المجلس الرئاسي يفقد البوصلة ويفشل في إدارة المرحلة

المجلس الرئاسي يفقد البوصلة ويفشل في إدارة المرحلة

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

article1_19-7-2016

لا شك ان المجلس الرئاسي كان من مخرجات حوار ماراثوني طويل، ترعاه الأمم المتحدة بغية تقريب وجهات النظر، وكان يمثل الحد الأدنى من التوافق الممكن بين أطراف الحوار الليبي، ممثلين عن قطبي مجلس النواب والمؤتمر الوطني، وهو الذي ولد خديجا بتدخل وضغوطات دولية! حتى انني اسمّيه بمجلس الوفاق الدولي لا الوطني! ومرجع ذلك بالطبع الى عدم حصول توافق وطني حقيقي من طرفي الحوار على مخرجاته التي تمخض عنها وبالتالي رفضها!

كنا نتوقع ان يحاول المجلس الرئاسي تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين الخصوم، وذلك بتركيزه على ترتيب البيت الداخلي من خلال التواصل مع كل أطراف الحوار السياسي في الشرق والغرب، لتذليل الصعاب وتحقيق حد أدني من التوافق يسمح بتمرير حكومته المعلّقة! لكنه وللأسف ضيّع البوصلة حين استند الى الدعم الدولي واعتبره كافيا لتنفيذ مهامه واستحقاقاته الداخلية والخارجية، وهو ما لم يكن ممكنا ومفيدا بحكم الواقع!

ذلك الأمر جعل المجلس الرئاسي يخفق ويتعثّر، ويرتكب الكثير من الأخطاء التي قوّضت من قدرته على الاستمرار، واضعفت من فرص نجاحه لمعالجة الازمات الليبية المتكررة، مما أفقده الكثير من الزخم الذي اكتسبه مبدئيا من باب رغبة الشعب في إيجاد جسم واحد بدلا من مجموعة اجسام، فها هو الآن وللأسف يصبح جسما ثالثا رديفا اضيف الى الجسمين القائمين أساسا مما يزيد في ارباك المشهد الليبي وتعقيده!

من الأخطاء التي وقع فيها المجلس، توريطه بدفع دولي وزخم اعلامي كبير في معركة سرت، وهو لا يملك السيطرة حتى على كتيبة واحدة من تلك التشكيلات، التي تحارب هناك تحت اسم البنيان المرصوص! وهو بذلك أقحم في ان يكون غطاء سياسيا رسميا فقط لتلك العملية! لكنه يفتقد القدرة على إدارة المعركة ومتابعتها والادهى من ذلك عدم التحكم فيها! وهنا وضع نفسه في موقف صعب امام الاحداث التي تجري في الشرق سواء في بنغازي أو درنة او اجدابيا أخيرا! من أخطاء المجلس إصراره على تمكين وزرائه للعمل، دون الحصول على اعتماد مجلس النواب، الذي لم يجتمع حتى الآن، والنتيجة البديهية هي عدم التحاق وزراء الشرق وما يشكّله ذلك من خلل في الحكومة، ثم يرتكب خطأ اداري فاضح وهو اقالته لأولئك الوزراء بقرار اداري بالمخالفة!

المجلس الرئاسي بعد ستة شهور من تشكيله، وحوالي ثلاثة شهور من تواجده في طرابلس، يبدو عاجزا عن فعل أي شيء لحلحلة الوضع المأزوم في البلد، فالظروف المعيشية تزداد سوء والأزمات تتفاقم والخدمات تتراجع، لذلك يمكن القول ان المجلس قد عجز عن تأدية دوره، وتعثر في تحقيق أهدافه حتى بالحد الأدنى، ولذلك فانه يصبح غير مؤهل في ظل هذه المعطيات لقيادة بلد يعاني وينهار، ويكون جديرا إعادة تشكيل المجلس وفق ألية يتحقق فيها حد مقبول من التوافق الوطني بما يمكن من اعتماد حكومته، ويذلل العراقيل والعقبات التي تحول دون تنفيذ المهام العاجلة والملحة التي ينشدها الشعب الليبي وينتظرها الوطن المكلوم!.

[su_note note_color=”#cdf4f6″]هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا[/su_note]

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً