضعف النشاط التجديدي.

لذلك تعتبر مرحلة الشباب حجر الأساس في ذلك كله، فكلما كانت الكتلة العظمية أو المخزون الكثيف الذي تم تحقيقه في سن الشباب أكثر متانة كانت حالنا أفضل عندما تدق الشيخوخة بابنا.

ولهرمونات الغدة الدرقية تأثير معاكس، فلكما زاد إفرازها سرع ذلك من هدم العظام وتخفيف كثافتها، فالتيروكسين الذي يفرز منها يزيد من فعالية مجمل العمليات الاستقلابية والنشاط الحيوي للخلايا الذي يشمل تسريع عملية الهدم أكثر من المطلوب، يشاهد هذا التأثير عند مرضى تضخم الغدة الدرقية أو فرط نشاط الدرق، والأمر نفسه بالنسبة للغدد جارات الدرق والغدد الكظرية.

هناك عوامل أخرى نستطيع التحكم بمجراها للمحافظة على بنية عظمية سليمة، فيجب مراعاة نظام غذائي صحي يكون فيه منسوب الكالسيوم ضمن حدوده الطبيعية لأن انخفاضه يعني انخفاض كثافة العظم وتزايد خطر الإصابة بالكسور، وليس الكالسيوم فحسب، وإنما مجمل النظام الغذائي الذي يجب أن يحوي على سعرات حرارية كافية لتمام الفعاليات الحيوية في الجسم بشكل عام، فانخفاض منسوبها يعني إنتاجاً أقل للهرمونات الجنسية، وقد ذكرت لكم تَبِعات هذا الأمر، بالإضافة إلى المغنزيوم، وفيتامين D الذي يقوم بدور الغراء المثبت للكالسيوم في العظام.

الجلوس لفترات طويلة دون حراك (كما في الأعمال المكتبية) يثبط من اصطناع وتمعدن الكتلة العظمية التي تجري عن طريق خلايا متخصصة تدعى بانيات العظام (Osteoblasts)، لهذا أثبتت التمارين الرياضية كالجري، القفز، ورفع الأثقال كفاءتها في تحفيز عمل هذه الخلايا، فأنت عندما تحمل الأوزان تطبق المزيد من التوتر والشد على مستوى الأوتار العضلية التي تنقل هذه التأثيرات إلى العظام فتتحفز البانيات منتجة عظاماً جديدة قوية.

يُستخدم في هذا المجال نظام يدعى (whole body vibrational training)، أو تمرين كامل الجسم بواسطة الاهتزاز على جهاز معين، يقوم بحركة اهتزازية في مستويات مختلفة، يفيد المتقدمين بالسن فهم لا يستطيعون القيام بالحركات الرياضية كالقفز والجري وغيرها.

للتدخين والكحول تأثير غير واضح السبب تماماً، لذلك يجب الحد منها للحفاظ على هيكل سليم.

من الضروري أن تراجع طبيبك في أول مرحلة تشعر فيها بتسرب الضعف والهشاشة إلى هيكلك العظمي، فهذا المرض لا يلاحظ في مراحله المبكرة..

آلام الظهر، تقاصر طول الجسم مع الزمن، المظهر المنحني للظهر والرقبة، سهولة حدوث كسور عظمية، كلها عوامل يجب أن تحثك على استشارة طبيبك، وإلا فالمضاعفات ستكون خطرة لدرجة يكون من الصعب تفادي نتائجها.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً