سعادة السفراء في ليبيا.. الطريق للانتخابات واضح فلماذا تُعيدون اختراع العجلة؟!

وصف عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، انتهاء اللقاء التشاور بين لجنتي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الذي عُقِد بالعاصمة المغربية الرباط، في اليومين الماضيين، بحضور المبعوث الخاص وسفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا، بأن عدم توافقهما كان متوقعا باعتبار أن الخلافات في الرؤى حول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بينهما كبيرة ومعروفة مسبقا وأن تركيبة وفد مجلس النواب في اللقاء التشاوري لم تكن تُمثل أغلبية أعضاء مجلس النواب وإنما شكلت برغبة أكيدة ومصرة على الاعتراف بالقانون الذي أعده واعتمده رئيس المجلس عقيلة صالح منفردا ولم يتم التصويت عليه في جلسة صحيحة، في حين أن وفد مجلس الدولة ذهب للرباط حاملا معه رأي الأغلبية للمجلس بعد مداولات حول أسسها.

وقال عضو المجلس الأعلى للدولة في حديث مع شبكة “عين ليبيا”، إن هناك فرق في أن تفاوض لجنة تحمل رأي المجلس وبين أن تحمل رأي الأقلية التي ستصطدم في النهاية بالأعضاء الذين تم تهميشهم.

وأضاف: “كلنا يعلم أن القرارات والقوانين التي تصدر عن مجلس النواب أو في أحسن الأحوال أغلبها لا يتم التصويت عليها وبالتالي فإن فرضها على الشعب الليبي يدخل في باب المستحيل”.

ونوه الشاطر إلى أن الخلاف ينحصر في موقفين اثنين لا ثالث لهما “موقف عقيلة صالح رئيس المجلس الذي يفرضه فرضا على بقية الأعضاء منهم المتغيب والصامت وغير المبالي، وموقف المجلس الأعلى للدولة الذي لا يُتّخذ إلا بالإجماع وفي جلسة صحيحة”.

وأوضح أن المجلس الأعلى للدولة رفض القانون الذي صوت عليه عقيلة صالح منفردا معتبرا إياه مخالفا لكافة الاتفاقيات والنصوص الدستورية واللائحة الداخلية للمجلس وأنه فصّل القانون على مقاسه ومقاس خليفة حفتر في مسعى للسيطرة على الدولة الليبية لإعادة دكتاتورية الفرد التي أنهتها ثورة السابع عشر من فبراير، وبالتالي فإن قانون عقيلة صالح يعتبر وصمة عار في جبين مجلس تشريعي منتخب ليمثل الأمة الليبية لا أن يتحول لخدمة أفراد بعينهم، بتمكينهم من العودة لمناصبهم في حال فشلهم في الانتخابات، سخف ما بعده سخف، على حد وصف الشاطر.

وأبدى الشاطر أسفه أن يتماهى مع هذا التصرف الفردي العديد من سفراء الدول الغربية وفي مقدمتهم المبعوث الخاص وسفير الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا الذي لا يكاد يمضي يوم دون أن يرشقنا بتصريح أو تغريدة يحث على إجراء انتخابات ليبية في الموعد المحدد نهاية هذه السنة دون أن يستلهم من إرادة الشعب الليبي شيئا يخدم استقرار الدولة المنشودة.

ولفت عضو المجلس الأعلى للدولة إلى أن السفير الأمريكي تجاهل تجاهلا كاملا الانتخابات التي أجريت وتم على أساسها صياغة مشروع دستور للاستفتاء عليه بنعم أو لا تماما مثلما تفعل كل الدول في هذا العالم.

