توصلت الوفود المشاركة في محادثات برلين إلى مسودة جديدة لخطة إنهاء حرب أوكرانيا، بمشاركة الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا، فيما لا تزال العديد من القضايا الجوهرية عالقة، أبرزها مسألة التنازل عن أراضٍ لصالح روسيا.
ويرى القادة الأوروبيون أن أي اتفاق يمنح روسيا مكاسب كبيرة قد يؤدي إلى اندلاع حرب أوسع نطاقاً، بينما تسعى الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى التوصل إلى تسوية سريعة من خلال تعزيز الردع العسكري لأوكرانيا وضمانات أمنية أوروبية، ونشر قوات أوروبية داخل البلاد، وتوسيع دور الاستخبارات الأميركية.
وأكد المسؤولون أن الوثائق الأمنية الجديدة، التي أعدت خلال اجتماعات برلين، تهدف إلى إقناع أوكرانيا بتقديم تنازلات إقليمية، بما يشمل التوقف عن مساعي الانضمام إلى حلف الناتو، دون الإضرار بقدرتها الدفاعية على المدى الطويل.
من جهتها، أكدت روسيا أن أي نشر لقوات الناتو في أوكرانيا غير مقبول، مشددة على عدم تقديم تنازلات بشأن دونباس وخيرسون وزابوروجيا وشبه جزيرة القرم، فيما أبدت استعدادها لمواصلة الحوار مع الولايات المتحدة لتجاوز الخلافات بشأن آليات حل النزاع.
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن المحادثات تشهد تقدماً ملموساً بفضل التوافق بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، لكنها شددت على أن وقف إطلاق النار الشامل لا يزال بعيد المنال، وأن أي اتفاق نهائي سيتطلب تنازلات كبيرة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وتسعى إدارة ترامب إلى اعتماد مقاربة “الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا” لتقليص مخاطر اندلاع حرب أوسع، فيما تتمسك أوكرانيا وأوروبا بضرورة ردع موسكو وعدم منحها أي ثقة مسبقة.
هذا وتدخل محادثات برلين مرحلة دقيقة مع اقتراب الحرب الروسية الأوكرانية من عامها الرابع، في ظل تباينات واضحة بين التوجه الأميركي الأوروبي وأوكرانيا من جهة، وروسيا من جهة أخرى. وتسعى واشنطن إلى تسوية النزاع سريعاً لتقليل المخاطر على أوروبا، بينما تعتبر كييف وأوروبا أن أي اتفاق غير متوازن قد يترك أوكرانيا ضعيفة ويمنح روسيا قدرة على إعادة رسم الحدود بالقوة.
وتأتي المسودة الجديدة ضمن جهود أميركية أوروبية لتقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، مع حثها على تقديم تنازلات إقليمية محددة، في حين تشدد روسيا على حماية مصالحها الإقليمية ورفض أي نشر لقوات حلف شمال الأطلسي داخل أوكرانيا.
نائب في البرلمان الأوروبي: قادة أوروبا هم الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية
أكد عضو البرلمان الأوروبي عن حزب “اتحاد سارة فاغنكنخت من أجل العقل والعدالة” الألماني ميكيل فون دير شولينبورغ أن قادة الدول الأوروبية الحاليين يعدون من الأسوأ في تاريخ القارة منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي مقابلة مع المجلة السويسرية “دي فيلت فوشه”، قال شولينبورغ: “أعتقد أن لدينا أسوأ السياسيين منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأضاف أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدرش ميرتس، لديهم معدلات شعبية منخفضة بشكل قياسي وفقًا لنتائج استطلاعات الرأي.
وأشار شولينبورغ إلى أن هؤلاء القادة هم أنفسهم الذين “يقرعون طبول الحرب”، لكنهم في الوقت نفسه “لم يعودوا يحظون بشعبية بين شعوبهم”. ووصف الوضع بأنه “جنون بحت”، مؤكدًا أن هؤلاء القادة “لا يستطيعون فعل أي شيء ولا يمكنهم التأثير في أي شيء”.
كما قدم النائب تقييمًا نقديًا لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مشيرًا إلى أنها “تفكر بطريقة أحادية البعد”، وهو أمر وصفه بـ”الخطير للغاية، خاصة في أوروبا المتنوعة” وفي زمن الحرب.
وأضاف: “يمكنها التفكير في اتجاه واحد فقط، وهذا صحيح. السيدة (كايا) كالاس (رئيسة الدبلوماسية الأوروبية) أسوأ منها”.
بوتين: مزاعم استعداد روسيا لمهاجمة أوروبا “أكاذيب وخزعبلات”
وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، التصريحات التي تتحدث عن احتمال شنّ روسيا هجومًا على أوروبا بأنها “أكاذيب وخزعبلات”، مؤكدًا أن الغرب يسعى إلى إثارة الذعر لدى مواطنيه عبر اختلاق تهديد روسي غير واقعي.
وقال بوتين خلال اجتماع موسّع لهيئة وزارة الدفاع الروسية: “في أوروبا يغرسون في أذهان الناس مخاوف بشأن حتمية الصدام مع روسيا، ويرفعون مستوى الهستيريا بزعم ضرورة الاستعداد لحرب كبرى. لقد قلت مرارًا وتكرارًا: هذا كذب وهذيان محض”.
وأضاف أن هذه المزاعم الغربية لا تستند إلى أي أساس من الصحة، مشيرًا إلى أن بلاده ماضية في تطوير قدراتها الدفاعية لضمان أمنها القومي وتوازن الردع الاستراتيجي.
وأكد بوتين أن الصاروخ الروسي أوريشنيك متوسط المدى فرط الصوتي سيدخل الخدمة القتالية قبل نهاية العام الجاري، لافتًا إلى أن منظومات بوريفيستنيك المجنحة ذات المدى غير المحدود، والغواصة المسيرة بوسيدون، ستؤمّنان التكافؤ الاستراتيجي لروسيا لعقود مقبلة.
وقال: “تم اختبار صواريخ بوريفيستنيك وغواصة بوسيدون بنجاح، وسنواصل العمل على تحسينهما وتطويرهما وتحديثهما”.
وأشار بوتين إلى أن تعزيز القوات النووية الاستراتيجية يمثل أولوية قصوى لروسيا، بوصفها عنصرًا أساسيًا في منظومة الردع، مؤكدًا أن “الدرع النووي الروسي أكثر حداثة من أي قوة نووية أخرى في العالم”.
وأضاف الرئيس الروسي أن قوات بلاده تمكنت هذا العام من تحرير نحو 300 بلدة في إطار العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مؤكدًا أن الجيش الروسي “يمسك بزمام المبادرة الاستراتيجية على جميع الجبهات”.
وفي سياق حديثه عن العلاقات مع الغرب، قال بوتين إن “الولايات المتحدة أبدت استعدادًا للحوار، وكذلك أوروبا، لكن الأمل في تغيير مواقف النخبة الحاكمة هناك ضئيل”، مضيفًا أن موسكو “لم تبدأ الحرب في أوكرانيا، بل الغرب هو من دفع الأوضاع نحو الانفجار عبر دعم الانقلاب المسلح هناك”.
وختم الرئيس الروسي بالقول إن العملية العسكرية الخاصة “أعادت لروسيا مكانتها كدولة ذات سيادة كاملة بالمعنى الحقيقي للكلمة”.





اترك تعليقاً