السعودية تحذر إيران «إما اتفاق مع ترامب أو مواجهة حرب إسرائيلية مُدمِّرة».. ما الحقيقة؟

تصاعدت حدة التوترات الإقليمية على وقع تحذير سعودي غير مسبوق وجّهته المملكة إلى إيران، مفاده أن رفض التوصل إلى اتفاق نووي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يفتح الباب أمام حرب شاملة تشنّها إسرائيل ضد طهران.

ووفق تقرير لوكالة رويترز، نقل وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان هذا التحذير شخصيًا إلى المسؤولين الإيرانيين، خلال زيارته النادرة إلى طهران الشهر الماضي، والتي جاءت بتكليف مباشر من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

رسالة مباشرة إلى خامنئي: “تفادوا الحرب.. خذوا عرض ترامب بجدية”

الرسالة، بحسب مصدرين خليجيين مطلعين ومسؤولين إيرانيين تحدّثت إليهم الوكالة، تم تسليمها إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وتضمنت دعوة واضحة للنظر بجدية في المقترح الأميركي الذي يعرض رفع تدريجي للعقوبات مقابل العودة إلى القيود الصارمة على البرنامج النووي الإيراني.

وحذرت الرسالة من أن تجاهل المبادرة الأميركية قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، في وقت تتصاعد فيه المؤشرات على اقتراب “الساعة الصفر”.

طهران تنفي تلقي رسالة سعودية بشأن وساطة مع واشنطن لتفادي هجوم إسرائيلي

نفت وزارة الخارجية الإيرانية، صحة التقارير التي تحدثت عن نقل السعودية رسالة إلى طهران تتعلق بالتفاوض مع الولايات المتحدة، وذلك على خلفية زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى إيران الشهر الماضي.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن “الادعاءات بشأن طلب سعودي من إيران الدخول في مفاوضات مع واشنطن لتفادي هجوم إسرائيلي محتمل، لا أساس لها من الصحة”، مشددًا على أن هذه المزاعم “عارية تمامًا عن الواقع”، وفق ما نقلته وكالة “فارس” الإيرانية.

وأضاف بقائي أن ما ورد في تقرير وكالة “رويترز” يمثل “نموذجًا للأخبار المفبركة التي تهدف إلى التأثير سلبًا على علاقات الدول في المنطقة”، في إشارة إلى العلاقات المتنامية بين طهران والرياض منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين العام الماضي بوساطة صينية.

وكانت “رويترز” قد نقلت عن مصادر لم تسمّها، أن السعودية طلبت من إيران استخدام قنواتها لخفض التوتر مع الولايات المتحدة على خلفية تصاعد التهديدات من إسرائيل، وهي معلومات سارعت طهران إلى نفيها جملة وتفصيلًا.

تل أبيب تستعد لسيناريوهين: الهجوم أو الدفاع

في موازاة التحرك السعودي، كشفت صحيفة معاريف العبرية أن قيادة الأمن القومي الإسرائيلي عقدت سلسلة اجتماعات مغلقة ناقشت خلالها استعدادات لمواجهتين محتملتين: الأول: شنّ ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية، الثاني: التصدي لهجوم صاروخي مفاجئ تنفّذه إيران أو حلفاؤها الإقليميون.

وتتوقع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن أي مواجهة ستشهد إطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية، مع خسائر اقتصادية قد تصل إلى عشرات المليارات، ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى رفع جاهزية الطوارئ، فتح الملاجئ، وتعزيز قدرة المستشفيات.

إدارة ترامب: شروط مشددة ومقترح مُحدّث

من جانبها، تستعد إدارة الرئيس ترامب لتقديم صيغة معدّلة من الاتفاق النووي السابق، تتضمن مطالبة إيران بالتخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم، وتوسيع آليات الرقابة الدولية، وضمانات أمنية لدول الخليج وإسرائيل.

إلا أن إيران، بحسب تصريحات مسؤولين كبار، ترفض هذه الشروط وتعتبرها انتهاكًا لسيادتها، مؤكدة أنها لن تقبل بأي اتفاق لا يضمن رفعًا شاملًا للعقوبات الاقتصادية وتفكيك منظومة “الضغط الأقصى”.

خليج يرفض الحرب ويخشى تداعياتها

ورغم اللهجة السعودية الحازمة، أفاد موقع أكسيوس الأميركي بأن قادة خليجيين آخرين، خاصة في الكويت وقطر وسلطنة عُمان، أبلغوا واشنطن بمعارضتهم لأي عمل عسكري ضد إيران، خشية أن يؤدي إلى سلسلة من الهجمات الانتقامية تطال البنية التحتية النفطية والمراكز الاقتصادية في الخليج.

ويضيف التقرير أن هذه الدول ترى في التصعيد العسكري تهديدًا للاستقرار الإقليمي والاقتصاد العالمي، وتدفع باتجاه مسار دبلوماسي بديل بقيادة ترامب وتحت إشراف أممي.

قلق دولي ومخاوف من اشتعال المنطقة

على الصعيد الدولي، أبدت عدة عواصم أوروبية قلقها من التصعيد المتسارع، محذّرة من أن أي مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من الاتفاق النووي، وإشعال جبهات إقليمية من لبنان إلى العراق واليمن.

في هذا الإطار، دعت فرنسا وألمانيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة تطورات الملف النووي الإيراني وتبادل الرسائل العسكرية في المنطقة، فيما قالت روسيا إنها تتابع “بقلق بالغ” التحركات الإسرائيلية – الأميركية.