وتساءل الشاطر: “لماذا أمريكا والاتحاد الأوروبي ينزلقون إلى ما يريده عقيلة صالح وحفتر وقلة من أنصارهما إلى منزلق البحث عن قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات سواء كانت رئاسية أو برلمانية؟، ويتجاهلون مشروع الدستور المعد من هيئة منتخبة وبالتالي يضعون أنفسهم بتصريحاتهم أنهم يتماهون مع تفكير عقيلة صالح وخليفة حفتر اللذين يرون في الدستور طريقا لتأسيس دولة الحق والقانون والمؤسسات الدستورية التي تكرس التداول السلمي على السلطة وتمنع نشوء طغيان جديد يتمثل في فرد أو حزب؟ وهذا ما يزعجهم ولا يريدون أن يتحقق، فإذا كانت حجتهم أن مشروع الدستور مختلف عليه فإنه تفكير لا يتماشى مع العصر فالدساتير في كل بلاد الدنيا لا تتمتع بإجماع مطلق وأن من له الحق الحصري في تعديله هم الأجسام البرلمانية”.

وتابع: “أقول لسعادة السفراء ومن ضمنهم السفير الأمريكي ضيوفنا الكرام في هذه الدولة التي تصارع مؤامرات يعلمونها جيدا وصلت إلى حد شن اعتداءات عسكرية لإفشال ثورتها التي تسعى لإقامة نظام ديمقراطي جيد ومشرف أقول لهم بأن الانتخابات شأن ليبي صرف وإذا أرادوا مساعدتنا للخروج من هذه الدوامة التعيسة المقلقة لنا ولهم فليس هناك أفضل من الانحياز إلى إرادة الشعب الليبي الذي تعامل مع الإعلان الدستوري المؤقت وأجرى بموجبه انتخابات عامي 2012 و 2014 وحيث أن انتخاب رئيس للدولة غير متضمن بالتفصيل في الإعلان الدستوري المؤقت فليس أمامنا جميعا نحن وهم إلا الذهاب إلى انتخابات برلمانية وفقا لقانون انتخاب المؤتمر الوطني العام أو القانون الذي انتخب على أساسه مجلس النواب وعلى مجلس النواب الجديد النظر في مشروع الدستور الجاهز احتراما للناخب الليبي وللهيئة التي صاغته ليتم انتخاب رئيس للدولة وفقا لدستور معتمد، غير ذلك قفزات في الهواء بل أنها تدعم طرف باغي على آخر يبحث عن الاستقرار وبناء الدولة فلا تخذلوا الشعب الليبي حتى نصل إلى نتيجة حسنة نهاية هذا العام”.

كما تساءل الشاطر: “لماذا الإصرار على إيجاد قاعدة دستورية وهي موجودة في الإعلان الدستوري؟ إن التفاوض بين الفرقاء على استحداث إطار دستوري للانتخابات وهو موجود في الإعلان الدستوري المؤقت المعمول به إلى هذه اللحظة يعتبر نهجا سيئا لا يخدم الإسراع في الوصول إلى الاستقرار والمرحلة الدائمة”.

وأردف: “كل السفراء يدركون أن دولة بلا دستور أمر غير مقبول بل ومستهجن.. فهل تنحازون للحق والمنطق والديمقراطية التي تؤمنون بها وتمارسونها.. أم تمالئون من تعرفون جيدا أنهم يعرقلون بناء ليبيا دولة مدنية يحكمها القانون وتُدير شؤونها مؤسسات دستورية ليصنعوا دولة القبيلة والتخلف”.

واستطرد قائلا: “ما يقوم به عقيلة صالح من إصدار قوانين معيبة قانونيا هو العرقلة الحقيقية التي على المجتمع الدولي أن يقاومها”.

واختتم عضو المجلس الأعلى لدولة عبد الرحمن الشاطر حديثه بالقول: “أليس من المضحك يا سعادة السفراء أن يصدر قانون يُجيز للمترشح لمنصب رئيس الدولة أن يأخذ إجازة لمدة ثلاثة أشهر قبل انطلاق التصويت فإن أصبح رئيسا للدولة كان بها وإن خسر يرجع إلى منصبه ويستلم رواتب الثلاثة أشهر إجازة.. هل لديكم مثل هذه العبقريات في سن القوانين أو بالأحرى هل تسمحون بها؟.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً