إندبندنت: هل سيستهدف “تنظيم الدولة” الطيران المدني في ليبيا؟

libya_58

وكالة ليبيا الرقمية

حذر تقرير في صحيفة “إندبندنت” من قيام الجهاديين في ليبيا من استغلال الفوضى التي تعيشها البلاد، للقيام بتوجيه غارات بالصواريخ، التي نهبوها من مخازن النظام الليبي السابق، ضد الطيران المدني.

وكتب جوناثان برودر في الصحيفة قائلا: “في عمق الصحراء وفي بلدة سبها، التي تشويها الشمس، وافق مسلحون على عرض أفضل ما لديهم لتيموتي مشيتي، ومشيتي هو أفضل محقق لديه خبرة وله شركة مقرها في لندن، تقوم بالبحث عن مصادر الأسلحة الخفيفة في محاور الحرب، ويعتقد مشيتي أن المقاتلين المحليين ربما كانت لديهم صواريخ مضادة للطائرات، التي اختفت من مخازن السلاح بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في عام 2011”.

ويضيف الكاتب: “تحت حر الشمس القائظ، كشف المسلحون عن ترسانته الصغيرة: أربعة صواريخ روسية الصنع من نوع (أس إي- 7) ونموذجين حديثين (أس إي- 16)، وهذه الصواريخ الحرارية كافية لأن تدمر طائرات مدنية في حال إطلاقها”.

وتنقل الصحيفة عن مقاتلين قولهم إنهم حصلوا على الصواريخ من مهربين كانوا في طريقهم لبيعها في سوق سلاح غير شرعي في البلد المجاور تشاد، مشيرة إلى أنه عندما قارن مشيتي أرقام الصواريخ المتسلسلة بقاعدة البيانات التي تحملها تأكد شعوره، وهو أن هذه الصواريخ تعود إلى ترسانة القذافي.

ويشير التقرير إلى أنه لا يوجد للصواريخ علاقات للحمل، أو حتى راجمات صواريخ، ما يجعلها غير صالحة للاستعمال، مستدركا بأنه مع ذلك، فإن هذا الاكتشاف ليس مدعاة للارتياح؛ لأن هناك المئات، وربما الآلاف، من الصواريخ المحمولة على الكتف والصالحة للاستعمال، التي اختفت ولا يعرف أحد أين ذهبت، بحسب ما يقول المسؤولون الأمريكيون والمسؤولون في الأمم المتحدة، وهناك في الاستخبارات الأمريكية من يعتقد أن هذه الصواريخ وقعت في أيدي الجهاديين.

ويلفت برودر إلى أن تنظيم الدولة لا يزال يستغل فوضى الحرب الأهلية، التي مر عليها أكثر من أربعة أعوام، وقد يستخدم التنظيم هذه الأسلحة لتوسيع موطئ قدمه الاستراتيجي في ليبيا، والوصول إلى منشآتها النفطية، مبينا أن  هناك أدلة تشير إلى نجاح التنظيم في مسعاه.

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم عدم إسقاط طائرة باستخدام أنظمة الدفاع المحمولة على الكتف، أو المعروفة بـ”مانبادز”، إلا أن هناك احتمالا، مع وجود تنظيم الدولة في ليبيا، لقيامه أو أي مجموعة مرتبطة به هناك، بإطلاق الصواريخ على طائرات المدنيين الأفريقية أو الأوروبية، ويقول مسؤول أمريكي بارز في الخارجية يقود فريقا خاصا مهمته تأمين الأسلحة الليبية: “هذه الصواريخ متحركة ومن السهل تهريبها، وكل ما يحتاجه الشخص هو تهريب واحد منها”.

ويورد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، نقلا عن مسؤولين في الخارجية الأمريكية قولهم إن إدارة الرئيس باراك أوباما توقفت عن عملية البحث عن هذه الأسلحة وتدميرها، والسبب، كما تقول، هو خطورة الذهاب إلى ليبيا وملاحقة الأسلحة الضائعة.

ويذكر الكاتب أنه لا يعرف عدد الأسلحة، المجهولة المكان، وبحسب المسؤولين الأمريكيين ومسؤولي الأمم المتحدة، فقد حصل القذافي خلال فترة حكمه، التي استمرت أربعة عقود، على حوالي 20 ألف صاروخ “مانبادز”، مستدركا بأن المسؤولين يشيرون إلى أن تآكلها وعدم صيانتها، والحملة التي قادها حلف الناتو ضده، كلها أمور قللت من عددها مع الإطاحة به.

وتفيد الصحيفة بأنه بعد سقوط النظام الليبي، أرسل الرئيس الأمريكي باراك أوباما فريقا خاصا إلى ليبيا؛ كي يقوم بتحديد مكان الصواريخ، وقام الفريق بتدمير خمسة آلاف صاروخ، مستدركة بأن قائد الفريق، الذي طلب الكشف عن اسمه، اعترف بأنه لا يعرف عدد صواريخ “مانبادز” المفقودة، مشيرا إلى أن عددا كبيرا منها لا يزال موجودا في ليبيا، وأن المليشيات المسلحة تقوم بالاحتفاظ بعدد منها، وأن هناك عددا منها موجود لدى جماعات صغيرة، فيما نجح مهربون بتهريب عدد منها إلى خارج ليبيا؛ لتغذية النزاعات في سيناء وسوريا ومالي ونيجيريا. ويقول قائد الفريق: “قد لا نعرف أبدا أين ذهبت” هذه الصواريخ.

