إلى فريق الحوار «75» الوقت يمر والفرص تتقلص

إلى فريق الحوار «75» الوقت يمر والفرص تتقلص

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

لا أخفي أنني مللت الكتابة وحاولت الابتعاد عنها خلال الأشهر الماضية استشعارا لحالة من اليأس والإحباط ألمت بيّ خلال هذه السنين المريرة التي مرت وتمر على بلدنا ونحن نتفرج ولا أحد حرك أو يُحرك ساكنا، لكني بالنظر إلى حجم ظلامية المشهد الذي بدأت أتحسس نهاياته الأليمة القاسية علينا كشعب ووطن بعد مضي حوالي عقد كامل من الزمن على ضياع هيبة الدولة والاستقرار وسيادة الفوضى وتغلغلها عزمت الكتابة من جديد مستصرخا كل من له ضمير حي من أعضاء فريق الحوار والذين أُوكِلت لهم هذه المهمة العسيرة المعقدة.

ليس همسا ولكني اصرخ في أذن كل واحد منهم أن هلموا لإنقاذ ما تبقى من دولة ليبيا فالوقت يمر والفرص تتقلص وتكاد تنتهي، ليبيا التي أصبحت الآن رهينة تدخلات أجنبية من دول عدة واصبح قرار الحرب والسلم فيها بيد الأجنبي، الذي وبكل مرارة نحن الليبيين من أوجدنا له فرصة الاستحواذ والتدخل والسيطرة المباشرة، عندما تولّت امرنا مجاميع من بني جلدتنا لا أحساس لهم بالوطن ولا شعور همهم فقط تحقيق مصالحهم الأنانية الضيقة، من خلال أجندات سياسية ودينية مزيفة، من كانوا لا افق لهم في التفكير بمصير الشعب والوطن، وإدراك نتائج ذلك العبث التي تأتي عبر الزمن وليس مباشرة.

ليبيا ها هي اليوم على حافة الانهيار الكبير اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، ليس بأقلها تقسيمها إلى دويلات ثلاث أو رباع أو دخولها في حرب أهلية مناطقية لا تُبقي ولا تذر بعد كل تلك الحروب التي تقاتل فيها أبنائها وفقدنا من فقدنا وما خلفته من دمار في النفوس والممتلكات، وهذا الفساد الرجيم الذي أتى على ثروات البلد ومدخراته في ظل الانقسام وتعذر بل غياب دور الرقابة والمحاسبة.

لمن لا يعي ويدرك أن ليبيا قد أصبحت وكرا لكل مخابرات العالم يصولون فيها ويجولون بكل حرية نتيجة الوضع الفوضوي الأمني الذي نعيشه منذ 2011م، ولمن لا يدرك ويعي ليبيا الآن ملاذا آمنا لكل الجماعات الإسلامية المتطرفة عبر العالم ولكل مافيات الحشيش والتهريب العالمية عبر القارات! ولمن لا يدرك ليبيا الآن تئن بكلكلها من وطأة جماعات الهجرة غير الشرعية وكل ما هو غير قانوني فإلى أين ذاهبون؟!.

أيها المتحاورون ممن جمعتكم بعثة الأمم المتحدة لتكونوا فريقا للحوار الليبي، كونوا في مستوى الأحداث وحجم المسئولية الملقاة على عواتقكم ولا تستهينوا بالأمر، فأنتم اليوم من تقع على عواتقهم المسؤولية الوطنية والأخلاقية، فإما أن يخلدكم التاريخ لأنكم ستعيدون لنا ليبيانا دولة واحدة موحدة، أو أن يسجلكم التاريخ في احد صفحاته القاتمة السواد، حيث ستلاحقكم لعنات الليبيين جيلا بعد جيل.

كونوا لها وفي الموعد، وانزعوا عن عيونكم غشاوة الأنانية ومن قلوبكم رباط الخنوع، كونوا رجال هذه المرحلة وسطروا بأحرف من نور ملحمة إنقاذ وطنكم الذي يتهاوى ويكاد يتلاشى، وحققوا لنا الحد الأدنى من ماهو مطلوب، ألا وهو أن تكون لنا حكومة واحدة موحدة وعلى عجل فالوقت لم يعد يسعفكم والفرص تتقلص وقد تضيع. إلا قد بلغت اللهم فأشهد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً