انطلقتِ الاحتفالاتُ بالذكرى الأولى لسقوطِ نظامِ بشارِ الأسدِ في سوريا، حيث امتلأتْ ساحةُ الأمويينَ في دمشق بحشودٍ مبتهجةٍ احتفاءً بالتحولاتِ التاريخيةِ التي شهدتها البلادُ، فيما أقيمتْ فعالياتٌ مشابهةٌ في مناطقَ أخرى.
وشهدتْ شوارعُ حماةَ تجمعَ آلافِ المواطنينَ ملوحينَ بالعلمِ السوريِّ الجديدِ، بينما فرضتِ الإدارةُ التي تدير الشمالَ الشرقيَّ قيودًا على التجمعاتِ لأسبابٍ أمنيةٍ، مشيرةً إلى نشاطِ “خلاياٍ إرهابيةٍ” تسعى لاستغلالِ المناسبةِ.
وخلالِ الاحتفالاتِ، ألقى الرئيسُ السوريُّ أحمدُ الشرع خطابًا حضَّ فيه المواطنينَ على الاحتشادِ في الساحاتِ لإظهارِ الفرحةِ والوحدةِ الوطنيةِ، مؤكدًا أن المرحلةَ الانتقاليةَ بقيادته ستستمرُّ أربعَ سنواتٍ لإعادةِ بناءِ المؤسساتِ ووضعِ القوانينِ وإعدادِ دستورٍ جديدٍ يُطرحُ للاستفتاءِ، على أن تُجرى الانتخاباتُ بعدها.
وأشار الشرع إلى أن حكومته أجرَت تغييراتٍ جوهريةً في السياسةِ الخارجيةِ، مع تعزيزِ العلاقاتِ مع الولاياتِ المتحدةِ ودولِ الخليجِ، والابتعادِ عن نفوذِ إيران وروسيا، داعيًا إلى التركيزِ على إعادةِ الاستقرارِ وتحقيقِ التعافي بعد حربٍ دامت أكثرَ من 13 عامًا.
رغم الاحتفالاتِ، لا تزال معاناةُ السوريينَ مستمرةً، أبرزها البحثُ عن المفقودينَ. أمينةُ بقاعي تكتبُ اسمَ زوجها المفقودِ مرارًا وتكرارًا في محركاتِ البحثِ، أملاً في معرفةِ مصيره بعد أن اعتقلته قواتُ الأمنِ السوريةِ من منزله قرب دمشق في 17 أبريل 2012، إلى جانبِ شقيقها أحمد الذي اعتقل في أغسطس من ذلك العام.
وتعمل الهيئةُ الوطنيةُ للمفقودين، التي تشكلت في مايو الماضي، على جمعِ الأدلةِ حول حالاتِ الاختفاءِ القسريِّ في عهدِ الأسد، لكنها لم تقدّم بعدُ للعائلاتِ أي معلوماتٍ عن نحو 150 ألف شخصٍ اختفوا في السجونِ السوريةِ.
وكان سقوطُ الأسد أثارَ الأملَ في أن تكشف سجلاتُ السجون عن مصيرِ المعتقلينَ، وأن يُستخرج رفاتُهم من المقابرِ الجماعيةِ التي حفرتها قواتُ الأسد، ليعادَ دفنُهم بطريقةٍ لائقةٍ، لكن هذا لم يتحقق بعدُ.
عندما دخل مقاتلو المعارضةِ المدنَ السوريةَ العام الماضي، فتحوا السجون لتحريرِ الآلافِ من المعتقلينَ، ومن بينهم سجناءُ سجنِ صيدنايا الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “مسلخٌ بشريٌّ” بسببِ عملياتِ التعذيبِ والإعدامِ واسعةِ النطاقِ.
وتضمنت قائمةُ سجناءِ صيدنايا القتلى، التي اطلعت عليها رويترز، اسمَ علي محسن البريدي وتاريخَ وفاته في 22 أكتوبر 2019 بسبب “توقف النبض والتنفس” مع أوامر بعدم تسليمِ الجثةِ إلى عائلته، وتمت مشاركة المعلوماتِ مع المركز السوري للعدالةِ والمساءلة.
وقالت زينة شهلا، المستشارة الإعلامية للهيئة الوطنيةِ للمفقودين: “بالنسبة لألمِ العائلاتِ، نحن بالفعل بطيئون، لكن هذا الملف يحتاج إلى السير فيه بتأنٍ وبطريقةٍ علميةٍ ومنهجيةٍ، وليس بتسرعٍ”. وأضافت أن استخراجَ الرفاتِ من المقابرِ الجماعية يتطلب خبرةً فنيةً كبيرةً، وربما لا يتم قبل عام 2027.
وفي نوفمبر، وقّعت الهيئةُ اتفاقيةَ تعاونٍ مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الدولية لشؤون المفقودين لتوفير التدريبِ والمعداتِ اللازمة، ومنها مختبراتُ فحصِ الحمضِ النوويِّ للرفاتِ المستخرجة، ويأمل المسؤولون أن يؤدي ذلك إلى تقدمٍ ملموسٍ في ملفِّ المفقودينَ.
ويحتفل السوريون بالذكرى الأولى للإطاحةِ بالأسد، فيما تعاني البلاد من الانقساماتِ وتحاول تحقيقَ الاستقرار بعد حربٍ دامت أكثرَ من 13 عامًا، أسفرت عن مقتلِ مئاتِ الآلافِ وتهجير الملايين ولجوء نحو خمسة ملايين إلى الدولِ المجاورةِ.
مظلوم عبدي يؤكد التزام “قسد” باتفاق 10 آذار ويدعو لحوار شامل يصون مصلحة السوريين
أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، التزام قواته باتفاق 10 مارس الموقع مع الحكومة السورية، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب حوارًا جامعًا يضع مصلحة السوريين فوق كل اعتبار.
وكتب عبدي في منشور على حسابه بمنصة “إكس” أن سوريا دخلت قبل عام مرحلة جديدة عقب سقوط النظام السابق، مهنئًا أبناء الشعب السوري بهذه الذكرى التي تؤكد إرادتهم في بناء مستقبل يقوم على العدالة والاستقرار والشراكة وصون حقوق كل المكوّنات.
وأضاف أن المرحلة الراهنة تفرض مسؤولية وطنية مشتركة وحوارًا جامعًا يضع مصلحة السوريين فوق كل اعتبار.
وجدد عبدي تأكيد التزام “قسد” باتفاق العاشر من مارس، واصفًا إياه بأنه يشكل أساسًا لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية، بإرادة أبنائها ومحصّنة بقيم الحرية والعدالة والمساواة.
ويصادف غدًا الاثنين 8 ديسمبر الذكرى الأولى لرحيل حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وتمكن المعارضة المسلحة بقيادة أحمد الشرع من دخول العاصمة دمشق والسيطرة على مفاصل الدولة، بعد معارك مع القوات النظامية بدأت في ريفي حلب وإدلب.
ووقع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في 10 مارس الماضي اتفاقًا يقضي باندماج “قسد” ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي تقسيم.
ودعت الحكومة السورية قوات “قسد” للانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 مارس، كما حثت الوسطاء الدوليين على نقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من القوات الأميركية في شمال شرق سوريا، أعلنت بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011 إنشاء إدارة ذاتية خاصة بها في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظات حلب والحسكة والرقة ودير الزور.
وتأسست قوات سوريا الديمقراطية بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وبرزت كقوة مسيطرة على شمال شرق سوريا من خلال إدارة ذاتية في المحافظات الرئيسية، ما جعلها طرفًا رئيسيًا في المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام السابق، حيث سعى اتفاق 10 مارس إلى دمجها ضمن مؤسسات الدولة السورية وضمان وحدة الأراضي ورفض أي تقسيم، مع التأكيد على حوار شامل يضمن مشاركة جميع المكوّنات السورية.






اترك تعليقاً