ويعلق التقرير بأن فريق البحث عن الـ”مانبادز” الأمريكي تعرض لنكسة كبيرة في 11 أيلول/ سبتمبر 2012، عندما هاجم إسلاميون محطة “سي آي إيه” في مدينة بنغازي” وقتلوا أربعة أمريكيين والسفير الأمريكي كريستوفر ستفينز.

ويقول برودر إن خسارة محطة “سي آي إيه”، التي كانت تقوم بالبحث عن أسلحة القذافي المنهوبة وملاحقتها، حرم الفريق من أهم مصدر للمعلومات الأمنية، مشيرا إلى أن الفريق انسحب من ليبيا في أقل من عامين، بعد إغلاق السفارة في طرابلس نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية.

وتنقل الصحيفة عن عنصر آخر في الفريق، قوله: “لأنها محور حرب مستمرة، فلم يكن الفريق قادرا على الذهاب إلى ليبيا لتحديد مكان صواريخ (مانبادز)”، ويضيف: “بصراحة، لا نفوذ لنا في الصراع كي نطلب من الناس تسليم أسلحتهم”.

وينوه التقرير إلى أن أفراد الفريق يعملون هذه الأيام ملحقين في وزارة الخارجية، ويساعدون الدول الأخرى في شمال أفريقيا والساحل على تأمين ترسانتها العسكرية، لافتا إلى أنه في تطور غريب، فقد بدأت الخارجية الأمريكية بالاعتماد على عدد من الشركات والجماعات الأوروبية كي تقوم بمهام الكشف عن الألغام، التي لا تزال موجودة في ليبيا منذ الحرب العالمية الثانية، وتفكيكها.

ويذهب الكاتب إلى أن بعض المراقبين يعتقدون أن الإدارة الأمريكية حرفت انتباهها بشكل تدريجي من البحث عن أسلحة القذافي، إلى الاهتمام بسوريا والملف النووي الإيراني، وتقول الباحثة في مركز “ستيمسون” في واشنطن راشيل ستول إن أسلحة القذافي حظيت باهتمام واسع، ثم تراجع الاهتمام على مدار عامين، وبعدها عاد بعد ظهور بعض الصواريخ في مالي، واختفى الاهتمام بها بسبب الأولويات الأخرى، وتضيف ستول: “هذا أمر مقلق، فهذه الأسلحة قد تؤدي إلى كوارث وأضرار للطائرات المدنية والعسكرية، وقد تقتل المئات من الناس”.

وتبين الصحيفة أنه حتى الآن لا يعرف السبب الذي منع جماعات المعارضة الليبية المسلحة من استخدام الـ”مانبادز” التي تملكها، ويعلق الباحث في مركز “مسح الأسلحة الصغيرة” ماثيو شرودر، قائلا: “هذا سؤال ثمنه مليون دولار”.

ويرى محللون أن السبب ربما تعلق بعدم خبرة المسلحين في استخدام الصواريخ، أو لأن الجماعتين اللتين تسيطران على مناطق واسعة في ليبيا، وتريدان حكم البلاد لا مصلحة لهما بإسقاط طائرات مدنية؛ لأن هذا سيعطل حركة الطيران من وإلى ليبيا، بحسب الصحيفة.

ويكشف التقرير عن أن عصابات الجريمة لا تريد أن يغلق المطار، الذي تعتمد عليه في التهريب، مشيرا إلى أن المليشيات تفضل بيع الصواريخ للحصول على المال، حيث يصل سعر الصاروخ في السوق السوداء إلى 12 ألف دولار، بحسب العضو في لجنة تابعة للأمم المتحدة تقوم بالتحقيق في مكان الأسلحة سافانا دي تيسيره.

ويشير برودر إلى أن الجهاديين في مصر لم يظهروا ضبطا للنفس، فقد استخدمت جماعة أنصار بيت المقدس في كانون الثاني/ يناير 2014 صاروخا مهربا من ليبيا، وتم إسقاط مروحية تابعة للجيش المصري، كان على متنها خمسة جنود، وفي وقت لاحق من ذلك العام، أعلنت الجماعة عن مبايعتها لتنظيم الدولة، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، أعلنت الجماعة أو ما يطلق عليها “ولاية سيناء” مسؤوليتها عن تدمير طائرة مدنية روسية، كان على متنها 224 راكبا، أقلعت من منتجع شرم الشيخ وسقطت في سيناء.

وتختم “إندبندنت” تقريرها بالإشارة إلى أن مسؤولين عربا وأوروبيين يخشون من قيام التنظيم في ليبيا باستهداف الطائرات المدنية، فقد وسع سيطرته على مدينة سرت الساحلية، حيث تقدر وزارة الدفاع الأمريكية عدد المقاتلين التابعين له بحوالي 6500 عنصر.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً