أصدرت الحكومة السورية، اليوم السبت، موقفًا رسميًا حادًا تجاه مؤتمر الحسكة الذي نظمته قوات سوريا الديمقراطية “قسد” يوم الجمعة 8 أغسطس 2025، معلنة انسحابها من مفاوضات باريس المقبلة.
وأكد مصدر حكومي لـ”سانا” أن حق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء محفوظ من قبل الدولة، بشرط أن يتم ذلك ضمن المشروع الوطني الذي يحافظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا وسيادة، مشددًا على ضرورة أن يكون نشاط المجموعات السياسية سلمياً وغير مسلح، وأن شكل الدولة لا يُحدد عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يقرّه الاستفتاء الشعبي.
ووصف المصدر مؤتمر الحسكة بأنه تحالف هش يضم أطرافًا متضررة من انتصار الدولة السورية، وبعض الجهات التي تحاول احتكار تمثيل مكونات البلاد بالقوة مدعومة من الخارج، معتبراً أن المؤتمر محاولة لتدويل الشأن السوري وإعادة فرض العقوبات، وتحميل “قسد” المسؤولية الكاملة عن تداعياته.
وأشار إلى أن المؤتمر خالف اتفاق 10 مارس 2025 الذي نص على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن دعوات المؤتمر لتشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري تُعد خرقاً لاتفاق الدمج.
وأكد المصدر أن المؤتمر يمثل تهربًا من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات، وغطاءً لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضد العرب السوريين، التي تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليماتها من قنديل.
وبناءً عليه، أعلنت الحكومة السورية أنها لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس ولن تجلس على طاولة تفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد، داعية “قسد” إلى الانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 مارس، والوسطاء الدوليين إلى نقل المفاوضات إلى دمشق، باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين.
مؤتمر “وحدة المكونات” في شمالي سوريا يدعو لدستور جديد ونظام لامركزي.. ورد رسمي من دمشق
دعا مؤتمر “وحدة المكونات” الذي عقد في محافظة الحسكة شمالي سوريا إلى صياغة دستور ديمقراطي جديد يضمن التعددية والمشاركة السياسية العادلة، مع تأسيس نظام لامركزي يحترم الخصوصيات الثقافية والجغرافية لجميع مكونات سوريا.
وأبرز المشاركون في المؤتمر، الذي شارك فيه وجهاء عشائر وشخصيات دينية، أن التعدد القومي والديني يمثل مصدر قوة للبلاد، مطالبين بإعادة النظر في الإعلان الدستوري الحالي الذي يرونه غير ملبي لتطلعات السوريين.
وأشار البيان الختامي إلى تعرض المكونات المحلية لعقود من التهميش والإقصاء، ووصف ممارسات النظام بحق بعض المناطق بأنها جرائم ضد الإنسانية تستوجب تحقيقًا حياديًا.
وشدد المؤتمر على أهمية قوات سوريا الديمقراطية “قسد” كنواة لبناء جيش وطني جديد، مؤكدين الالتزام بمخرجات اتفاقيات تؤدي إلى توافق وطني شامل.
كما طالب المؤتمرون بإسراع اندماج الإدارة الذاتية مع الدولة السورية، ورفضوا التحريض المذهبي والطائفي، داعين إلى وحدة الصف وحماية السلم الأهلي، مع التأكيد على أهمية التعددية السياسية ومشاركة النساء والمكونات المختلفة، والتحذير من الفكر الأحادي الذي يزيد الأزمات.
ودعا البيان إلى إعادة النظر في التقسيمات الإدارية لتتماشى مع الواقع المحلي، وتعزيز مشاركة المجتمع المدني في إعادة الإعمار وصنع القرار، وترسيخ الحوار والسلم الأهلي.
واختتم البيان بالتعبير عن إرادة لبناء سوريا موحدة، ديمقراطية، لامركزية، تحترم القانون والكرامة الإنسانية.
في المقابل، ردّت دمشق عبر مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية، قتيبة إدلبي، معتبراً أن عقد مؤتمرات على أسس طائفية وعرقية يعارض وحدة البلاد الحقيقية، ومؤكدًا أن الوحدة الحقيقية تبنى على أفعال واستحقاقات تضمن مشروعًا وطنيًا جامعًا ينهي الاستبداد ويعالج الجراح العرقية والطائفية، مضيفًا أن أبواب دمشق مفتوحة لأي حوار جاد يهدف لمستقبل أفضل لكل السوريين.
ويأتي ذلك في ظل الاتفاق الذي وقعته “قسد” مع الحكومة السورية في 10 مارس 2025، والذي يهدف إلى دمج “قسد” في مؤسسات الدولة مع الحفاظ على وحدة الأراضي ورفض أي تقسيم أو فدرلة، رغم التحديات الكبيرة في تطبيق الاتفاق بسبب التباينات بين الطرفين حول شكل الدمج وحقوق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.






اترك تعليقاً