الولايات المتحدة تجهز ورقة شروط جديدة لإيران: وقف كامل لتخصيب اليورانيوم أو مواجهة تصعيد محتمل

تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم ورقة شروط جديدة لطهران تشمل وقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، حسبما أفادت تقارير إعلامية صادرة اليوم الجمعة.

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمريكي قوله إن واشنطن “تجهز لتقديم ورقة شروط لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم، وإذا لم تقبل إيران الشروط فلن يكون يوما جيدا لها”، في إشارة إلى ضغوط متزايدة على طهران.

وأكدت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن الإدارة تأمل من خلال هذا الإطار الجديد معالجة مخاوف إسرائيل، وإقناعها بتأجيل أي هجوم عسكري وشيك على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، أعرب مسؤول أمريكي عن وجود خلافات مع إسرائيل حول النهج المتبع تجاه إيران، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية قد تتغير في حال رفض إيران التوصل لاتفاق.

وكشفت “وول ستريت جورنال” أيضاً عن أن إسرائيل كانت تخطط لهجوم على إيران خلال العام الحالي، لكنها أرجأته بطلب من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وسط شكوك حول مدى فعالية أي عمل عسكري في إبطاء البرنامج النووي الإيراني لأكثر من عام.

في المقابل، شددت إيران على أن تخصيب اليورانيوم حق سيادي لا يمكن التفاوض عليه، ونفت استعدادها لتعليق هذا البرنامج، مؤكدة أن استمرار البرنامج النووي السلمي مبدأ راسخ.

تأتي هذه التطورات في ظل جولات تفاوض مستمرة، حيث جرت مؤخراً جولة رابعة من المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران في أوروبا، وسط تحذيرات أمريكية من أن فشل الاتفاق قد يؤدي إلى تصعيد عسكري في المنطقة.

موقع “أكسيوس”: قادة الخليج يعبرون لترامب عن رفضهم ضرب إيران عسكريًا

كشفت مصادر مطلعة لموقع “أكسيوس” أن قادة دول الخليج، خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، أعربوا عن معارضتهم الشديدة لأي ضربة عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.

وأوضحت المصادر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الإمارات محمد بن زايد، أعربوا عن مخاوفهم من ردود فعل انتقامية قد تستهدف بلادهم، خصوصًا مع وجود قواعد عسكرية أمريكية على أراضيهم.

وأكد أحد المصادر أن الأمير القطري حذر ترامب من أن دول الخليج ستكون الأكثر تضررًا من أي تصعيد عسكري ضد إيران، بينما أكدت السعودية وقطر خشيتها من احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ ضربة عسكرية ضد طهران، فيما شددت الإمارات على تفضيلها للحل الدبلوماسي.

وأشارت تقارير أمريكية إلى أن الزعماء الثلاثة دعّموا جهود ترامب التفاوضية مع إيران، مع تحوّل واضح في مواقفهم مقارنة بمحادثات 2015، إذ بات التركيز الحالي ينصب على الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتعزيز النمو الاقتصادي.

في سياق متصل، شهدت العلاقات السعودية-الإيرانية تحسناً تدريجياً خلال العامين الماضيين، كما أعادت الإمارات فتح قنوات تواصل مع طهران لتخفيف التوترات. وزيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان غير المسبوقة إلى طهران الشهر الماضي ولقاؤه بالمرشد الإيراني علي خامنئي اعتُبرت رسالة واضحة بمعارضة الرياض لأي عمل عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني.

وكان ترامب قد حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في مكالمة هاتفية، من المضي قدمًا في ضربة عسكرية ضد إيران، معربًا عن أمله في التوصل إلى “وثيقة قوية جدًا” لحل الملف النووي خلال الأسابيع القادمة.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوضح شروط طهران للتوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة

أكد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أن إيران تسعى لحل دبلوماسي يضمن مصالح جميع الأطراف، مشددًا على ضرورة تحقيق اتفاق يشمل رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، بالإضافة إلى ضمان حقوقها النووية، لا سيما حق التخصيب.

وأوضح عراقجي أن الحديث عن اتفاق وشيك بين إيران وأمريكا لا يزال مبكرًا، وأن بلاده لم تصل بعد إلى هذه المرحلة الحاسمة.

في سياق متصل، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي صحة التقارير التي تحدثت عن احتمال تعليق إيران تخصيب اليورانيوم لمدة عام، مؤكدًا أن استمرار برنامج التخصيب النووي هو مبدأ ثابت لا نقاش فيه، ووصف تلك التقارير بأنها “فبركات إعلامية” سبق أن تم دحضها.

وأشار بقائي إلى أن كل ما يُنشر حول تفاصيل محتملة للاتفاق النووي هو مجرد اجتهادات إعلامية لا تستند إلى حقائق، وتحمل دوافع ونوايا مختلفة.

وأمام هذا المشهد يقف الشرق الأوسط أمام مفترق حاسم: إما إحياء المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن برعاية وسطاء إقليميين، أو الانزلاق إلى حرب متعددة الجبهات تقلب المشهد الجيوسياسي رأسًا على عقب، وبين ضغوط سعودية، تهديدات إسرائيلية، ورفض إيراني للتنازلات، يبدو أن نافذة الحلول تضيق سريعًا، فيما تترقب المنطقة والعالم ما ستحمله الأيام المقبلة من تحولات قد تكون حاسمة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً